بعد بجلسة استمرت قرابة 4 ساعات استمعت فيها محكمة جنايات القاهرة، بالتجمع
الخامس برئاسة المستشار محمد فتحى صادق، إلى مرافعة النيابة العامة وأنس
الفقى الذى دافع عن نفسه بعد أن سمحت له المحكمة، وأخرجته من قفص الاتهام،
ليؤكد أنه غير مسئول عن الاتهامات الموجهة إليه بصرف المبالغ، وإهدار
المال العام بشأن الدعاية الانتخابية، وأن المسئول عن ذلك هو قطاع الأخبار،
لأنه تصرف بمفرده دون الرجوع إليه، قبل أن تصدر المحكمة قرارها بحجز
القضية للحكم بجلسة 5 يوليه المقبل.
حيث استمعت المحكمة إلى مرافعة النيابة العامة، التى طالب ممثلها من
المحكمة بتوقيع أقصى العقوبات المنصوص عليها قانونا، فى شأن جريمة الإضرار
العمدى بالمال العام، المسندة إلى أنس الفقى وزير الإعلام الأسبق، ويوسف
بطرس غالى وزير المالية السابق.
وقال ممثل النيابة، إن الوزيرين السابقين أضلهما الشيطان، وأضلهما سواء
السبيل، وسفكا كل القيم المتعلقة بشرف الوظيفة العامة، وأثخنوا المال العام
إهدارا وإضرارا، على الرغم مما أنعم الله به عليهما بالعمل الشريف، فبدلا
من أن يقوما بخدمة البلد الذى ائتمنهما على مصلحته العامة، سعيا للفتك
بالمال العام.
وأكدت النيابة، أن كافة أركان جريمة الإضرار المتعمد بالمال العام من سلوك
إجرامى وقصد جنائى للإضرار بالمصلحة العامة، تتوافر بحق الفقى وغالى فضلا
عن أدلة الإثبات ممثلة فى تقرير اللجنة الفنية المشكلة من خبراء الكسب غير
المشروع بوزارة العدل والأموال العامة، فضلا عن أقوال الموظفين المسئولين
باتحاد الإذاعة والتلفزيون، والتى أشارت إلى قيام الفقى باستخدام أموال
التى تحصل عليها من وزارة المالية فى أعمال الدعاية الانتخابية للحزب
الوطنى (الحاكم سابقا)، والحكومة والرئيس السابق حسنى مبارك.
وأشار ممثل النيابة العامة فى مرافعته أمام المحكمة، إلى أنه ثبت من
المخاطبات الرسمية بين الوزير الفقى والوزير غالى، قيام الأول بطلب مبلغ 36
مليون جنيه من الثانى، لتعزيز موازنة وزارة الإعلام، للقيام بأعمال دعاية
انتخابية تتعلق بـ "الإنجازات التى تحققت منذ عام 1981 وحتى عام 2010 "..
فى إشارة للفترة التى تولى خلالها الرئيس السابق حسنى مبارك حكم البلاد.
وذكرت النيابة، أنه ثبت من الفحص الذى جرى بمعرفة النيابة واللجان الفنية
المختصة، أن وزير الإعلام السابق أنس الفقى قام بصرف قرابة 10 ملايين جنيه
على تجهيزات خاصة بمؤتمرات واجتماعات الحزب الوطنى، والتغطية الإعلامية
والدعائية للانتخابات البرلمانية.
وقالت النيابة، إن شهادة الشهود وفى مقدمتهم رئيس الإدارة المركزية باتحاد
الإذاعة والتلفزيون، ومدير عام الدواوين بوزارة المالية – قررت أنه تم
تدعيم اتحاد الإذاعة والتلفزيون (من خلال مخاطبة وزير الإعلام لوزير
المالية) بمبالغ قدرها 8 ملايين جنيه، ثم 16 مليون جنيه على التوالى، وأن
الفقى حدد أوجه صرف تلك المبالغ فى أعمال دعائية للحزب الحاكم والانتخابات
البرلمانية.
وأشارت النيابة إلى أن الشهود أكدوا، بأن تلك المبالغ استقطعت من الأموال
الاحتياطية المخصصة للسلع الاستراتيجية (القمح – الزيوت – السكر - الأرز
وغيرها) والحاجات الملحة ذات الضرورة القصوى، فى مخالفة صارخة لما هو مقرر
قانونا بشأن أوجه الصرف للمال العام وأولويات الانفاق، فضلا أن قانونى مجلس
الشعب والانتخابات الرئاسية يحظران بصورة مطلقة استخدام الأموال العامة
(بموازنة الدولة العامة) ومنشآت الدولة العامة فى أعمال الدعاية الانتخابية
لأى طرف من الأطراف وتحت أى بند من البنود.
وأن المذكرات المحررة بمعرفة الوزير السابق الفقى، فى شأن تلك الأموال
تضمنت أن الإنفاق من الأموال المطلوبة من وزارة المالية سيكون لصالح أعمال
دعائية انتخابية لمرشحى الحزب الحاكم وإنجازات حكومة رئيس الوزراء الأسبق
أحمد نظيف، وما تحقق من إنجازات فى عهد الرئيس مبارك، الأمر الذى يمثل دليل
إدانة ضدهما (الفقى وغالى) على استخدام المال العام فى غير الأغراض
المخصصة له، فضلا عن أن معايير الإنفاق المنصوص عليها للسلع الاستراتيجية
تتعلق بالحاجات الملحة والحتمية كضرورات للعيش فقط، الأمر الذى يؤكد وقوع
جريمة الإضرار العمدى بالمال العام.
كما استمعت المحكمة إلى أقوال "الفقى"، بعد أن طلب المتهم بإن يدلى
بأقواله، فأكد أنه حافظ على المال العام، حيث أنه قام بصرف مبلغ 9 مليون
فقط من المبلغ الذى تم تخصيصه إلى وزارة الإعلام للانفاق على الدعاية
الانتخابية والرئاسية، وأن باقى المبلغ لا يزال موجودا داخل خزينة الدولة،
وأكد أنه بمجرد أن وصل إليه العلم بوصول حوالة بالمبلغ موضوع الاتهام، قام
بعمل بيان موجه إلى القطاع الاقتصادى، لمنع صرف أى مبالغ مالية دون إذن
وتصريح موقع منه شخصيا.
وأكد أن القطاع الاقتصادى قام بصرف مبلغ 8 مليون جنيه على ثلاث دفعات،
لقطاع الأخبار بدون إذن منه، وهو ما يخالف قراره، وأكد أنه غير مسئول عن
مخالفة القطاع الاقتصادى لأوامره، وأن بمجرد تحويل المبلغ إلى قطاع
الأخبار، أصبحت هذه المبالغ ليست تحت سلطته، وخضعت لسلطة قطاع الأخبار
المسئول الوحيد عن تجهيز جميع المناسبات، التى يحضرها رئيس الجمهورية، وأكد
أنه لم يجتمع بالمسئولة المالية، التى لم تحضر له أى اجتماعات أو ندوات
أومؤتمرات، ولم تتلقَ أى تعلميات منه خلال ست سنوات، والتى تولى فيها منصب
وزير الإعلام سوى مرة واحدة.