ردود فعل متباينة للقوى السياسية على اشتباكات التحرير
تعددت ردود الأفعال حيال الاشتباكات الدامية التى شهدها ميدان
التحرير بوسط العاصمة المصرية القاهرة مساء الثلاثاء 28-6-2011 وامتدت حتى
الأربعاء، فقد ندد أحزاب العدل والحرية والعدالة والجماعة الإسلامية
بالأحداث رابطين بين قرار حل المجالس المحلية وأحداث أمس.
وكان
ميدان التحرير بوسط العاصمة المصرية القاهرة الذى كان مسرحا لثورة 25
يناير التى أطاحت بالرئيس حسنى مبارك، شهد مساء الثلاثاء مصادمات عنيفة بين
متظاهرين ورجال أمن أسفرت عن سقوط ما يقرب من 600 مصاب وسط أنباء غير
مؤكدة عن سقوط قتلي.
ونقلت وكالات الأنباء عن وزارة الصحة
المصرية إصابة 590 شخصا، وقالت الوزارة فى بيان لها الأربعاء إن 40 فرادا
من قوات الأمن كانوا من بين الجرحى. وعالج مسعفون أناسا غالبيتهم من أثر
استنشاق غازات مسيلة للدموع استخدمتها الشرطة لتفريق الشبان المحتجين.
وتعددت
ردود الأفعال من قبل القوي السياسية المصرية للتنديد بتلك الأحداث، غير
أنها اختلفت في تحميل المسئولية ما بين أن "بلطيجة" و"فلول" الحزب الوطني
من دبَّر لها احتجاجا على قرار المحكمة بحل المجالس المحلية، وما بين أن
الشرطة في كل الأحوال مسئولة لأنها استخدمت مستوى "غير مبرر" من العنف تجاه
المتظاهرين، خاصة من ذهبوا للميدان للتضامن مع أهالي الشهداء.
وطالب
حزب العدل من جانبه المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يدير البلاد
بالتدخل السريع والرادع لحل قضية غياب الأمن، ووضع وإعلان جدول زمني محدد
لاستعادة الأمن وتطهير المؤسسة الأمنية، وكذلك سرعة الانتهاء من المحاكمات
الخاصة بقتل الشهداء وتعويض أسر الشهداء ماديا ومعنويا، مضيفا أنه ليس
معقولا بعد عدة شهور من تسلم المجلس إدارة البلاد ومازال الوضع الأمني بهذا
السوء أيا كانت أسباب هذا الانفلات والتراخي، وأيا كان المسئول عنه.
"الثلاثاء الحزين"
واستنكر
الحزب خلال بيان له الأحداث التي وقعت بميدان التحرير والتي اسماها ب
"الثلاثاء الحزين"، مشيرا إلى أنها أحداث مؤسفة أعادت إلى النفوس صورة
مؤلمة لما حدث يوم 25 يناير من إطلاق كثيف للقنابل المسيلة للدموع على
المتظاهرين من قبل زبانية النظام البائد وميلشياته.
وقال
الحزب إنه يعتقد أن هناك علاقة واضحة بين الحكم القضائي الخاص بحل المحليات
وهذه الأحداث، مضيفا أنه من حق الداخلية قانونا حماية مبنى الداخلية، ولكن
كل هذا لا يعطى الحق للداخلية استخدام القنابل المسيلة للدموع فى ميدان
التحرير، وسب المتظاهرين من قبل بعض الضباط، والمساواة بين أهالي الشهداء
الحقيقيين والبلطجية.
وانتقد الحزب ترك وزارة الداخلية
للبلطجية بالرغم من امتلاكها ملفات ببيانات أغلب هؤلاء، واتهم المسئولين
بالبطء وعدم الجدية في حسم محاكمة المسئولين عن قتل المتظاهرين.
التوتر مرة أخري
كذلك
أدانت جماعة الإخوان المسلمين والجماعة الإسلامية، الأحداث التى شهدها
ميدان التحرير؛ حيث وصف أحمد أبو بركة القيادى بحزب الحرية والعدالة التابع
لجماعة الإخوان المسلمين أحداث التحرير بـ" موقعة الجمل الثانية "، قائلا
إن نفس المشاهد التى أذاعتها وكالات الأنباء العالمية وجميع الشاشات
التليفزيونية تعيد إلى الأذهان مشاهد موقعة الجمل والتى لازالت التحقيقات
فيها جارية حتى الآن.
وحمَّل أبو بركة فى تصريحات صحفية
مسئولية ما حدث ل "فلول النظام السابق وقيادات الشرطة المنتمين إلى النظام
السابق"، مشيرا إلى أن سيناريو الشغب أمام مسرح البالون وحتى ميدان التحرير
يع---وجود عصابة منظمة خططت ودبرت لتلك الأحداث ونجحت فى اندلاعها وإعادة
التوتر مرة ثانية إلى البلاد بعد أيام.
وأشار أبو بركة إلى
أن عملية اقتحام مسرح البالون بالطريقة التى كشفتها وسائل الإعلام
والاعتداء على أسر الشهداء ونهب مسرح البالون هو جريمة فى حق الوطن.
فيما
ربط الشيخ عاصم عبد الماجد المتحدث الإعلامى باسم الجماعة الإسلامية بين
الأحداث وبين الحكم القضائي التاريخي بحل المجالس المحلية، مشيرا إلى أن
153 ألف عضو بالحزب الوطنى أصحاب مصلحة مباشرة يستطيعون حشد المئات من
البلطجية لإحداث الفتنة.
وأوضح عبد الماجد خلال تصريحات له
أن استئجار مواطنين لأتوبيسات بدون لوحات معدنية واقتحام احتفالية تكريم
أسر الشهداء والتعدي على من بالقاعة بالضرب وسرقة محتويات القاعة هو
بالتأكيد عمل بلطجي.
وأشار عبد الماجد إلى أن المتظاهرين
الذين كانوا فى ميدان التحرير فى البداية ليسوا من شباب الثورة ،إنما هو
بلطجية لأنهم كانوا يحملون زجاجات مولوتوف وهو ما لم يحمله شباب الثورة
طيلة اعتصامهم فى التحرير فى يناير الماضى ، مضيفا أن الشباب بمجرد أن
شاهدوا مقاطع الفيديو على الانترنت نزلوا إلى الميدان وتضاعف الأمر
بالمواجهة مع الشرطة ووقعت الفتنة وهى مماثلة للفتنة التى وقعت قبل شهرين.
"وصمة عار"
كذلك
قال العالم المصري الشهير الدكتور أحمد زويل عبر صفحته على موقع التواصل
الاجتماعي الفيسبوك: "ما تفعله الشرطة بحق الشباب المصرى الآن بميدان
التحرير هى وصمة عار يدنى لها الجبين".
وقال المرشح
المحتمل لرئاسة الجمهورية الدكتور محمد البرادعي عبر صفحته على تويتر :
"أطالب المجلس العسكرى على وجه السرعة بتوضيح الحقائق و أولها أسباب و
ملابسات استخدام العنف واتخاذ الإجراءات الضرورية لإنهائه"، وأضاف
البرادعي: "المصداقية تتآكل مع التباطؤ و الضبابية والارتباك. مطلوب رؤية
واضحة و شفافية و جدول زمني ومشاركة حقيقية".
ويتواجد
المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية، أيمن نور، في الميدان منذ وقت باكر، فيما
أصدر المرشح الآخر عبد المنعم أبو الفتوح بيانا انتقد فيه استخدام الشرطة
العنف "غير المبرر" تجاه المتظاهرين.
وتضاربت الروايات
الخاصة بأسباب الاشتباكات عند وزارة الداخلية، ومن الذي بدأ في استخدام
العنف، ففي حين قال البعض إن جزء من أهالي الشهداء اقتحموا مسرح البالون
بحي العجوزة في محافظة الجيزة (غرب القاهرة)؛ احتجاجا على عدم ضمهم لأهالي
شهداء يجري تكريمهم في حفل داخل المسرح، قال آخرون إن من اقتحم المسرح
ليسوا من أهالي الشهداء وإنهم مجموعة مسلحة بالشوم اقتحمت المسرح، ثم توجهت
إلى مبنى الإذاعة والتلفزيون حيث يعتصم أهالي الشهداء أمامه منذ أيام
للمطالبة بسرعة محاكمة قتلة ذويهم؛ لحثهم على التوجه لوزارة الداخلية
لحماية أمهات شهداء يتعرضن هناك للضرب.
ومن داخل أهالي
الشهداء أنفسهم انتشر فيديو يقال إنه لأخت الشهيد محمد صابر من المعتصمين
أمام مبنى الإذاعة والتلفزيون روت فيه كشاهدة عيان ما حصل، وهو أن عددا من
الشباب "قالولنا إنهم من شباب الثورة لكن شكلهم ميقولش كدة، وقالولنا
تعالوا في تكريم لأهالي الشهداء في مسرح البالون واحنا رفضنا، وبعدين
رجعولنا وقالولنا إن في أمهات شهداء بينضربوا وينحبسوا عند وزارة الداخلية
ولازم نروح نتضامن معاهم".
وبمرارة قالت الفتاة في
الفيديو: "احنا أهالي الشهداء بيتعلب بينا، والناس بتستغلنا"، وأرجعت ما
حصل من محاولة الزج بأهالي الشهداء في الأحداث إلى أنه "لما بدأ اعتصامنا
يوصل للإعلام والناس عملوا الحركة تدي عشان يخلصوا من الاعتصام".
وفور
انتشار خبر تعرض أهالي شهداء لاعتداء من وزارة الداخلية توافد مئات
الأشخاص إلى الميدان لاستطلاع الأمر والتضامن، وأعلنت حركة شباب 6 أبريل أن
نشطاء بدأوا في الساعات الأولى من الصباح الأربعاء ترتيبات للاعتصام في
ميدان التحرير، وأشارت صفحات ثورية أخرى على موقع "فيس بوك" إلى نزول
متظاهرين إلى الشوارع في الإسكندرية والسويس للتضامن مع متظاهري التحرير،
واحتجاجا على استخدام العنف ضدهم، وهتفوا "يا مشير يا مشير زى ما إحنا مفيش
تغيير" و"الشرطة هيا "هي" هيا ثورتنا هتفضل قوية".