بالجدول..الدورعلى من فى الحكام العرب
من هو الحاكم العربي الذي يقع عليه الدور
في خلعه خلال المرحلة المقبلة ؟ هذا هو السؤال الذي حاولت أن تجيب عليه
مجلة إيكونوميست البريطانية التي تعد من أكبر وأقوى المجلات الإقتصادية في
العالم، من خلال تقديم جدول تفاعلي يمكن للقراء التعامل معه بسهولة.
وبإختصار يمكن القول أنه لم تعد الإجابة بشأن الحاكم العربي الذي سيتم خلعه
قريبا صعبة بعد الأن أو رجما بالغيب، وإنما يمكن تحديد ذلك بسهولة من خلال
مجموعة من المعايير تيسر مهمة توقع الدولة العربية التي ستشهد قلاقل
واضطرابات من واقع هذه المعايير.
وفي محاولة لتيسير هذه المهمة قامت مجلة "إيكونوميست" البريطانية ببناء
مؤشر لعدم الإستقرار في الدول العربية يساهم في توقع تطورات المرحلة
المقبلة, وتضمن المؤشر الذي جاء تطويرا لآخر سابق نشرته المجلة في 9 فبراير
الماضي تسعة معايير أو مقاييس هي على التوالي:
1 – عدد سنوات بقاء الحاكم في السلطة
2 – نسبة السكان تحت 25 سنة إلى الإجمالي الكلي
3 – العدد الفعلي للسكان تحت سن 25 سنة
4- نسبة دخل الفرد من الناتج القومي الإجمالي
5 – مستوى القيود على الديمقراطية
6 – مستوى الفساد في الدولة
7- القيود القائمة على حرية الصحافة
8 – مستوى التعليم لدى الأفراد البالغين
9 – عدد مستخدمي الإنترنت
ومن خلال هذه المعايير يمكن تحديد مستوى
استقرار الدولة من عدمه وما إذا كانت يمكن أن تشهد إضطرابا مستقبليا أم لا،
فالدولة التي تحقق نسبا متدنية على صعيد مجموع المؤشرات يمكن بسهولة توقع
أن تضطرب فيها الأمور مستقبلا والعكس.
على سبيل المثال فإن دولة تجاوز فيها بقاء
الحاكم في السلطة عقود وتعاني من قيود على حرية الصحافة والديمقراطية
وارتفاع مستوى الفساد سيكون توقع الثورة بها أعلى من دولة تماثلها في
الظروف ولكن سنوات بقاء الحاكم في السلطة أقل بكثير.
وعلى هذا النحو يمكن التعامل مع المؤشر
وفهمه. ومن خلال الضغط على خانة الدولة الموجودة بالمؤشر يمكن معرفة موقفها
من مجموعة المعايير التسعة. كما يمكن معرفة موقف مجموع الدول العربية من
كل معيار على حدة. ومن ذلك مثلا ما هو وضع الفساد في مختلف الدول العربية؟
هنا يعطينا المؤشر تصنيفا تحتل فيه الدولة العربية ذات المستوى أكبر من
الفساد في المقدمة وتليها من هي أقل وينتهي بالدولة التي تتراجع فيها نسبة
الفساد إلى حدودها الدنيا, كما يقدم المؤشر في المحصلة النهائية نتيجة
محددة تحدد مستوى عدم الإستقرار في الدولة وفق كل معيار.
وفي متابعة للمؤشر الذي تقدمه المجلة فإنه
على صعيد معيار بقاء الحكم في السلطة فإن الدول الخمس ذات الحاكم الأكثر
بقاءا في الكرسي هي : ليبيا، عمان، اليمن، مصر، تونس. أما بالنسبة لمعيار
القيود على الديمقراطية فإن الدول الخمس في المقدمة هي : السعودية، ليبيا،
سوريا، الإمارات، واليمن. أما على صعيد معيار انتشار الفساد فإن الدول
الخمس الأكثر فسادا بالترتيب هي : العراق، اليمن، ليبيا، موريتانيا، سوريا.
أما على صعيد القيود على حرية الصحافة فإن الدول الخمس الرئيسية هي:
ليبيا، تونس، سوريا، السعودية، واليمن.
أما على صعيد موقف كل دولة على حدة من
مجموع المؤشرات فنجد أنه بالنسبة لمصر مثلا، أنها تأتي في مقدمة الدول
العربية من حيث عدد السكان بإجمالي 84.5 مليون نسمة. وعن عدد السكن تحت سن
25 سنة فإنها تتمتع بإرتفاعهم حيث يقدرون بحوالي النصف وبالتحديد 44.2
مليون نسمة بسنبة 52.3 %. وأما عن نصيب الفرد من الدخل القومي فيصل غلى نحو
5860 دولارا للفرد. وأما عن مستوى الديمقراطية فمصر تحتل الترتيب 138 من
بين 167 دولة. وأما عن مستوى الفساد فهي تحتل مرتبة فوق المتوسطة حيث تأتي
في الترتيب 98 من بين 178 دولة. وأما عن مستوى حرية الصحافة فهي تحتل مرتبة
لا بأس بها – كل هذا طبعا قبل الثورة – حيث تشغل الرقم 130 من بين 196
دولة. وأما عن مستوى التعليم بين الكبار فيقدر بنسبة 66.4 مليون للسكان فوق
سن 15 سنة. وعن استخدام النت فهي تحتل مرتبة متدنية نسبيا – على غير ما
تشير الأرقام المعروفة والأكثر إنتشارا – حيث أن نسبة 16.6 من السكان
يستخدمون شبكة الإنترنت.
وبمقارنة هذه الجوانب بنظيراتها في دول
عربية أخرى يمكن تحديد الدولة التي يمكن أن تشهد ثورة فقد بدأ الأمر بتونس
وامتد لمصر ثم هاهي الثورة الآن في اليمن وليبيا والبحرين.. فيما تشاور
الأوضاع في السعودية نفسها.. والحبل على الجرار. بالطبع فإن الأمر ليس
جامعا مانعا فقد تندلع الثورة في دولة المقاييس فيها أقل من غيرها فهذا
يرتبط بالسلوك الإنساني الذي من الصعب التنبؤ به.. الأمر الذي يجعلنا نؤكد
على أن المؤشر المذكور ليس سوي محاولة للإجتهاد من الإيكونوميست دون أن
ننسى أن المنجمين كذبوا ولو صدقوا!