رأى أغلبية المشاركين في مؤتمر "مناظرات الدوحة" الذي استضافته الجامعة
الأمريكية بالقاهرة أن مصر ليست مستعدة في الوقت الراهن لإجراء انتخابات، وأنه
ينبغي الإعداد الجيد لمثل هذه الانتخابات، حتى يتحقق الانتقال الديمقراطي المطلوب
في الحياة السياسية بعد ثورة يناير 2011.
وقد طرحت الحلقة سؤالا
رئيسيا على المشاركين الذين أدلوا بأصواتهم باستخدام أجهزة تصويت إليكترونية من
مقاعدهم، وكانت النتيجة 84% يرون عدم إجراء الانتخابات، بينما رأى نحو 16% منهم
ضرورة إجرائها حاليا.
ودارت المناقشات الساخنة، التي أدارها الإعلامي
البريطاني، تيم سباستيان، الذي يقوم على إدارة هذه المناظرات، والتي يشرف عليها
منتدى قطر لدعم حرية التعبير، حول مدى استعداد مصر لإجراء الانتخابات بمشاركة عدد
من الناشطين السياسيين المصريين، وبحضور عدد من ممثلي وسائل الإعلام المصرية
والبريطانية وطلاب الجامعة الأمريكية.
وقال سباستيان: إن انعقاد هذا المؤتمر
في الجامعة الأمريكية ذو دلالة من حيث القرب الجغرافي لميدان التحرير مركز واحدة من
أهم ثورات مصر في العصر الحديث، والتي أحدثت تغييرات في الحياة السياسية
والاجتماعية بمصر.
وفي كلمة الناشطة النسائية مروى شرف الدين أكدت أن تأجيل
إجراء الانتخابات لصالح الديمقراطية، مشيرة إلى أنه لو حدثت الانتخابات في ظل
الظروف الراهنة لشهدت البلاد حالة من التلاعب واسعة النطاق نظرا للافتقار إلى
القاعدة الأساسية، وهي الدستور الجديد الذي يحل محل دستور 71، الذي مات منذ الثورة،
وحتى تكون هناك حرية في التعبير وحكم للقانون.
وتساءلت: كيف ستشارك
المجموعات والتكتلات السياسية المختلفة دون وجود هذا الدستور؟، لافتة إلى معارضتها
لاستمرار وجود حكم عسكري في مصر.
على الجانب الآخر من المنصة، كان الدكتور
عصام العريان، المتحدث باسم جماعة الإخوان المسلمين، مدافعا عن فكرة إجراء انتخابات
عادلة في ظل دستور جديد، مشيرا إلى أن الوضع حرج في مصر، وأنه يجب إدارة الأمور في
البلاد عبر الانتخابات ولا يستمر الوضع كما هو، ولا في ظل حكم عسكري الذي يشكل
استمراره خطرا كبيرا على مصر.
ولفت العريان إلى أن مصر حولها الكثير من
الأوضاع السياسية والأمنية الحساسة على حدودها المختلفة، وأنه يجب أن تكون البلاد
مستعدة بعد ثورتها التاريخية للتصدي لأية تطورات في المشهد السياسي الخارجي
والداخلي.
وقال، إنه لا يجب وصف المصريين بأنهم غير مستعدين للديمقراطية،
لأن الديمقراطية المصرية بنيت بأيدي المصريين وليس بالدبابات، وأنه آن الأوان
للتعاون بين مختلف الأحزاب القديمة والحديثة وسائر التكتلات، من أجل تحقيق نظام
ديمقراطي يحقق الأهداف المنشودة.
وحول مسألة " الدعوة إلى الجهاد" قال
العريان: إن الجهاد الأصغر بالجيش، أما الأكبر فمن خلال التعاون بين جميع الفئات،
مشيرا إلى أن الوقت قد حان لوجود نظام قوي متعدد الأحزاب، ويرى أنه الاختيار
الأفضل.
وحول مدى تأييد الإخوان لوجود مرأة في منصب رئيس الجمهورية أوضح
العريان أن كل الفئات لها الحق في الترشح في الانتخابات، كما اعتبر أن الإخوان لهم
تجارب سابقة في الاتحاد والتعاون مع تكتلات سياسية أخرى بما في ذلك
الوفد.
وبالعودة إلى الطرف الأول من منصة النقاش كان الناشط شهير جورج الذي
بدأ طرحه برفض فكرة إجراء انتخابات في غضون أشهر قليلة، معتبرا أنه لن يكون لإجراء
الانتخابات معنى في ظل دستور غير ديمقراطي، كما لا يمكن إجراؤها بدون دستور جديد.
وأشار إلى ضرورة التفاوض مع الجيش الذي صار يدير دفة السلطة في مصر بسبب
الثورة في شوارع مصر، وأنه لذلك ينبغي أن يستمع القادة العسكريون لآراء الناس،
وقال: "لابد من الحوار الوطني لأن أي حديث عن الديمقراطية بدون هذا الحوار هراء".
بدوره، كان شريف طاهر، عضو المكتب التنفيذي لحزب الوفد، من أنصار إجراء
انتخابات مبكرة، حيث نبه إلى أن العلاقة بين الجيش والشعب جيدة حتى الآن، إلا أنه
لو خرجت المظاهرات عن السيطرة سيجد الجيش نفسه مجبرا على اتخاذ خطوات شديدة، وقد
يتحول الأمر إلى صورة من سيطرة الضباط العسكريين على السلطة بعد عام
1952.
وأضاف طاهر، أنه بعد الثورة لم تعد هناك مؤسسات في الدولة، وصار على
الجيش إدارة شؤون البلاد، وأمنها الداخلي في ظل هذه الأوضاع، مشيرا إلى ضرورة عدم
تأجيل إجراء الانتخابات، وتركيز الجهود على صياغة دستور جديد يحقق آمال الشعب، لكنه
لا ينبغي أن يتولى الجيش تغيير الدستور، بل يجب أن يتم التحول للديمقراطية عبر
حكومة مدنية ذات تفويض واضح.
وقال، إن المسألة ليست بخصوص حزب سياسي ولا حتى
الوفد، وأن الوقت حان لحكومة مؤقتة تتولى السلطة عبر انتخابات، لكن أحد السائلين من
الشباب المشاركين قال "لا ينبغي أن يظن الوفد ولا غيره أنه يمثل الثائرين"، وهو ما
أكدت عليه مروى شرف الدين التي تساءلت، "أين كان الوفد والإخوان والتجمع وغيرهم حين
بدأ الشباب الثورة؟"، فرد شريف طاهر إن الوفد شارك منذ البداية في الثورة، لكنه
قال، إنه لن يتولى زمام القيادة فيها.
وحول إمكانية حدوث تلاعب أو تزوير في
مراكز الاقتراع لو عقدت الانتخابات أعرب طاهر عن اعتقاده بأن الشعب هو الذي سيحمي
صناديق الاقتراع، وسيضمنون نجاح الانتخابات، خصوصا من شاركوا في ثورة التحرير الذين
لن يسمحوا بالتزوير، رافضا مقولة الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء الأسبق من أن
المصريين ليسوا مستعدين للديمقراطية، وشدد طاهر على أن ثوار 25 يناير أثبتوا
العكس.
يذكر أن هذه هي المرة الأولى التي يعقد فيها مؤتمر "مناظرات الدوحة"
مناقشة عامة بالقاهرة، حيث عقدت جلسة مماثلة في تونس في أول مناظرة في هذا البلد
منذ 25 عاما.