هاجمت قوات موالية للزعيم الليبي معمر القذافي، اليوم الخميس،
مناطق لتصدير النفط يسيطر عليها الثوار في شرق ليبيا لليوم الثاني، بينما
تبحث دول عربية خطة لإنهاء الاضطرابات التي قالت واشنطن إنها قد تحول ليبيا
إلى "صومال كبير".وقال زعيم للانتفاضة الشعبية ضد حكم
القذافي الممتد منذ 41 عاما، إنه سيرفض أي اقتراح بإجراء محادثات مع
القذافي لإنهاء الاضطرابات في البلاد التي تحتل المركز الثاني عشر بين أكبر
الدول المصدرة للنفط في العالم.
وفي لاهاي قال لويس مورينو
أوكامبو، مدعي المحكمة الجنائية الدولية، إنه يمكن التحقيق مع القذافي
وأفراد من دائرته المقربة بسبب جرائم مزعومة ارتكبتها قوات الأمن ضد مدنيين
منذ بدء الاحتجاجات في منتصف فبراير شباط.
وقالت إيطاليا إنها
تتأهب لتدفق كبير محتمل للمهاجرين الفارين من التوتر في شمال أفريقيا بعد
زيادة تدفق المهاجرين غير الشرعيين القادمين من تونس المقصد الأول لعشرات
الآلاف الذين فروا من العنف في ليبيا.
وقالت منظمتا (أنقذوا
الأطفال) و(أطباء بلا حدود)، إنهما تواجهان صعوبات في ارسال أدوية ووسائل
رعاية للمحتاجين في ليبيا بعد أن أغلق مسلحون الطرق، في حين يشعر المدنيون
بخوف شديد يمنعهم من طلب المساعدة.
وقال شهود: إن طائرة حربية قصفت بلدة البريقة النفطية في شرق ليبيا بعد يوم من صد هجوم بري وجوي شنه أنصار القذافي على البلدة.
ودعا
المحتجون المسلحون بقذائف صاروخية ومدافع مضادة للطائرات والدبابات، أمس
الأربعاء، إلى شنّ ضربات جوية تدعمها الأمم المتحدة على المرتزقة الأجانب
الذين قال الثوار إنهم يقاتلون لصالح القذافي.
ودعا المحتجون إلى فرض منطقة حظر طيران فوق ليبيا في تكرار لمطلب نائب سفير ليبيا في الأمم المتحدة، والذي انضم إلى معارضي القذافي.
لكنّ
مسؤولين غربيين عبّروا عن الحذر تجاه أي شكل من أشكال التدخل العسكري، بما
في ذلك فرض منطقة حظر طيران، واضعين نصب أعينهم تحذيرًا للقذافي من أن
التدخل الأجنبي في ليبيا قد يؤدي إلى فيتنام أخرى.
وقال ضابط تابع للمحتجين في ليبيا: إن غارات جوية استهدفت، اليوم الخميس، مطار البريقة وموقعًا للثوار في بلدة إجدابيا المجاورة.
وقال
جنود في صفوف المعارضة أيضًا إنه تم إجبار قوات موالية للقذافي على العودة
إلى بلدة رأس لانوف التي يوجد فيها مرفأ نفطي كبير آخر، وتقع على بعد 600
كيلومتر شرقي طرابلس.
وقال محمد المغربي، وهو متطوع في صفوف الثوار، مؤكدًا تصريحات لآخرين: "قوات القذافي في رأس لانوف".
وفي
مشهد غاضب ببلدة العقيلة شرقي رأس لانوف صرخ محتج في وجه شاب أفريقي ألقي
القبض عليه، وقيل إنه من المرتزقة، وقال له: "كنت تحمل أسلحة.. نعم أم لا؟
كنت مع كتائب القذافي.. نعم أم لا؟".
وصمت الشاب، وهو مستند إلى ركبتيه على الأرض. ووجه رجل مسدسًا صوب وجه الأفريقي، لكنّ صحفيًا احتج، وقال له: إن الثوار ليسوا قضاة.
وتسببت
الانتفاضة الشعبية، وهي الأعنف حتى الآن في منطقة الشرق الأوسط وشمال
أفريقيا ضد الحكام في أزمة إنسانية خاصة على الحدود الليبية التونسية، حيث
فر عشرات الآلاف من العمال الأجانب.
وهزت الانتفاضة ليبيا العضو في
منظمة أوبك، وأدت إلى خفض إنتاجها النفطي بنسبة 50 في المئة تقريبا. ويقدر
إنتاج ليبيا من النفط بنحو 1.6 مليون برميل يوميًّا، وهو الدعامة الأساسية
لاقتصاد البلاد.
ومع احتدام القتال بين أنصار القذافي والمحتجين
الذين يسيطرون على مساحات من ليبيا قال عمرو موسى، الأمين العام لجامعة
الدول العربية: إن خطة سلام اقترحها الرئيس الفنزويلي هوجو تشافيز قيد
البحث.
وقال موسى لرويترز عبر الهاتف اليوم: "أخطرنا بخطة الرئيس تشافيز، لكنها لا تزال قيد البحث. تشاورنا مع عدد من الزعماء أمس".
وأضاف موسى إنه لم يوافق على الخطة، ولا يعلم إن كان القذافي قد قبلها.
وتراجعت
أسعار النفط مع ترقب المستثمرين لخطة سلام محتملة تهدف لإنهاء أزمة ليبيا.
وانخفض سعر مزيج برنت أكثر من ثلاثة دولارات إلى 113.09 دولار للبرميل.
وقالت
قناة الجزيرة الإخبارية: إن خطة تشافيز تشمل بعثة وساطة من أمريكا
اللاتينية وأوروبا والشرق الأوسط سعيًا إلى حل سلمي بين القذافي والمناهضين
لحكمه.
وأضافت القناة أن مصطفى عبد الجليل، رئيس المجلس الوطني الليبي، قال إنه يرفض أي محادثات مع القذافي.
وفي تحرك نحو الشرق سيطرت قوات حكومية تدعمها الطائرات، أمس الأربعاء، لفترة قصيرة على بلدة البريقة.
وصرح
ضباط بين المحتجين بأن قوات المعارضة سرعان ما استعادت سيطرتها على البلدة
التي يسيطر عليها الثوار منذ أسبوع. وقالوا إن المحتجين مستعدون للتحرك
غربًا تجاه العاصمة إذا رفض القذافي ترك السلطة.
وشن القذافي
هجومًا، أمس الأربعاء، في كلمة أمام حشد من أنصاره في طرابلس نقلها
التلفزيون الليبي على الهواء مباشرة ضد من وصفهم بأنهم عصابات مسلحة يقفون
وراء الاضطرابات، وقال إنهم جزء من مؤامرة لاستعمار ليبيا والاستيلاء على
نفطها.
وأضاف أنه مستعد لتوزيع أسلحة على مليون أو مليوني أو ثلاثة ملايين شخص، وأن فيتنام أخرى ستبدأ.
وقالت
هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية الأمريكية، في واشنطن: إن من بين المخاوف
الامريكية الكبرى "أن تنزلق ليبيا إلى الفوضى وتصير صومالا كبيرًا".
وحاولت
الحكومة الليبية إقناع الناس في طرابلس بمواصلة حياتهم بشكل طبيعي لكن
الأزمة تؤثر في الحياة اليومية. وامتدت الصفوف أمام البنوك وقال سكان: إن
أسعار الغذاء ارتفعت بينما انخفضت بشدة قيمة الدينار الليبي أمام الدولار
في التعاملات بالشارع.
وفي بنغازي معقل المعارضة احتشد رجال من كل الاعمار بجوار مبنى محكمة وانخرطوا في نقاشات ساخنة مستمتعين بحرية التعبير.
وقال أحد الحضور: "يجب أن نذهب إلى طرابلس ونتخلص من القذافي". ولقي ما قاله استحسانا من المحيطين به.
وقال أحمد الشريف، وهو محتج يبلغ من العمر 60 عامًا: "لكننا لا نملك سوى ملابسنا لحمايتنا من المدافع".
وقالت
وزارة الدفاع الهولندية، اليوم الأربعاء، إن السلطات الليبية اعتقلت ثلاثة
جنود هولنديين يوم الأحد الماضي أثناء محاولتهم إجلاء هولندي من مدينة سرت
شرقي طرابلس.
وقال نائب سفير ليبيا في الأمم المتحدة، والذي كان من
أوائل الدبلوماسيين الذين انشقوا عن القذافي: إن المنظمة الدولية قد تدعم
قرارًا بفرض منطقة حظر طيران فوق ليبيا إذا طلب المجلس الوطني الليبي هذا
رسميًّا.
والحكومة الأمريكية حذرة بشأن فرض منطقة حظر طيران فوق
ليبيا، وأكدت على وجود مخاطر دبلوماسية وعسكرية، لكنها حركت سفنا حربية إلى
البحر المتوسط.