تناول مقال الكاتب الشهير روبرت فيسك، اليوم الأحد، في صحيفة "الإندبندنت"
البريطانية، قضية أطفال الشوارع، وكيف تضاعفت أعدادهم عشرات المرات في ظل نظام
مبارك البائد، وكيف كان يتم استغلالهم والإساءة إليهم.
وقال فيسك إنه خلال ثورة 25 يناير، وبالتحديد يوم جمعة الغضب 28 يناير،
أطلق ضباط من قسم السيدة زينب الرصاص على فتاة من الأطفال المشردين، تدعى مريم
وعمرها 16 عاما، لأنها كانت واقفة تصور الاشتباكات بين المتظاهرين وأفراد الأمن
أمام قسم الشرطة بهاتفها المحمول. وكانت مريم برفقة 100 من أطفال الشوارع الآخرين
الذين يطالبون بإطلاق سراح زميلهم إسماعيل ياسين من القسم.
ضباط الشرطة
أطلقوا رصاصة على ظهر مريم، فحملها أصدقاؤها إلى مستشفى المنيرة التي رفضت علاجها
خوفا من المسؤولية، فحملها الأطفال من جديد إلى مستشفى أحمد ماهر، وماتت بعدها. أما
صديقهم إسماعيل فأطلق سراحه عندما تعرض قسم الشرطة إلى التخريب وأشعل الغاضبون
النار فيه. إسماعيل لم يكن يعرف إلى أين يتوجه، فذهب باتجاه شارع خيرت، القريب من
ميدان لاظوغلي حيث توجد وزارة الداخلية، وتم إطلاق رصاصة على رأس إسماعيل من مسلحين
مجهولين، ومات على الفور.
وقال فيسك: إن وجود 50 ألف طفل شوارع مشرد في
القاهرة وحدها على الأقل يعتبر إرثا مخزيا تركه النظام قبل رحيله، ومعظمهم من
الفقراء الأيتام والمنبوذين، يدمنون شم الكلة وأنواع أخرى من المخدرات، أما الفتيات
فغالبا يلقي أفراد الشرطة القبض عليهم ويتعرضن للاغتصاب.
وقال فيسك إنه
التقى ببعض من هؤلاء الأطفال، وأكدوا له أن مؤيدي مبارك كانوا يأخذونهم إلى التحرير
ويطلبون منهم إلقاء الحجارة على الثوار هناك، وكانوا يقنعونهم بأن هؤلاء المرابطين
في ميدان التحرير هم أعداء الوطن. لكن الأطفال عندما دخلوا بين المعتصمين في
التحرير لاحظوا أنهم يمنحونهم الطعام والمال ويعاملونهم جيدا.
وطبقا لشهود
عيان، تعرض أطفال مشردون إلى إطلاق رصاص مطاطي من الشرطة، عندما كانوا يتواجدون
بالقرب من معارضي النظام، وفي منطقة السيدة زينب وحدها، أكدت واحدة من شهود العيان
أن 12 طفلا من أطفال الشوارع أصيبوا من أسلحة الشرطة.
وأشار فيسك إلى أن
معظم أطفال الشوارع الذين قابلهم كانوا أميين، ولا يستطيعون حتى كتابة أسمائهم،
منهم اليتيم، ومنهم المنبوذين من عائلاتهم، وآخرين يجبرهم آباؤهم للتسول من أجل
المال. لا أحد يعالج المرضى من أطفال الشوارع، لا أحد يهتم بالذين يموتون منهم، تظل
أجسادهم في المشرحة، مجهولة الهوية، لا يسأل عنها أحد.