مصطفى الفقى: مبارك أوهم نفسه أنه سيذهب إلى شرم فى إجازةأعرب الدكتور مصطفى الفقى مرشح مصر لمنصب الأمين
العام لجامعة الدول العربية عن ثقته فى المصريين، وفى أن المستقبل سيكون
أفضل على المدى البعيد وأن كان هناك الكثير من المشاكل على المدى القصير،
مشيراً فى حديث لصحيفة "الصباح" التونسية نشرته أمس، الثلاثاء، إلى ملاحظة
أن شباب الثورة شديد النقاء ويرفض كل ما يتصل بالماضى بشكل حاد للغاية،
ربما ليس هذا المطلوب بالضبط، لأن الحياة فيها تواصل بالضرورة، فليس كل من
عاش فى الفترة السابقة للثورة كان فاسداً، وللأسف فإن هناك من بات يتصور أن
الحياة تبدأ من 25 يناير.
قائلاً: "الثورة المصرية ما تزال فى حالة المخاض والتغيير، وهناك بعض
المظاهر الاحتجاجية.. والأمور لن تستقر قبل أن تجرى الانتخابات البرلمانية
والرئاسية ويأتى رئيس مدنى، ويشكل لجنة لوضع دستور، مشيراً إلى بعض
الانفلاتات الأمنية سببها انهيار جهاز الشرطة خلال الثورة.
وقال الفقى، إن ما يقلقنا فعلاً، هو توقف عجلة التنمية، وهيمنة الرغبة فى
الانتقام ومحاولة هدم الماضى، دون أن يكون لدينا نفس الحماس لبناء
المستقبل.. والبعض يعتبر أن الخروج من هذه الدوامة هو إحالة المفسدين فى
النظام السابق إلى القضاء ومحاكمتهم بتهم الفساد، مشدداً على أن سيادة
القانون ينبغى أن تكون الشعار الأساسى، لأن تعريف الدولة الديمقراطية كونها
دولة القانون، معرباً عن اعتقاده بضرورة ترك النظر فى رموز الفساد للقضاء،
بحيث لا يتوقف الشعب المصرى أو الشعب التونسى عند من سيحاكم وكيف ومتى
وغير ذلك من التفاصيل، وإنما تحال هذه القضايا إلى العدالة.
وحول محاكمة الرئيس السابق حسنى مبارك، أوضح الفقى، أن "مبارك هو الذى وضع
نفسه فى هذه الورطة.. وكان يستطيع الهجرة، بل كان ينبغى عليه أن يهاجر،
ولكنه توهم مثل بن على أنه سوف يذهب إلى شرم الشيخ لمدة أسبوع، وسيتولى
آخرون ترتيب الأوضاع من جديد ثم يعود وكأنه فى إجازة.. ولو أنه علم أن
الأمور ستتطور على النحو الراهن، لكان قد رحل إلى السعودية أو الإمارات أو
لألمانيا للعلاج، ولكنه لم يفعل.."
وأعرب الدكتور الفقى عن أسفه للشعور الانتقامى الحاد من جانب الشعب تجاه
مبارك، قائلاً "نحن لسنا فى فترة انتقالية، بقدر ما نحن فى مرحلة
انتقامية".وليس هناك من شك فى أن هناك أقلية ترى أنه رجل عجوز ومريض وليترك
لسبيله، وآخرون يقولون: ليعد إلينا المليارات المسروقة ويذهب إلى حاله..
والجزء الأكبر يقول لا، إنه قاتل، ولدينا 800إلى 1000 شهيد فى الأحداث،
فلابد أن يدفع الثمن كأى مواطن آخر، ولابد من محاكمته على ذلك، ولو أدى
الأمر إلى أقصى العقوبة.. فلا رحمة فى هذا."
وأشار الفقى إلى أن الساحة السياسية المصرية مهيأة أكثر من أى وقت مضى
للتيارات الدينية، حيث ظهر من خلف الكواليس فجأة، من نسميهم السلفيين، وهم
من أنصار السنة وتطبيقها، ولهم بعض الميول المتصلة بمذاهب دينية متشددة..
ولكنهم ليسو قوة سياسية مدربة، والقوة السياسية المحترفة هى جماعة الإخوان
المسلمين، فلديها 83 سنة، فهذه الجماعة غيرت خطابها السياسى بذكاء، وبدأوا
يتحدثون عن ولاية المرأة، وولاية المسيحى".
وأكد الفقى، أنه خلال سنوات قليلة، فى مصر كما فى تونس، سوف يحدث تحسن
اقتصادى ضخم، وسوف تتدفق الاستثمارات وتنشط السياحة، بحيث يشعر الآخر،
باحترام للبلد، باعتباره بلداً فيه إرادة شعبية حقيقية، تمكن من ضرب الفساد
بشدة، ويستطيع أن يواجه القمع، وكل هذه المسائل تعطى نوعًا من الإحساس
بالإعجاب فى الخارج، وعندما تستقر الأمور "سنستفيد بشكل ملحوظ، لكننى أتصور
أن تسبق ذلك بعض الاختناقات الاقتصادية والمشكلات التموينية وربما ظروفا
اقتصادية صعبة .. المهم أننا مهيئون لهذا فى مصر".
ورداً على سؤال حول عدم ترشحه لرئاسة الجمهورية، اعتقد الفقى أن المسألة
غير يسيرة فى هذه المرحلة الانتقالية، وأن الأجيال الجديدة لديها تفكير خاص
ومختلف عن الرئيس القادم، لكنه اعتقد أن الرئيس القادم سيظهر من بين
الصفوف فجأة.
وحول دور إسرائيل فيما يجرى من ثورات فى العالم العربي، رغم الصمت
الإسرائيلى إزاء هذه الأحداث أوضح د.الفقى انه "أثناء الثورة المصرية أعلنت
تل أبيب أن مجلس الوزراء المصغر فى حالة انعقاد دائم، وبدأ الجيش المصرى
ينظر إلى الجبهة الشرقية للحيلولة دون أى تدخل، خصوصا وأن سيناء ما تزال
مصدر طمع إسرائيلى.. وغداة خروج مبارك، أعلنت القوات المسلحة أن الإدارة
الجديدة المؤقتة ملتزمة بكافة الاتفاقيات والمواثيق الدولية والإقليمية حتى
تنتزع المخاوف لأن هذا ليس ظرف المواجهة على الإطلاق..ولكن مصر لن تتراجع
عن السلام، إنما قد تفكر فى مرحلة قادمة فى تعديل بعض بنود المعاهدة.. ولن
نلغيها"، مشيراً إلى أن التعديل فى المعاهدة ربما يرتبط بالتواجد العسكرى
فى سيناء كمصدر إزعاج للمصريين ثم مناقشة بعض الأمور التى تربط بين السلام
مع الدول التى وقعت، والقضية الفلسطينية نفسها والبرنامج النووى الإسرائيلى
إذ من غير المعقول أن تكون لديك ترسانة نووية وتمنعنى من الاستفادة من
النووى، وهذه كلها أفكار مطروحة، معتقداً أنه لا المجلس العسكرى ولا
الحكومة ولا الأحزاب ولا الإخوان المسلمون بإمكانهم إلغاء اتفاقية السلام
وأن أقصى ما يمكن المطالبة به، هو تعديل بعض البنود فيما بعد.
وأعرب الدكتور الفقى مرشح مصر لمنصب الأمين العام لجامعة الدول العربية عن
أمله أن يتم التوافق بين مصر والأشقاء فى قطر حول منصب الأمين العام
للجامعة لنعفى الدول المختلفة من الحرج، موضحاً أن ترشيح مصر له بسبب مساره
الكامل المرتبط بالتاريخ القومى، وممارسته السياسة فى الحقل القومى
الناصرى، وأن ذلك ظل توجهه طوال حياته، قائلاً: "المجلس العسكرى لم يرشحنى
إلا بعد أن استطلع الرأى العربى الرسمى، ووجد أن لدى حظوظا فى هذا الاتجاه،
بل ربما كنت أوفر المرشحين المصريين حظا"، مؤكداً أن تدوير منصب الأمين
العام للجامعة منطق سليم، والمشكلة "أننا حولنا الموضوع من تقليد مصرى إلى
تقليد عربى، حتى عندما ذهبت الجامعة إلى تونس، أسندت الأمانة العامة إلى
السيد الشاذلى القليبى، فربطنا دائما بين دولة المقر والأمين العام، بسبب
التسهيلات التى يحصل عليها ذلك البلد، ومؤكداً أنه لا يوجد من الناحية
العملية فى العالم العربى ضدى شخصيا ونحن أمة واحدة".
وحول موقف السودان التى تحفظت على ترشيحه، قال الفقى "عندما تتحفظ، تستطيع
أن تبلغ الدولة أنك متحفظ على فلان، لكن الإعلان عنه فى مؤتمر صحفى بتلك
الطريقة، كان رسالة موجهة لغيرنا وليس لنا.. للطرف القطرى تحديداً".
وقال الفقى، "إن سحب المنصب من مصر بعد الثورة، يعطى إشارة سلبية للغاية"،
مضيفاً أن أمير قطر ذاته من الداعمين للثورة والحريصين عليها، وقناة
الجزيرة أسهمت إسهاماً كبيراً فيها، فتمشيا مع هذا السياق، ومن منطلق حبهم
لمصر ولثورة شبابها، فالأمر يعد خصوصيا هذه المرة بالذات.
وحذر من تقسيم ليبيا معربا عن أمله فى أن تتوصل الجهات التى تقوم بالوساطة
إلى نوع من حل المشكلة الليبية، حيث حدثت مجازر وهناك دماء سالت، وعندما
يسيل الدم، فان النهاية تكون قريبة.
وحول اتفاق المصالحة بين فتح وحماس قال هذا خبر جيد، ودليل على أن الدول
القديمة ما قبل ثورة مصر وتونس، كانت تعطل هذه المصالحة، ووضع الأسافين بين
الجانبين.. إنها النتائج الإيجابية للثورات".