انتقد خبراء ومراقبون الطريقة التى تعاملت بها جماعة الإخوان مؤخرا مع المؤتمر الذى عقده عدد من شبابها، ووصفوا الأمر بالمؤشر الخطير، وقالوا إن الشباب وجه رسالة شديدة اللهجة، ولا مفر أمام القيادة من الاستجابة لها.
يشار إلى أن شباب الإخوان كانوا هم القطاع الأكبر الذى أعطى شرعية للجماعة فى تأكيد وتبرير المشاركة فى ثورة 25 يناير، بعد أن كادت الجماعة تعاقب من يدعو للثورة، كما أن مضمون أوراق مؤتمرهم" رؤية جديدة من الداخل"، لم يكن جديدا، كما أقر الكثيرون، إلا من حيث التوقيت والمصدر الذى ناقش، وهم شباب تنظيمى لهم مسئوليات سواء بأسر أو بشُُّعب ومناطق فى هيكل الجماعة، للمطالبة بالتطوير وللتغيير.
مختار نوح، أحد قيادات التيار الإصلاحى فى الجماعة، اعتبر أن المؤتمر علامة نضج فى الجماعة، يتمنى أن تتعامل معها القيادة والجماعة تنظيميا بالاستيعاب ولا داع لأن يتم معاملة الشباب بذات الأسلوب التقليدى القديم، قائلا" الفكر الجديد طوفان يمكن تنظيمه لكن لا يمكن مقاومته".
نوح أكد أن الشباب قد يملكون من الأفكار ما عجز جيله والكثيرون عن بلورته، لكن واقعهم يختلف عن واقع هذا الجيل ودوافعهم كذلك، لذلك فالتعامل الثنائى بين أبناء جيل القيادات فى الإخوان وجيله ينبغى أن يختلف عن التعامل مع جيل الشباب وقياداته، معترفا بأنه استمع لجميع وقائع المؤتمر واعتبر ما دار فيه كلمة حق أريد بها حق، متمنيا من القيادة أن تستعد لمواجهة تحديات أكبر وهى تعد نفسها لقيادة دولة، فعليها كما قال، أن تكون على مستوى قيادة الدولة وتترفع عن التعامل بسياسة العناد مع الأفكار الوافدة من الشباب وأن تستعد لتخلى مكان القيادة لهذا الجيل فورا.
هيثم أبو خليل، أحد الشباب الذين ادعت الجماعة فصلهم لمخالفته التعليمات والمعارضة دائما، اعتبر المؤتمر بداية رغم أنه لم يرض طموحات الكثيرين، مضيفا أنه شعر بضعف بعض كلمات المنسقين للمؤتمر والتوصيات، خاصة عندما أعلن الشباب عرضهم التوصيات على مكتب الإرشاد والقيادة للنظر فيها، وهو ما وصفه بأنه عدم تحرر للشباب وظهور الوصاية عليهم من القيادة، لكنه فى النهاية، كما قال، خطوة ونقلة نوعية لشباب الإخوان.
وأشار أبو خليل إلى أن حضور الشباب بهذا العدد رغم التحذيرات التى صدرت لهم من المكاتب الإدارية يعد رسالة تحذير قوية للجماعة، خاصة وأن المشاركين شباب تنظيمى مع شباب محب.
ووصف الدكتور عمار على حسن المؤتمر الذى عقده شباب الإخوان المسلمين ورغبتهم فى تطوير الجماعة، بأنه تطور لافت ومهم ونوعى لم تشهده الجماعة فى تاريخها، لاسيما منذ نشأة جماعة "شباب محمد" التى انشقت عن الإخوان قبل ستة عقود، مضيفا أن تيار الشباب داخل جماعة الإخوان المسلمين أكثر تطورا وحداثة وإيمانا بالديمقراطية والدولة المدنية والسياسة بمفهومها العصرى من جماعة محمد.
وقال إن تيار الشباب فى الإخوان تيار واعد ويجب على كافة القوى الوطنية أن ترعاه وتسانده وتمد يدها له، وذلك لإن إصلاح الجماعة أصبح ضروريا بعد ثورة 25 يناير، موضحا أنه فى ظل تمكن الجماعة وتمام نفوذها ورغبتها فى الانفراد فى الحياة السياسية يصبح من الضرورى والواجب أن تتاح لها الفرصة لكى تصور أفكارها وممارساتها ومواقفها السياسية، مؤكدا أن هذا الجيل من الشباب يستطيع أن يحقق، بامتياز، هذا الأمر.
وشدد على أن الجماعة على محك تاريخى وأنها ستضع نفسها فى مأزق شديد إذا لم تستوعب وتقدر طاقة الشباب والرغبة فى التغيير، لافتا إلى أن المستقبل فى صالح تيار الشباب داخل الجماعة والذى قد يبدو ضعيفا وليس له جذور، ولكنه الأكثر توافقا مع المجتمع الآن وسيلقى تشجيعا وسيكسب أرضا جديدة يوما بعد يوم.