مصر: الجيش سيحترم المعاهدات وإسرائيل ترحب
أعلن المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية بيانه الرابع مساء
السبت، فأكد التزام مصر بكافة المعاهدات الإقليمية والدولية الموقعة، في
مسعى لطمأنة الغرب حيال اتفاقيات السلام مع إسرائيل، كما دعا الحكومة التي
يقودها أحمد شفيق إلى مواصلة تسيير الأعمال، وطلب من جميع المواطنين
التعاون مع رجال الشرطة، مع تأكيد التطلع إلى تشكيل السلطة المدنية، في
إشارة إلى عدم رغبة الجيش بالإمساك بالحكم.
وقال البيان الذي
بثه التلفزيون المصري الرسمي، وتلاه الناطق باسم المجلس: "نظرا للظروف
التي تمر بها البلاد والأوقات العصيبة التي تفرض علينا الدفاع عن استقرار
الوطن وحيث أن المرحلة بحاجة لإعادة ترتيب الأولويات لتحقيق مطالب الشعب
المشروعة. إدراكاً منا بأهمية سيادة القانون وتصميماُ ويقيناً وإيماناً
بمسؤوليتنا نعلن التزام المجلس الأعلى بكافة ما ورد في البيانات السابقة."
وأضاف
الناطق إن المجلس الأعلى "على ثقة بقدرة مصر على تخطي الظروف الراهنة
وعليه يتوجب على كافة المؤسسات العمل لدفع عجلة الاقتصاد للأمام،" كما دعا
كل من الحكومة الحالية والمحافظين إلى "تسيير الأعمال حتى تشكيل حكومة
جديدة."
وفي المقابل، عبر رئيس الوزراء الإسرائيلي
بنيامين نتنياهو عن ترحيبة ببيان الجيش المصري، قائلا إن معاهدة السلام
بين إسرائيل ومصر تعد "حجر زاوية في استقرار المنطقة."
وفي
الرياض، ظهر أول موقف سعودي رسمي حيال الأحداث في مصر بعد تنحي الرئيس
حسني مبارك، فنقلت وكالة الأنباء السعودية عن مصدر مسؤول لم تسمه قوله :
"ترحب حكومة المملكة العربية السعودية بالانتقال السلمي للسلطة في جمهورية
مصر العربية الشقيقة."
وأضاف: "وتعبر عن أملها في أن تكلل
جهود القوات المسلحة المصرية في إعادة السلم والاستقرار والطمأنينة في
جمهورية مصر العربية الشقيقة، وذلك تمهيداً لقيام حكومة وطنية تحقق آمال
وتطلعات الشعب المصري الشقيق نحو الأمن والاستقرار والازدهار الاقتصادي،
واستمرار جمهورية مصر العربية الشقيقة في القيام بدورها التاريخي على
الساحات العربية والإسلامية والدولية."
وكان المجلس
الأعلى للقوات المسلحة في مصر، الذي يدير شؤون البلاد عقب تنحي الرئيس،
حسني مبارك، جراء انتفاضة شعبية، تخفيف حظر التجول ليبدأ من منتصف الليل
وحتى الساعة السادسة صباحاً، فيما بدأت القوات المسلحة، السبت، إزالة
المتاريس والأسلاك الشائكة في "ميدان التحرير" قلب الانتفاضة حيث تمركز
مئات الآلاف من المحتجين قرابة ثلاثة أسابيع حتى إسقاط النظام.
وقالت
مجموعة أمضت الليل في الاحتفال مع ملايين المصريين بتخلي مبارك عن السلطة،
إنها تعتزم مواصلة الاحتجاجات حتى تولي حكومة مدنية، وليست عسكرية، زمام
السلطة في مصر.
وقام محتجون برفع الأعلام المصرية وصعد
بعضهم أعلى الدبابات والإشارة بعلامة النصر عقب نجاح ثورتهم، وهتفوا في
وقت واحد "عاشت مصر حرة مستقلة" و"الجيش والشعب يد واحدة ".
وبدأ
المصريون انتفاضة شعبية انطلقت تحت مسمى "يوم الغضب" في 25 يناير/كانون
الثاني الفائت، للاحتجاج على الأوضاع المعيشية وللمطالبة بالتغيير
والديمقراطية والحرية، وفي محاولة لتهدئة الشارع أعلن مبارك عدم نيته
الترشح لولاية جديدة وأقال حكومة أحمد نظيف وشكل أخرى برئاسة أحمد شفيق
إلا أن الاحتجاجات تواصلت حتى إسقاطه، الجمعة.
وفي بيان
مقتضب أصدره نائب الرئيس المصري، عمر سليمان، أعلن فيه تنحي مبارك عن
رئاسة الجمهورية وتكليف المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة شؤون البلاد.
وما
أن سمعت الحشود في مصر ذلك البيان الرئاسي حتى سادت حالة من الفرح الشديد
وباتوا يهتفون "مصر حرة.. مصر حرة"، وسط الزغاريد والرقص والغناء.
عمت
أجواء احتفالية شوارع المحافظات المصرية فور إعلان التنحي، وأعلن مصريون
تعهدهم ببذل كل ما في وسعهم لبناء مستقبل أفضل وتحقيق نهضة شاملة لمصر
معتبرين أن ما حدث هو بداية لمرحلة جديدة نحو حياة كريمة.
وصف
قادة الغرب أحداث مصر بأنها تغييرات تاريخية ودرامية لكن حذر محللون أن
التحدي الأكبر يمكن في حقبة ما بعد مبارك وإعادة بناء البلاد، ورغبة الجيش
في تسليم الحكم لاحقاً إلى حكومة مدنية.
وكان المجلس
الأعلى للقوات المسلحة المصرية قد أصدر، الجمعة، بيانا أكد فيه أنه "ليس
بديلا للشرعية التي يرتضيها الشعب،" في إشارة إلى أن الجيش لن يبقى في
السلطة.
وقال البيان الذي تلاه اللواء سامي عنان، إن
القوات المسلحة تدرس الخيارات، وستصدر بيانات لاحقة بشأن الخطوات المقبلة
التي ستتخذها، معبرا عن شكر الجيش للرئيس المصري السابق حسني مبارك،
ومرسلا تحية عسكرية عبر تلفزيون مصر إلى "الشهداء،" الذي سقطوا في
الاحتجاجات.