طالب أساتذة مناهج وخبراء تربويون بحذف "الإنجازات الوهمية"
للنظام السابق من مناهج التعليم المصري، وإعادة بناء منظومة القيم التربوية
على أساس علمي، بعيدًا عن ألاعيب السياسة وأساليب التزوير.وحذر
أستاذ المناهج بالمركز القومي للبحوث التربوية بالقاهرة، مما سماه "مؤامرة
النظام السابق على التعليم في مصر وهويتها، بتخريب متعمد لدينها وعقيدتها
ولغتها ومناهجها وتاريخها".
وأكد السيد في حديثه للجزيرة نت، أن
النظام السابق قام بحذف كل ما يمس الكيان الصهيوني في كتب اللغة العربية
والتربية الدينية والتاريخ، كما تعمد إهمال وتهميش اللغة العربية، وأطلق يد
اللغات والمدارس والجامعات الأجنبية.
ونبه إلى خطورة تشويه المناهج
التعليمية بالإنجازات الزائفة وتزييف التاريخ لصالح نظام سياسي، كرس فكرة
توريث الحكم وروج لها، ولإيجابيات النظام السابق ودوره في ضمان الاستقرار.
إنجازات زائفة
وقدم
خبير المناهج ناصر علي برقي نماذج من هذا "التزوير"، منها أن منهج
الدراسات الاجتماعية بالصف الثالث الإعدادي يتحدث عن مبارك، وأن
الديمقراطية لم تزدهر إلا في عهده، مع صور عديدة له وأخرى لقرينته، وأيضًا
شعار "الحزب الوطني".
وأضاف برقي في حديثه أن مادة الدراسات بالصف السادس الابتدائي فيها درس عن مبارك، وآخر عن الحزب الوطني، ودوره في مجال كفاح المرأة.
وفي
منهج التاريخ بالصف الثالث الثانوي فصل يتحدث عن مبارك، وأن نظامه يعد
امتدادًا طبيعيًّا لثورة 23 يوليو، وأنه يتبنى مطالبها الستة، ويبذل أقصى
جهد لتحقيق العدالة الاجتماعية والديمقراطية، وأشار إلى إنجازاته بجميع
المجالات.
واعتبر زكريا سليمان بيومي، أستاذ التاريخ الحديث
والمعاصر بجامعة المنصورة، أن فكرة حذف الإنجازات الوهمية للرئيس السابق
وزوجته إجراء متأخر، داعيا إلى إصلاح شامل للتاريخ مما شابه من أحداث مزيفة
ومختلقة، في إطار إصلاح منظومي شامل لكل نظم الوطن.
وأضاف بيومي،
في حديثه للجزيرة نت: "فيما يخص قضية فلسطين في مناهجنا التعليمية، تم حذف
واستبعاد مفهوم المقاومة، ومعاني الجهاد والصمود، وأي معنى للمواجهة
بالقوة، في حين تم الترويج لمفهوم السلام بدون ربطه بفكرة العدالة".
وأشار
بيومي إلى أن "كتبة السلطة" روجوا لأفكار وسياسات النظام، وهو ما أدى إلى
عزل مصر، وتقزيم دورها، وسلخها عن هويتها العربية والإسلامية بشكل ممنهج
وموجه؛ انعكس على مناهج التعليم، والندوات الثقافية، وإصدارات مشروع
"القراءة للجميع".
وفي السياق ذاته، أكد عبد الرحمن النقيب، أستاذ
أصول التربية بجامعة المنصورة، أن المشكلة ليست في حذف أو إضافة بعض
الموضوعات، ولكن "نحن بحاجة إلى تغيير المنظور والمنهج لقراءة التاريخ
وصناعته، بحيث نفهم الحقائق بفكر نقدي تحليلي تفسيري ومعايير للصلاح
والفساد، والبحث في كيف ولماذا".
وحذر النقيب في حديثه من مجرد حذف
إنجازات مبارك الوهمية، ووضع مزايا شباب ثورة 25 يناير، لأن هذا ليس
كافيًا، بل لا بد من البحث عن أسباب أخطاء مبارك، ولماذا قبلها الشعب طوال
ثلاثين عاما.
من ناحيته، أكد محمود كامل الناقة، رئيس الجمعية
المصرية للمناهج وطرق التدريس، ضرورة حذف كل ما يزيف التاريخ، وتنقية
المناهج من كل ما هو غير مقبول عقلا وفكرا وثقافة وعقيدة.
ويرى
الناقة أنه ينبغي أولا أن نبدأ بالفعل، في ظل حياة جديدة تتسم بالحرية
والعدالة وتكافؤ الفرص، لتخريج مواطن جديد، يتسلح بمنظومة قيمية خلقية
إنسانية عامة، وفي ظل هذا ينبغي تطوير المناهج بحيث تشيع مناخًا من
الديمقراطية والحرية والعدالة.
واعتبر أن الخطوة الأهم لإعادة صياغة
الوطن الحر الديمقراطي، هي إعادة البناء بإحداث "ثورة" في التعليم، وليس
ترقيعًا أو تطويرًا، "لأننا بالفعل بحاجة إلى ثورة جذرية، وتغرس جديدًا في
العلم والفكر والثقافة والتكنولوجيا، وتعد معلمًا جديدًا، وعملية تعليمية
وتقويمية جديدة، وهكذا".
وبدوره أشار سعيد إسماعيل علي، أستاذ أصول
التربية بجامعة عين شمس، إلى أن التاريخ هو ما حدث بالفعل، ولكن في عهود
الطغيان والفساد عادة ما تخفى حقائق وتزيف أخرى.
ودعا إسماعيل إلى
منهج تعليمي يرسخ قيم الحرية والعدالة والديمقراطية والمساواة، والتي من
خلالها يمكن بناء مناخ تترسخ فيه القيم الأخلاقية، فلا نتصور قيامها في ظل
مناخ القهر والحرمان والفساد.
ونبه إلى أن مناهج الفصل الدراسي
الثاني طبعت بالفعل ويصعب حذفها، ولكن يمكن إعداد مذكرات مكملة، وحذف صفحات
وإحلال غيرها محلها، وهذا حل سريع في الأجل القصير.