التعديلات الدستورية المقترحة تواجه انتقادات لا تخلو من تأييد تفاوتت مواقف فقهاء دستوريين وخبراء إزاء التعديلات المقترحة على الدستور المصري بين رافض ومؤيد، فبينما دعا البعض للتصويت بلا في الاستفتاء التي سيجري 19 مارس الجاري، دافع آخرون عنها.
وتخوف
هؤلاء، خلال ندوة استضافها مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية
الأربعاء، من أن تسبب حالة الانفلات الأمني التي تشهدها البلاد حاليا في
ضعف المشاركة في الاستفتاء، وانحصار المنافسة في الانتخابات البرلمانية
المقبلة بين فلول الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم سابقا وجماعة الإخوان
المسلمين باعتبارهما القوتين الأكثر تنظيما بين مختلف القوى الموجودة على
الساحة.
وكان المجلس الاعلى للقوات المسلحة الذي يدير شؤون مصر منذ
أطاحت احتجاجات حاشدة بالرئيس حسني مبارك في 11 فبراير قد علق العمل
بالدستور وطلب من لجنة تضم عشرة خبراء قانونيين اقتراح تعديلات لضمان اجراء
انتخابات نزيهة وتمهيد الطريق لحكم مدني ديمقراطي.
وتخفض التعديلات
المقترحة فترة الرئاسة الى أربع سنوات بدلا من ست وتقصر عددها الى فترتين.
وكان مبارك في فترة رئاسته الخامسة ومدتها ست سنوات حين أجبر على التنحي،
وتتضمن التعديلات أيضا اشرافا قضائيا على العملية الانتخابية وهو ما كان
مطلبا رئيسيا للثوار الذين قالوا ان النظام القديم كان يسمح بحدوث تلاعب
كبير.
لكن الدكتور إبراهيم درويش الفقيه الدستوري دعا خلال الندوة
التي حملت عنوان( نعم.. لا للتصويت على التعديلات الدستورية) إلى التصويت
بلا، معتبرا أن التعديلات المطروحة لا تفي بالغرض المطلوب منها، ويقول
منتقدون إن دستور عام 1971 خول رئيس الجمهورية صلاحيات كثيرة وهو ما أدى
إلى تعالي الأصوات المطالبة بتقليص صلاحياته.
وقال درويش إن هذا
الدستور يعد " دستورا ساقطا" وليس "معطلا" حيث كان سقوطه نهائيا بشرعية
ثورة 25 يناير التي وصفها بأنها من أنقى الثورات ولا مثيل لها وحققت ما لم
تحققه جميع ثورات مصر السابقة.
وأشار درويش إلى أنه كان ممن ساهموا
في وضع مشروع دستور 71 إلا أن ما نشر كان دستورا مغايرا تماما لما وضعه
الفقهاء الدستوريون وهو ما تم الاستفتاء عليه ثم العمل به طوال السنوات
الماضية. وأضاف أنه كان دستورا لا مثيل له في العالم وسلب الحقوق والحريات
العامة من المواطنين، وقال إن الدستور الحالي به العديد من المواد التي لا
علاقة لها بالعملية الدستورية كما أنها تنال من استقلالية السلطة القضائية
التي تحظى بالاستقلال في جميع النظم.
من جهته، عاب الدكتور عمرو هاشم
ربيع الخبير بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية على التعديلات
الدستورية المقترحة عدة نقاط أهمها أنها وضعت بشكل يجبر السلطات على إجراء
الانتخابات البرلمانية قبل الرئاسية.
وأضاف أن هذا يضعنا في مشكلة
دستورية وهى من يدعو البرلمان للانعقاد، بالإضافة إلى أن الاحزاب والقوى
السياسية غير مؤهلة لتشكيل قوى سياسية داخل البرلمان، كما أن اللجنة اعتمدت
في تعديلاتها الدستورية على إيعاز من المجلس العسكري للخروج بهذه
التعديلات.
لكن الدكتور صبحى صالح عضو لجنة التعديلات الدستورية لام
على الدكتور عمرو هاشم ربيع أنه اعتمد في اطلاعه على التعديلات الدستورية
المقترحة على الصحف ولم يستعن بالنص الأصلي، وهو ما وضح جليا في الانتقادات
التي وجهها للتعديلات. وقال إن جميع ما ذكره الدكتور عمرو هاشم ليس موجودا
بالنص الأصلي للتعديلات.ودافع عن إجراء الانتخابات البرلمانية قبل
الرئاسية قائلا إن ذلك جاء لضمان عدم تدخل الرئيس القادم في اختيار اعضاء
البرلمان وهو استجابة لرغبات الشعب.
ورفض الاتهامات بأنهم رضخوا
لإيعازات من المجلس العسكري قائلا إنه وسائر أعضاء اللجنة ليسوا في موضع
اتهام ولا أحد باللجنة يقبل أي إيعاز أو توجيه.
وأضاف أن الشرعية
الثورية المصرية عبرت عن نفسها في التعديلات الدستورية.. لافتا إلى أن
الحوار داخل اللجنة شهد حرية كاملة حتى إن المستشار طارق البشرى رئيس
اللجنة قال إن هذه هي الفرصة الوحيدة لمصر للانقضاض على سلطات رئيس
الجمهورية ، وهى أيضا الفرصة الوحيدة لتقليص صلاحياته وذلك في ظل عدم وجود
رئيس.
وأعلن صالح لأول مرة أن اللجنة تقدمت للمجلس الأعلى للقوات
المسلحة بمشروع قانون خاص بالأحزاب وتتضمن الخطوط العريضة فيه أن تنشأ
الأحزاب بمجرد الإخطار وليس بالترخيص ، وإلغاء لجنة شئون الأحزاب ، وجعل
اعتراض الحكومة على إنشاء الحزب أمام القضاء فقط .