أشار الكاتب الصحفي الشهير روبرت فيسك، في مقاله اليوم الأحد، في صحيفة
"الإندبندنت" البريطانية إلى أن الثورات التي يشهدها الشرق الأوسط في الآونة
الأخيرة هي ثورات علمانية ولا دخل للدين فيها.
وقال إن مبارك وبن
علي زعما أن الإسلاميين هم من وقفوا وراء الثورة المصرية، كما اتهم العاهل الأردني
الملك عبد الله "أياد مظلمة وشريرة"، ربما تكون تنظيم القاعدة أو الإخوان المسلمين،
بأنها هي التي تؤجج نيران العصيان المدني في العالم العربي. وبالأمس، أعلنت السلطات
البحرينية أن حزب الله الشيعي هو المحرك لانتفاضة الشيعة في البحرية، برعاية إيران.
وتعجب فيسك: كيف يمكن لشخص متعلم واحد، حتى لو كان غير ديمقراطي، ألا يفهم
ما يحدث؟ إن الانتفاضات العربية لا علاقة لها بالدين، ومع ذلك ألقت السلطات باللوم
على الإسلاميين، كما وقع الشاه الإيراني من قبل في نفس الخطأ، عندما كانت الثورة
الإيرانية إسلامية، وألقى هو باللوم على الشيوعيين!
وانتقد فيسك كلا من
الرئيس الأمريكي باراك أوباما ووزيرة خارجيته هيلاري كلينتون، لمساندتهما الأنظمة
الديكتاتورية في الشرق الأوسط، بينما كان ينبغي عليهما مساندة الديمقراطية والساعين
لها. الآن، لا يريد المحتجون مساعدة من أمريكا، فقد أطاحوا بمبارك في مصر من دونها،
وفي البحرين، يقول المتظاهرون إن الأمن يطلق عليهم الرصاص من أسلحة أمريكية،
والقنابل المسيلة للدموع كانت أيضا أمريكية، حتى الشرطة كانت مدربة أساسا في
الولايات المتحدة الأمريكية، والآن يريد أوباما وإدارته مساندة
الديمقراطية؟!
وأوضح أن الروح المعادية للأنظمة القمعية في الشرق الأوسط،
التي أشعلت الثورات وستخلد في كتب التاريخ لمئات السنين، نادت بالكرامة والعدالة،
ولم تدعو إلى إقامة إمارة إسلامية، وهو ما يثبت فشل المتشددين في تغيير أوضاع القمع
والديكتاتورية.
ورأى فيسك أن أحدث مقاطع الفيديو لتنظيم القاعدة الذي ظهر
أمس السبت، تم تسجيله قبل الإطاحة بمبارك. وفي الوقت الذي شدد فيه الفيديو على
ضرورة انتصار الإسلام في مصر، كانت قوى العلمانيين والقوميين والمسلمين المعتدلين
والمسيحيين، رجالا ونساء، منذ أسبوع واحد فقط قد تخلصت من مبارك دون مساعدة أسامة
بن لادن.
وتعجب الكاتب البريطاني من رد فعل إيران، حينما حاول المرشد
الإيراني الأعلى إقناع الناس أن نجاح الشعب المصري في ثورته هو انتصار للإسلام. و
بينما كانت الجمهورية الإسلامية تمدح الديمقراطيين في مصر، كانت تهدد بإعدام قادة
المعارضة الديمقراطية في إيران.
وشدد فيسك على أن هتاف المتظاهرين المسلمين
في مصر مثلا "الله أكبر" كان يؤكد تمسكهم بمعتقداتهم، فتلك لم تكن "حربا دينية"
بالنسبة إليهم، وإنما كان ذلك "جهادا" ضد الظلم ومن أجل العدالة، وهو أهم ما حث
القرآن عليه.
أما الوضع في ليبيا فغريب للغاية، والكتاب الأخضر بنظرياته
مثير للسخرية، حكم القذافي قاس جدا، فهو في سدة الحكم منذ 42 عاما. "هذا الرجل يهدد
بإبادة شعبه لو خرج عليه مطالبا بتنحيه"، كما أن الوضع في ليبيا مشابه نوعا لليمن،
فكلاهما أرض قبلية، وليس معنى أن الزعيمين غير معقولين، أن شعبيهما بالضرورة حفنة
من الحمقى.