فى خطوة إعلامية كبيرة أجرى موقع "مصراوى" حواراً مع وزيرة الخارجية الأمريكية
هيلارى كلينتون حول الأحداث السياسية بمصر، وموقف الأمريكان من ثورة الشباب
المصرية، و"اليوم السابع" ينشر فيما يلى نص هذا الحوار..
"أكدت وزيرة
الخارجية الأمريكية، هيلارى كلينتون أنها فخورة جدًا بما حققه الشباب المصرى فى
ثورة 25 يناير"، مشيرة إلى أن الثورة المصرية ضربت مثلاً استثنائيًا فى الاحتجاج
السلمى غير العنيف.
وقالت، إن الولايات المتحدة تدعم قيام ديمقراطية كاملة
فى مصر، وتريد أن تكون شريكة للنظام الجديد الذى سيختاره الشعب المصرى
بنفسه.
وفى ردها على مجموعة من الأسئلة التى جاءت من الشباب المصرى، ضمن
حوار قام بتنظيمه موقع "مصراوى"، وأداره الدكتور أحمد غانم، مراسل مصراوى بواشنطن،
أكدت هيلارى على أهمية التعرف عن قرب على كيفية تحقيق الآمال والأحلام التى عبر
عنها الشباب المصرى بوضوح فى ميدان التحرير، والتى هى فى غاية الأهمية لمصر "ذلك
البلد العظيم".
وردا على سؤال حول السبب فى تقلب مواقف الإدارة الأمريكية من
الثورة فى أيامها الأولى، قالت: "الإدارة الأمريكية كانت تحاول تحقيق توازن، لأننا
أردنا التأكد من أن رسالتنا لن تدفع طرف ما لعمل أى شىء لا نوافق عليه"، وأوضحت
"أعنى بذلك العنف الذى حاولنا منعه بكل وسيلة ممكنة".
وأشارت إلى أن علاقة
الإدارة الأمريكية مع نظام الرئيس السابق حسنى مبارك "أتاحت أن نبعث برسائل مثل:
"لا تستخدموا العنف، اتركوا هذا الاحتجاج السلمى يمضى، حان الوقت
للتغيير."
وعن سبب احتفاظ الولايات المتحدة بعلاقات مع أنظمة قمعية قالت
كلينتون": "الولايات المتحدة لها علاقات مع كثير من الدول التى لا نتفق دائما مع
قيمها، وننتقد أفعالها"، وضربت مثالاً بالصين وروسيا والنظام المصرى السابق، وقالت"
:علاقتنا بهذه الدول وغيرها معقدة، وتعمل على عدة مستويات فى الوقت نفسه، مما يتيح
لنا بين وقت وآخر أن نضغط فى تجاه قضايا حقوق الإنسان والديمقراطية فى السر
والعلن."
وحول أبرز التحديات التى ترى أن مصر تواجهها الآن قالت وزيرة
الخارجية الأمريكية: "إن أبرزها هو أن تكون لديها ديمقراطية دائمة ومستمرة يتم فيها
حماية حقوق الأقليات، وحماية حقوق المرأة، وتكون لديها سلطة قضائية مستقلة، وإعلام
حر ومستقل، بما فى ذلك مواقع التواصل الاجتماعى على الإنترنت، بالإضافة إلى التخلص
من القيود الاقتصادية كى يتمكن الشباب من أن يؤسسوا شركات دون أن يكون عليهم دفع
رشى لمسئولين حكوميين."
وقالت كلينتون إنها تتفق مع ضرورة عدم وصف المسيحيين
فى مصر بالأقلية، وأضافت: "إنهم مصريون ويجب دمجهم فى كل المجتمع مثلما كانوا دائما
من الناحية التاريخية".
وأعربت عن أملها فى أن تمضى هذه الثورة قُدمًا، فى
العمل الجاد لترسيخ الديمقراطية والحفاظ عليها، ليكون للجميع مكان على الطاولة
نفسها".
يذكر أن الحوار الذى تم بين وزيرة خارجية الولايات المتحدة، والشباب
المصرى والذى نظمه موقع "مصراوى" أكبر وأقدم موقع فى مصر، جذب عشرات الآلاف من
الشباب للمشاركة بطرح الأسئلة أو التصويت عليها، وتم استقبال أكثر من 6500 سؤال،
وعشرات الأسئلة الصوتية والمصورة، وتم اختيار أكثر الأسئلة التى حازت على إجماع
قُرّاء الموقع، لتكون محور هذا الحوار.
ونفت كلينتون وجود أى علاقة بين
الولايات المتحدة وشباب ثورة 25 يناير فى أى مرحلة من الثورة، موضحة: "الولايات
المتحدة ليس لها أى علاقة بهذه الانتفاضة والثورة التى شهدتها مصر، والتى كان
يديرها وينظمها المصريون والشباب، ولم يكن أحد يعرف أو يتوقع ذلك، حتى السياسيين
والنشطاء الذين كنا نتحدث معهم من قبل".
وأعربت عن سعادتها بأن أمريكا قدمت
الكثير من الأدوات التكنولوجية التى ساعدت الثورة فى مصر، مثل فيس بوك، وتويتر،
والكثير من الاختراعات الأمريكية"، وقالت: "نحن فخورون بأن هذه الابتكارات
الأمريكية تساعد فى تواصل الناس حول الديمقراطية وحقوق الإنسان والحرية، وبناء جدول
أعمال يمكن أن يؤدى إلى حياة أفضل فى مصر."
وقالت وزيرة الخارجية الأمريكية
إن التفاعل عبر مواقع التواصل الاجتماعى هو وسيلة يحطم بها الناس الصور النمطية
والانقسامات فيما بينهم، وليس فقط لتنظيم الاحتجاجات، كما رأينا فى مصر وتونس،
مؤكدة اعتقادها بأن البشر متشابهون فيما بينهم بنسبة 99.8 فى المائة، مهما كانت
هناك اختلافات فى الجنس والعرق والدين: و"هذه الفروق بين البشر آخذة فى التقلص
ببطء".
وعما إذا كانت الطريقة التى سارت عليها الثورة المصرية، والاحتجاجات
فى ميدان التحرير يمكن أن تغير الصورة النمطية السلبية عن المسلمين والعرب فى
أمريكا قالت كلينتون: "بالطبع أعتقد أن هذه الصورة ستتغير"، وأضافت: "المظاهرات فى
ميدان التحرير بعثت بنتيجة إيجابية جدا، حيث كانت منظمة بصورة حضارية وسلمية، وكان
الجميع بالأساس يسعون لهذه النتيجة التى نحتفل بها حاليا."
وأضافت: "أنها
أيضًا ترسل برسالة للمتطرفين مثل القاعدة الذين لا يعرفون شيئاً مثل الاحتجاج
السلمى.. وهو تأكيد أنه لا يوجد شىء مثل الديمقراطية". وتمنت كلينتون أن يكونوا
تابعوا عبر التلفزيون كيف أثبت الشبان المصريين أنفسهم."
وقالت كلينتون فى
الحوار الذى تم مع الشباب المصرى، وأداره أحد أبرز كتاب موقع "مصراوى"، الدكتور
أحمد غانم، مراسل الموقع فى واشنطن: "يجب أن نقر أن الكثير من الأمريكيين لديهم
صورة نمطية عن المصريين والمسلمين، كما أن المصريين والمسلمين لديهم صورة نمطية عن
أمريكا، وهو ما جعل الرئيس أوباما يذهب للحديث للعالم الإسلامى، ويختار مصر عاصمة
الأمة العربية والأكثر تأثيرًا، لإلقاء كلمته التاريخية".
وأكملت قائلة: "إن
الإدارة الأمريكية تفضل أن تكون لها علاقة مع ديمقراطية حقيقية فى مصر وليس مع
ديمقراطية زائفة حتى لو خدمت مصالحها".
وأضافت أن بناء هذه الديمقراطية
الحقيقية سيستغرق وقتًا، فنحن فى أمريكا استغرق الأمر منّا 220 عاما، وقالت: "لكننى
مقتنعة تماما أنه بالنظر للذكاء والطاقة والتصميم الذى رأيته من الشبان المصريين فى
الشهر الماضى فلا يوجد فى عقلى شك فى أن ذلك يمكن أن يتحقق طالما لم يشعر الشعب
المصرى بالإنهاك والإحباط، واليأس السريع، لأن العملية تكون فى بعض الأحيان صعبة
جدًا فى التعامل معها."
وجددت كلينتون تأكيدها على أن الولايات المتحدة لن
تتدخل فى اختيار من يفوز ويخسر فى الانتخابات المقبلة فى مصر، لأن هذه الأمور
متروكة كليةً للشعب المصرى.
وفيما يتعلق بموقف الإدارة الأمريكية إذا أسفرت
انتخابات الرئاسة فى مصر عن فوز جماعة الإخوان المسلمين، قالت كلينتون: "إن
الولايات المتحدة تدعم عملية ديمقراطية ولا تحدد الفائزين أو الخاسرين"، وأضافت
"ولكننا لا نريد أن نرى أى حزب سياسى أو أى أيديولوجية تحاول خطف العملية
الانتخابية".
وتابعت: "لذلك أعتقد أنه ينبغى أن تكون هناك ضمانات مدمجة فى
الدستور، وأن تضمن القوانين فى مصر أنها ديمقراطية حقيقية، تخرج أحزاب سياسية
حقيقة، وأن الانتخابات ستليها انتخابات أخرى ثم انتخابات أخرى، وستكون هناك قيود
على مدة الرئاسة".
وحول ما إذا كان استخدام حق النقض ''الفيتو'' فى مجلس
الأمن يفقد أمريكا مصداقيتها أمام العالم خاصة وأنها شريكة فى عملية السلام بالشرق
الأوسط، قالت كلينتون: "إنها لا تتمنى أن تفقد أمريكا المصداقية أمام العالم"،
وتابعت: "الولايات المتحدة أنفقت قدرا كبيرا من الوقت والجهد والأموال لإحلال
السلام فى الشرق الأوسط، والتى كانت بداية بين مصر وإسرائيل، وبين الأردن وإسرائيل،
فضلاً عن التزامها بتحقيق السلام أيضًا بين الفلسطينيين
والإسرائيليين."
وأضافت وزيرة الخارجية الأمريكية: "أن البيت الأبيض يؤمن
بأن السلام فى الشرق الأوسط لن يتحقق إلا بالمفاوضات المباشرة، كما أن على الجانبين
معرفة أين يذهبان لحل الخلافات بينهما، ونحن من جانبنا نقوم بكل ما بوسعنا لتحقيق
السلام، خاصة أن الأمم المتحدة لن تستطيع حل هذه القضية بمفردها".
وأشارت
كلينتون إلى أن الإدارة الأمريكية تضاعف جهودها من أجل إقرار السلام بين الجانبين
الفلسطينى والإسرائيلى، وقالت: "إننى أريد أن أرى الشعب الفلسطينى داخل دولته
الديمقراطية، كما أريد رؤية الشعب الإسرائيلى أيضًا داخل دولته المستقلة، يُحقق
الديمقراطية فضلاً عن ضمان الأمن والأمان لشعبه"، معربة عن ثقتها بإمكانية تحقيق
اتفاق بين الجانبين فى حال رغبتهما فى التوصل للسلام.
ووجهت كلينتون حديثها
للشباب المصرى فى ختام الحوار الذى أداره موقع مصراوى قائلة: "أنا فخورة جدًا
بالشباب المصرى، لقد صنع نموذجًا حضاريًا للاحتجاج السلمى، وعدم استخدام العنف"،
وشبهت ما حدث فى مصر بالنضال السلمى للأمريكيين ذوى الأصول الأفريقية بزعامة "مارتن
لوثر كينج" للحصول على حقوقهم، وما فعله أيضًا غاندى فى الهند.
وعبرت عن
اعتزازها وتقديرها لما حدث فى مصر قائلة للشباب: "بلدكم يحتاجكم.. بلدكم يحتاجكم
أكثر من أى وقت مضى، وسوف نقف بجانبكم، نريد أن نكون شركاءكم، لقد ألهمتمونا، ونحن
نثق فيكم، والولايات المتحدة مستعدة للمساعدة بأى طريقة تكون ملائمة."