علماء نفس واجتماع يفسرون «موقعة الاستاد»: قلة مندسة أصابت المشجعين بهستيريا جماعية
فسر خبراء فى علم النفس والاجتماع أحداث الشغب التى شهدها استاد القاهرة
مساء السبت قبل نهاية مباراة الزمالك والإفريقى التونسى، بأنها «فوضى من
أفراد مندسين بين الجماهير هدفهم إثارة الشغب لأسباب سياسية، أهمها نقل
صورة عن عجز الأمن الحالى على حماية البلد»، فيما أكد آخرون أنها نتاج «غضب
عام خرج فى شكل هيستيريا انتقلت إلى الأفراد وتصرفوا على أساسها بهذا
الشكل الذى أساء فى النهاية إلى صورة مصر بالخارج».
وقال الدكتور أحمد عكاشة، رئيس الجمعية المصرية للطب النفسى: ما حدث هو
نوع من أنواع «الهيستيريا الجماعية» المقصود بها التأثير على الأفراد،
فعندما يبدأ أى إنسان، وبشكل خاص أحد البلطجية، فى إثارة الشغب فعادة ما
يتحول سلوك المحيطين به إلى سلوك القطيع، بمعنى أن رأس القطيع يمشى والباقى
وراءه يقومون بنفس أعماله من تخريب وعنف، وهذه العملية عادة ما تحدث أثناء
الانفعال الشديد، ولكنه لا يخلو من التدابير المخططة مسبقاً لإثارة
الفوضى.
وأضاف عكاشة: «لا يوجد مبرر واضح لما حدث سوى إثبات أن الأمن الحالى
غير قادر على تنظيم أى شىء جماهيرى مثل مباراة على سبيل المثال، وللتأكيد
على قوة الأمن السابق فى الحفاظ على العامة من الشعب الذى لم يفلح النظام
الأمنى الحالى فى السيطرة عليه، خاصة أنه لا يوجد مبرر عقلانى لما حدث
يجعلنا نظهر بتلك الصورة السيئة التى تعتبر امتداداً لموقعة الجمل وحرق
السجون وفتحها لإثارة الرعب فى نفوس المواطنين، خاصة أن أخلاقيات الشباب فى
الاستاد لم تصل إلى هذا الحد من قبل».
وأرجع الدكتور أحمد شوقى العقباوى، أستاذ الطب النفسى بجامعة الأزهر،
أحداث الشغب إلى الحالة الثورية التى تعيشها مصر منذ 25 يناير، وقال:
«التعبير الغاضب كان موجوداً بالفعل فى نفس كل متظاهر، وهو ما تزامن مع
رغبة الناس فى التغيير الذى لم يحدث وسط تباطؤ فى اتخاذ القرارات من
الحكومة، لأن التغييرات السياسية بطيئة ومازالت الجماهير مشحونة بالغضب
والإحباط، وبالتالى فى مجال مثل كرة القدم يخرج الغضب بأى شكل ليتحول من
غضب مكتوم إلى شغب وعنف وتخريب.
وأضاف العقباوى: «طوال فترة الثورة حافظ الجميع بداخله على سلمية
المظاهرات، ولكن جاءت المباراة كمتنفس للتعبير عن الغضب بأشكال غير متحضرة،
ولكنها لا تستدعى الانزعاج أو الخوف من تكرار هذه الحالة الثورية فى أى
أحداث أخرى، بل إنها بمثابة حافز أكبر لسرعة الإجراءات السياسية فى التغيير
والدعوة لتصفية القضايا المغلقة ومحاكمة رموز النظام، ورغم أن طبيعة الحال
أن محاكمة الأفراد لابد أن تكون بمستندات مؤكدة تأخذ وقتها، إلا أن صبر
المواطنين نفد وينتظرون النتائج بشكل سريع، ولم يجدوا «تلكيكة» سوى
المباراة ليخرجوا فيها غضبهم حتى لو تم ذلك بشكل فج، فقد شعار السلمية».
ويرى الدكتور سمير نعيم، أستاذ علم الاجتماع جامعة عين شمس، أن
الغالبية العظمى من الشعب ابتعدت تماماً عن العنف أو إحداث الفوضى والتزمت
بالنظام، وكان سلوكها متحضراً طوال فترة الثورة، وليس أدل على ذلك من تواجد
الملايين فى ميدان التحرير دون حدوث حالة واحدة من الفوضى.