بالرغم من ما تعرضت له اليابان من كارثة زلزال وتسونامى يوم 11 مارس الماضى، والذى نتج عنه نشوب مشكلة نووية، وتسرب إشعاعى من محطة فوكوشيما داتشى، بالإضافة إلى وقوع خسائر قدرت بـأكثر من 300 مليار دولار، إلا أن اليابان لا تزال من الأكثر الدول الصديقة لمصر، مقدمة الدعم لها والمساعدات بشكل مستمر، سواء اقتصاديا أو سياسيا أو حتى ثقافيا، والدليل على ذلك متابعة اليابان بعد أزمتها مشاريعها فى مصر وأبرزها مشروع معامل الترميم فى المتحف الكبير المقرر افتتاحه عام 2015.
"اليوم السابع" حاور السفير اليابانى لدى القاهرة نوريهيرو أوكودا للتعرف على رأى اليابان حول الثورة المصرية ونتائجها الحالية وما هى الخبرات التى يمكن نقلها للمصريين من أجل تحقيق الديمقراطية المرجوة. وإلى نص الحوار ..
- كيف ترى مصر الآن بعد كل ما مرت به من أزمات ومواقف صعبة؟
أولا اندهشتُ كثيرا من أن المظاهرات التى بدأت فى ميدان التحرير يوم 25 يناير نجحت خلال فترة لا تزيد عن 18 يوماً، وأجبرت الرئيس السابق حسنى مبارك على التنحى، وأعتقد أن سر نجاح الثورة يعود إلى حب الوطن وروح التضامن لدى الشعب المصرى بغض النظر عن الطبقات الاجتماعية أو الانتماءات السياسية مما حقق تماسكاً شعبيا على المستوى الوطني، وكان الانطباع الأكثر قوة لدى عن الثورة المصرية أنها "ثورة بيضاء"، ظهرت فيها تصرفات منتظمة للمواطنين المصريين، وكذلك أثار إعجابى كثيراً وجود الثقة القوية المتبادلة بين الشعب والجيش، والتى بدورها مهدت الطريق لإنجاح الثورة.
كما لم تتوقف الثورة المصرية وامتد تأثيرها بعد ذلك إلى البلدان المجاورة فى الشرق الأوسط مثل ليبيا واليمن وسوريا وغيرها من الدول المجاورة، فالثورة كانت مؤثرة على الحركات الشعبية المطالبة بتحقيق الديمقراطية، ونحن نولى اهتماما كبيراً للتطورات السياسية المصرية سواء كانت داخلية أم خارجية لكونها دولة كبرى فى المنطقة.
وأنا واثق أن شعب مصر سيحقق تقدما بوحدة مختلف فئاته نحو هدف مشترك وهو تحقيق الديمقراطية، كما أن اليابان ستقوم بالتعاون مع مصر من أجل نجاح الثورة لأننا أصدقاء للمصريين منذ القدم.
وبالنسبة للوضع الحالى أرى ان مصر تمر بفترة عصيبة حيث تجرى حالياً عمليات إصلاحية فى المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية منذ ثورة 25 يناير. ويواجه كل مواطن مصرى تحديات مختلفة فى حياته اليومية، فإلى جانب شكرى وتقديرى لتعاطف المصريين تجاه اليابان برغم مواجهتهم لتلك الظروف الصعبة، أعبر عن تمنياتى المخلصة بنجاح ثورة 25 يناير وتحقيق الديمقراطية والسلام والازدهار فى مصر.
-ماذا يدور فى ذهنك حول مستقبل الرئاسة فى مصر، وهل ترى أننا نسير على الطريق الصحيح؟
- علمت أن نقاشاً جاداً يجرى من أجل وضع صورة مستقبلية للنظام السياسى المصرى فى المرحلة الانتقالية السياسية الحالية، ومن المهم أن يكون هناك تبادل للآراء بكثافة بين المصريين على المستوى الوطنى لتحديد ما هو النظام السياسى الذى يتقبله جميع المواطنين، نحن نتابع باهتمام تقدم هذه المناقشات ونتطلع إلى معرفة نتائجها، لكن لم أرى صورة محددة حتى الآن حول مستقبل الرئاسة.
- من وجهة نظرك الشخصية كيف نصل لمرحلة الاستقرار والأمان التى يتطلع إليها المصريون بشدة؟
من الطبيعى أن توجد بعض الصعوبات فى طريق الثورة، وبعبارة أخرى، قد يمر الشعب المصرى بفترة مخاض ضرورية، وقد أوجدت هذه الثورة بيئة يستطيع فيها الفرد التعبير عن رأيه بحُرية من ناحية، ولكن من ناحية أخرى، لا تزال المظاهرات والاعتصامات مستمرة كل أسبوع رغم مرور أكثر من مائة يوم على الثورة،مما يؤثر سلبا على السياحة والأنشطة الاقتصادية المختلفة، لذلك لابد من إيقاف هذه المظاهرات بشكل مؤقت وإعطاء الفرصة للحكومة تفعل التصحيحات اللازمة.
- ماذا عن حجم التبادل التجارى بين مصر واليابان، خاصة بعد كارثة زلزال تسونامى الأخيرة ؟
تركز اليابان فى الوقت الراهن كل قواها من أجل إعادة الإعمار بعد ذلك الزلزال الضخم، رغم أننا فى ظروف شاقة، سندرس إمكانية مواصلة تقديم المساعدات التى يمكن بها تدعيم انتقال السلطة وجهود الإصلاح فى مصر، اعتباراً لرابطة التعاون التاريخية التى تم إرساؤها بين البلدين.
وفيما يتعلق بحجم التجارة بين البلدين، فى عام 2010 بلغ حجم صادرات اليابان لمصر 1.44 مليار دولار، كما بلغ حجم واردات اليابان من مصر 460 مليون دولار، وبينما تحتل وسائل النقل - مثل السيارات الخاصة والحافلات وسيارات النقل وغيرها 49 % من صادرات اليابان لمصر، أما الغاز الطبيعى فنسبته تساوى ما يقرب من 90% من الواردات من مصر، وبالنظر إلى حجم السوق بين مصر واليابان، أعتقد أنه مازال هناك مجال كبير للتوسع فى التجارة بينهما.
- كلمة توجهها للمصريين؟
أود أن أقدم عميق شكرى وتقديرى على قيام كثير من المصريين بالتعبير عن مواساتهم وتشجيعهم لنا على مواجهة تداعيات زلزال شرق اليابان الكبير الذى ضرب سواحلها فى 11 مارس. وتلقينا رسالة تعزية بعث بها السيد المشير محمد حسين طنطاوى إلى الإمبراطور اليابانى وإلى رئيس الوزراء ناوتو كان، كما عبر الكثير من كبار المسئولين بالحكومة المصرية عن دفء مشاعرهم وعرض مساعداتهم بصور متنوعة وفى مقدمتهم الدكتور عصام شرف، رئيس الوزراء، وكذلك من المواطنين المصريين بمختلف فئاتهم. وبالإضافة إلى زيارات ما يزيد عن 250 مصرياً حتى الآن لسفارة اليابان وتفضلهم بتسجيل تعازيهم، وصلت إلينا أكثر من ألف رسالة تعاطف مع الشعب اليابانى بشكل من الأشكال التى تتمثل فى إحضار باقة الأزهار وإرسال كلمات التشجيع عبر الهواتف أو البريد الإلكترونى وغيرها.