"إعلان الجهاد على الأمريكيين المحتلين لبلاد الحرمين" عنوان الرسالة الأحدث للشيخ أسامة بن لادن، زعيم تنظيم القاعدة الأول والذى أعلن عن مقتله فجر اليوم، الاثنين، على يد القوات الأمريكية، والتى وجهها للمسلمين عامة ولمسلمى السعودية خاصة.
زعم بن لادن فى تلك الرسالة أن أرض الحرمين الشريفين تتعرض للاحتلال من قِبل تحالف صهيونى أمريكى، طالبا من المسلمين هناك مناصرة إخوانهم المجاهدين وتوفير المال والأسلحة اللازمة لهم لتحقيق غايتهم وهى تحرير البلاد من وجهة نظره.
بدأ بن لادن الرسالة بالإشارة إلى جرائم أمريكا وإسرائيل ضد المسلمين فى العراق وأفغانستان وفلسطين وغيرهم من الدول، والتى أذابت أمامها كافة المواثيق الدولية لحماية حقوق الإنسان.
سرد بن لادن تاريخ احتلال كثير من الدول العربية، حتى وصل إلى آخر المصائب الكبرى على حد قوله وهى احتلال بلاد الحرمين عقر دار الإسلام، ومهبط الوحى، ومنبع الرسالة، وبها الكعبة المشرفة قبلة المسلمين أجمعين، وذلك من قبل جيوش النصارى من الأمريكيين وحلفائهم.
وبرر بن لادن تغيبه واختفاءه فترة طويلة، بسبب المطاردات الأمريكية والتى تتبعته فى أماكن كثيرة قائلا: لقد أصابنا بعض الظلم بمنعنا من الحديث مع المسلمين، ومطاردتنا فى باكستان والسودان وأفغانستان؛ مما أدى إلى هذا الغياب الطويل، ولكن بفضل الله تيسر وجود قاعدة آمنة فى خٌرسان، فوق ذرى الهندوكوش، تلك الذرى التى تحطمت عليها – بفضل الله - أكبر قوة عسكرية ملحدة فى الأرض، وتلاشت عليها أسطورة القوى الكبرى أمام صيحات المجاهدين "الله أكبر"، واليوم، من فوق نفس الذرى من أفغانستان نعمل على رفع الظلم الذى وقع على الأمة من التحالف اليهودى الصليبى، وخاصة بعد احتلاله مسرى النبى عليه الصلاة والسلام واستباحته بلاد الحرمين، ونرجو الله أن يمن علينا بالنصر، إنه ولى ذلك والقادر عليه.
حدد بن لادن فى الرسالة أسباب تردى أوضاع المملكة العربية السعودية ويضع إجابة لسؤال: هل من الممكن أن يتردى الوضع الاقتصادى لبلد معروف عنها أنها من أوائل الدول المصدرة للنفط؟ قائلا: هذا عذاب من الله عليهم لأنهم سكتوا عن ظلم النظام وتصرفاته غير الشرعية ومن أبرزها عدم التحاكم إلى شرع الله، ومصادرة حقوق العباد الشرعية، وإباحة بلاد الحرمين للمحتلين الأمريكيين، وإيداع العلماء الصادقين ورثة الأنبياء السجون ظلماً وعدواناً.
ولكن هذا المصاب العظيم قد تنبه له أهل الفضل والخير من المختصين فى أمور الدين، كالدعاة والعلماء، وكذلك من المختصين فى أمور الدنيا كالتجار والاقتصاديين والوجهاء، فبذلت كل فئة جهدها للتحرك السريع لتدارك الموقف وللتصدى للنظام الذى عجز عن حماية البلاد وأباحها سنين طوال لأعداء الأمة من القوات الصليبية الأمريكية، التى أصبحت السبب الرئيسى فى نكبتنا بجميع نواحيها وبخاصة الاقتصادية نتيجة الإنفاق الثقيل عليها بغير حق.
ونتيجة للسياسات التى تفرضها على البلاد وخاصة السياسة النفطية، حيث تحدد الكمية المنتجة من البترول والسعر بما يحقق مصالحهم الاقتصادية ويهمل مصالح البلاد الاقتصادية، ونتيجة لصفقات الأسلحة باهظة التكاليف التى تفرض على النظام حتى أصبح الناس يتساءلون: ما فائدة وجود النظام إذاً؟ز
ويضيف بن لادن، أنه عندما استشرى الفساد فى البلاد وتجاهل النظام قضايا المسلمين واهتم بالتحالف الصهيو أمريكى حاول العلماء المسلمين فى السعودية، أن يدفعوا النظام عن المنكر ويردوه لرشده فكان مصيرهم الصد والعقاب والسجن، لذلك ينبغى فى مثل هذه الحالة أن يبذل الجميع قصارى الجهد فى تحريض وتعبئة الأمة ضد العدو الصائل والكفر الأكبر المخيم على البلاد والذى يفسد الدين والدنيا ولا شىء أوجب بعد الإيمان من دفعه، ألا وهو التحالف الإسرائيلى الأمريكى المحتل لبلاد الحرمين ومسرى النبى عليه الصلاة والسلام.
وحذر بن لادن من اشتعال الفتنة بين المسلمين وبعضهم فى السعودية لما لها من عواقب جسيمة على اقتصاد البلد وحتى لاتحقق مصالح أمريكا وإسرائيل، وحث القوات المسلحة هناك على التعاون مع المجاهدين فى المنطقة على اعتبار أن ذلك جهاد فى سبيل الله ضد الكافرين بعدما سمح لهم الملك باقتحام البلاد وفتحها بطولها وعرضها لهم، فامتلأت بقواعد جيوش أمريكا وحلفائها؛ لأنه أصبح عاجزاً أن يقف بدون مساعدتهم.
وقال بن لادن للجيش السعودى: الذى يرجوه إخوانكم وأبناؤكم المجاهدون منكم فى هذه المرحلة، هو تقديم كل عون ممكن من المعلومات والمواد والأسلحة اللازمة لعملهم، ويرجون من رجال الأمن خاصة التستر عليهم، وتخذيل العدو عنهم، والإرجاف فى صفوفه، وكل ما من شأنه إعانة المجاهدين على العدو المحتل، وننبهكم إلى أن النظام قد يلجأ إلى افتعال أعمالٍ ضد أفراد القوات المسلحة أو الحرس أو الأمن، ويحاول نسبتها للمجاهدين؛ للوقيعة بينهم وبينكم، فينبغى تفويت هذه الفرصة عليه.
ودافع بن لادن على قضية الجهاد فى بلاد الحرمين الشريفين اعتمادا على كتاب الشيخ، سفر الحوالى، الذى ساق فيه الأدلة والبراهين على أن تواجد الأمريكيين فى الجزيرة العربية هو احتلالّ عسكرى مخططّ له من قبل، وبدلاً من أن يدفع النظام الجيش والحرس ورجال الأمن لمواجهة المحتلين، جعلهم حماة لهم، إمعاناً فى الإذلال ومبالغة فى الإهانة والخيانة.
وطالب بن لادن النساء فى بلاد الحرمين أن يقمن بدورهنّ فى ذلك بمقاطعة البضائع الأمريكية، لأن كل قرشا يدفع يقابله رصاصات فى صدر أخوتنا فى فلسطين فالمقاطعة الاقتصادية لبضائع العدو الأمريكى هى سلاح فعّال للغاية لإضعاف العدو والإضرار به، ومع ذلك فهو سلاح لا يقع تحت طائلة أجهزة القمع.
ووجه بن لادن فى نهاية رسالته نداءً لشباب السعودية قائلا: لئن كان أبناء بلاد الحرمين قد خرجوا لقتال الروس فى أفغانستان والصرب فى البوسنة والهرسك، وهم يجاهدون اليوم فى الشيشان وقد فتح الله عليهم ونصرهم على الروس المتحالفين معكم، ويقاتلون بفضل الله أيضاً فى طاجكستان أقول: "لئن كان أبناء الحرمين عندهم شعورٌ وإيمانٌ بضرورة الجهاد ضد الكفر فى كل مكان، فهم أكثر ما يكونون عدداً وقوةً وحماسةً على أرضهم التى ولدوا عليها للدفاع عن أعظم مقدساتهم، الكعبة المشرفة، قبلة المسلمين أجمعين، ويعلمون أن المسلمين فى العالم أجمع، سينصرونهم ويؤازرونهم فى قضيتهم الكبرى، قضية كل المسلمين، ألا وهى تحرير مقدساتهم، وأن هذا هو واجبُ كل مسلم فى العالم، وأقول لهؤلاء الكافرين: إن إرهابنا لكم وأنتم تحملون السلاح على أرضنا هو أمرٌ واجبٌ شرعاً ومطلوبٌ عقلاً، وهو حقٌ مشروعٌ فى أعراف جميع البشر، بل والكائنات الحية، ومثلكم ومثلنا كمثل أفعى دخلت دار رجلٍ فقتلها، وإن الجبان من يترككم تمشون على أرضه بسلاحكم آمنين مطمئنين، وهؤلاء الشباب يختلفون عن جنودكم، فمشكلتكم هى كيفية إقناع جنودكم بالإقدامِ إلى الحرب، أما مشكلتنا فهى كيفية إقناع شبابنا بانتظار دورهم فى العمليات والقتال.
واختتم بن لادن بالدعاء قائلا: ولا يسعنا ونحن فى هذا المقام إلا أن نرفع أكف الضراعة، سائلين المولى عز وجل أن يرزقنا السداد والتوفيق فى الأمر كله. اللهم إن علماء الإسلام الصادقين، وشباب الأمة الصالحين قد وقعوا فى الأسر، اللهم فرج عنهم، اللهم ثبتهم، اللهم اخلفهم فى أهلهم بخير.
اللهم إن أهل الصليب قد جاءوا بخيلهم ورجلهم، واستباحوا بلاد الحرمين، وإن اليهود يعيثون فساداً فى المسجد الأقصى مسرى رسول الله - صلى الله عليه و سلم - اللهم شتت شملهم، وفرق جمعهم، وامنحنا اللهم أكتافهم، اللهم زلزل الأرض من تحت أقدامهم، اللهم إنّا نجعلك فى نحورهم، ونعوذ بك من شرورهم.
اللهم أرنا فيهم يوماً أسوداً، اللهم أرنا فيهم عجائب قدرتك.
اللهم منزل الكتاب، ومجرى السحاب، وهازم الأحزاب، اهزمهم وانصرنا عليهم.
اللهم أنت عضدنا، وأنت نصيرنا، بك نجول، وبك نصول، وبك نقاتل، حسبنا الله ونعم الوكيل.
اللهم هؤلاء الشباب قد اجتمعوا لنصرة دينك ورفع رايتك، اللهم أمدهم بمددٍ من عندك واربط على قلوبهم.
اللهم ثبت شباب الإسلام، وسدد رميهم، اللهم ألف بين قلوب المسلمين، ووحد بين صفوفهم، ربنا أفرغ علينا صبراً وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين، ربنا ولا تحمل علينا إصراً كما حملته على الذين من قبلنا، ربنا ولا تحمّلنا ما لا طاقة لنا به، واعف عنّا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين.
اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يُعَزُ فيه أهل طاعتك، ويُذَلُ فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف، ويُنهى فيه عن المنكر. وصلِ اللهم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.