شهدت كلية طب القصر العينى مناظرة ساخنة بين ممثلين للتيار الليبرالى والشيوعيين والإخوان المسلمين، حيث أكد الإخوان أن شعار "الإسلام هو الحل" سياسى وليس دينيا، وأكدوا على ضرورة إلغاء النيابة العسكرية وأمن الدولة.
وطالب التيار الليبرالى الذى مثله الدكتور عمرو حمزاوى بمنع استخدام الشعارات الدينية وشعار "الإسلام هو الحل" فى الانتخابات المقبلة، معتبرا أنه يخلط بصورة غير صحية بين الدين والسياسة، وأكد على ضروة التنظيم الواضح والصريح فى استخدام الشعارات الدينية.
وقال حمزاوى "عانينا طوال السنوات من خلط غير صحى بين الدين والسياسة، والرموز الدينية والشعارات يجب أن يمنعا باسم الدين، وجماعة الإخوان وحزبهم تحت التأسيس "الحرية والعدالة" ليس من حقهم أن يتحدثا هذا الشعار كأنه احتكار لاستخدام الدين فى السياسة".
ورد عليه الدكتور أحمد أبو بركة أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر وممثل جماعة الإخوان المسلمين قائلا إنه يختلف جذريا مع الدكتور عمرو حمزاوى فيما قاله بخصوص شعار الإسلام هو الحل، لأنه لا مجال للحديث بعد كلمة القضاء والمحكمة الإدارية العليا، والتى اعتبرت أنه شعار سياسى يتفق مع الدستور بكامله والقانون بكامله، ولا يميز بين المصريين، إذ إن الشريعة لا تعرف التمييز بين الناس بسبب الدين".
فرد حمزاوى: "استخدام مثل هذه الشعارات بات غير مطلوب بالنسبة للإخوان لأنه بمثابة احتكار لرؤيتهم، وينافى فكرة الديمقراطية"، داعيا إلى تنزيه الدين عن استخدامه فى المعارك السياسية، وتساءل "ماذا نقول عن حزب الوسط وهل من حقه أن يستخدم نفس الشعار أم لا".
وقال بركة: "عندما نقول إن الإسلام هو الحل نعبر عن جزء من إسلامنا وعدم التعسف وعدم الجور، لأنه يعزز قيم الحرية، فهو الهيبة الإلهية التى بدونها يكون الفرد عبدا يباع ويشترى"، مضيفا أن فقهاء وعلماء العالم جعلوها مصدرا للتشريع واستلهموا أحكاما من الشريعة الإسلامية والنظام التأمينى الأمريكى نفسه استمد من الشريعة الإسلامية.
شهدت المناظرة الساخنة التى أدارها الكاتب الصحفى محمود مسلم، ونظمتها أسرة شباب القصر الحر اتفاق الجميع على ضرورة أن تكون مصر دولة مدنية، وأدان جميع الأطراف ما حدث فى إمبابة، وطالبوا بضروة أن يقف المجتمع المصرى وقفة حاسمة لعودة الجهاز الأمنى وانضباطه، وأن يضحى كل تيار من أجل سلامة البناء الوطنى المصرى الذى لم يشهد مثل هذه الأحداث فى تاريخه.
ورد عمرو حمزاوى على ما يثار بمطالبته بالزواج المدنى، مشيرا إلى أن الفكرة الليبرالية تقوم على الحرية الشخصية بما لا يتعارض مع الصالح العام، ومع ما استقر عليه المجتمع من عادات وتقاليد تحتل الشرائع السماوية بينها كبيرة، وأكد أن ما قاله ويقصده أنه ينبغى السماح بالزواج المدنى، بما لا يتعارض مع الشريعة الإسلامية.
وأكد أن الجماهير ستختبر فى الفترة المقبلة مدى التزام التيارات السياسية التى تؤكد فى تصريحاتها على مدنية الدولة من عدمه، وشدد على أنه إذا كنا ملتزمين بمدنية السياسة، فيجب ألا يميز الدستور المصرى بين مصرى ومصرية على أساس الدين والعرق أو أى شىء آخر، ودعا إلى استلهام المرجعيات الدينية والقيم دون أن يقتصر الأمر على مرجعية دينية واحدة، مع الاستفادة من القوانين الوضعية الأخرى، خاصة أن هناك فقها مصريا تراكم منذ القرن التاسع عشر فى الفقه الوضعى.
ورداً على سؤال حول موقفه من المادة الثانية من الدستور، أكد حمزاوى أنه يجب إضافة ما يتيح لغير المسلمين التعامل وفق شرائعهم السماوية للمادة الثانية، ورداً حول موقفه من قضايا مثل "المثلية الجنسية" أوضح أن نقاط الانطلاق لدى الليبرالية "الحرية ـ تكافل الفرص ـ سيادة القانون"، وأن الدعوة الليبرالية فى مصر لا يمكن أن تدافع عن أمور مثل المثلية الجنسية لأنها لا تستدعى الفكرة الليبرالية من الغرب، وإنما تتعامل مع الصالح العام فى مصر وما يقتضى الحفاظ على الشرائع السماوية والعادات والتقاليد، مشدداً على أنه لا حديث عن شرعنة أو قبول المثلية الجنسية نهائيا.
وأشاد الدكتور محمود أبو النور برؤية الدكتور عمرو حمزاوى، معتبرا أن حديثه عن الزواج المدنى لا يختلف عن نظرة الزواج فى الإسلام، ورؤيته عن الدولة المدنية لا تختلف عن جوهر الحكم فى الإسلام، مشدداً على أن فكرة الحكم باسم الله ظلم بين وتجاوز للحقيقة.
وأشار إلى أن رؤية الإخوان لدولة المواطنة أنها رابطة قانونية بين الفرد والدولة، دون تمييز أو تحريف أو ممارسة، وأنهم يرون ضرورة أن تكون إدارة الدولة محايدة فلن يعين حزب الحرية والعدالة أفراده فى الحكومة، وأن الدولة لها دستور مكتوب يحدد شكل الدولة وأوضاعها، لافتا إلى أن الأديان ليست ضد الحريات، ولكن انحراف البشر عن الأديان هو الذى ظلم البشر وظلم الأديان.
وأكد أن حزب جماعة الإخوان المسلمين ليس ضد ترشح المرأة والقبطى لرئاسة الجمهورية، وإنما أعلن أنه لن يرشح امرأة أو قبطيا، ولكن عند الاختيار سيختار أعضاؤه الأكفأ والأصلح لمصر، وأشار إلى أن الجماعة لم تحدد بعد موقفها من مرشحى الرئاسة لعدم رغبتها فى استباق الأحداث، وردا على سؤال الكاتب محمود مسلم حول إعلان الجماعة موقفها من الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، اعتبر "أبو بركة" أن ذلك حالة خاصة لأن الجماعة "تريد أن تكون صادقة إلى مالا نهاية بأنها لن تدعم ولن ترشح أى شخص من الإخوان كما أعلنت".
ورداً على سؤال حول موقف الجماعة من الجامعات السلفية ومن تطبيق الحدود، جاءت الإجابة مقتضبة، حيث قال "موقف الإخوان حتى اليوم لم يتغير، ونحن ضد العنف والقتل، والإخوان عندما أنشئا النظام الخاص وحملوا السلاح كان فقط ضد المحتل، والتاريخ يشهد بذلك، والتجارب الناجحة فى الفترات الانتقالية هى التى أديرت بطرق جماعية، ونحن نفتح ذراعينا للسلفيين وغيرهم، ولا نتهم أو نخون أحداً ولا نحاكم الأفكار والمعتقدات، ونتعامل فقط من خلال السلوك، والحفاظ على النظام والدستور الحريات العامة وكيفية احترام القانون".
ورداً على سؤال حول حرية الاعتقاد، قال "الإسلام أكبر دين كفل حرية الاعتقاد، فلا جريمة أو عقوبة إلا بنص، ولكن الشاب الذى ينشأ فى أسرة مسلمة إذا بلغ الحلم فعليه أن يدخل المسيحية أو أى ديانة كما يشاء، فإذا دخل الإسلام أن يحترم الدين وقواعده".
من جانبه أكد صلاح عدلى سكرتير الحزب الشيوعى الرسمى، رداً على سؤال "هل الشيوعية تلغى الدين"، أن الشيوعيين يؤكدون دائما أن معركتهم ليست مع السماء، والبعض يحاول أن يجرهم لهذه المنطقة، رغم تأكيدهم الدائم على احترام حرية العقيدة، وقال "نحن نؤكد أن معركتنا فى الأرض مع الناس فى السياسة وليس مع السماء".
وشدد على أنه لا يوجد منشور واحد شيوعى يزدرى الأديان، وأن مثل هذا الكلام المقصود به تشويهنا، وقال "نحن نؤمن بالجماهير وضد الإرهاب ولا نؤمن بوجود أقلية صغيرة تؤمن بقلب المجتمع بعنف".