لماذا اختلفت تصريحات عمرو موسى بعد الثورة عن تصريحاته في عهد مبارك؟
" سيادة أي دولة موضوع مسلم به والجدار الفولاذي الذي تقيمه مصر على
حدودها مع غزة ليس مطروحا على أي مؤسسة رسمية سواء الجامعة العربية أو
غيرها", "الجدار الفولاذي لابد أن يُهدم ويمحى تماماً، إنه مثل جدار الفصل
العنصري الذي يفصل بين الفلسطينيين والمستوطنين الإسرائيلين في الضفة
الغربية", هل تصدق أن هذين التصريحين لرجل واحد؟ إنها كذلك بالفعل, ولكن من
يستطيع أن يغير مواقفه بهذه السهولة؟
أصبح السيد عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية شخصا آخر غير
رجل البارحة الذي عهدناه, فقد دبلوماسيته المعهودة بعد تلك التصريحات
النارية في ساقية الصاوي التي أطلقها تنديدا بتلك الأمور التي كانت تنغص
على المصريين والعرب حياتهم, رغم أنها لم تكن لتخرج في العلن وقت الحاجة
إليها.
انتقد موسى الممارسات التي كان يقوم بها نظام مبارك وتلك التي تقوم بها
الأنظمة العربية الفاسدة, ولطالما احتاج العرب لتصريحات من الامين العام
تثلج صدورهم التي كانت تملأها النار وهم يرون إخوانهم في غزة محاصرين,
والسودان يجتز منه جنوبه, وأشقائهم في ليبيا يتعرضون للقمع منذ سنوات
والأنظمة العربية تسعى في شعوبها فسادا.
الأمين العام لجامعة الدول العربية الذي قضى بين جدرانها ما يقرب من
العشر سنوات وأعلن مؤخرا عن نيته في عدم الترشح مجددا لرئاسة الجامعة بعد
انتهاء فترة رئاسته في أبريل القادم, لم نسمع له تصريحا واحدا ينتقد فيه
بناء الجدار الفولاذي الذي بدأ نظام مبارك في إنشائه عام 2009, وأكد موسى
من قبل أن سيادة أي دولة موضوع مسلم به وأن بناء الجدار الفولاذي الذي
تقيمه مصر على حدودها مع غزة ليس مطروحا على أي مؤسسة رسمية سواء الجامعة
أو غيرها واستنكر موسى حينها هؤلاء الذين يتابعون موضوع بناء الجدار في حين
يغضون الطرف عن قيام مصر بفتح معبر رفح.
أما في المؤتمر الذي أقامته ساقية الصاوي للسيد موسى فقد أشار إلى ضرورة هدم هذا الجدار وإزالته تماما من الوجود!!!
كذلك فإن موسى لم يلق بالا لممارسات الأنظمة العربية من قمع لشعوبها في
ثوراتهم ضد الفساد والظلم لاسيما في البحرين وليبيا واليمن التي تشتعل فيها
الأحداث يوما بعد يوم وسكت عن قمع الأنظمة العربية لشعوبها طيلة السنوات
العشر التي قضاها في مبنى جامعة الدول, وبصفته رجل دبلوماسي من الطراز
الأول لم نسمعه مرة ينتقد أي نظام عربي ولا رفض سياسات هؤلاء الطغاة رغم
وجود سمة مشتركة بين تلك الأنظمة وهي قمع شعوبها.
فعلى سبيل المثال وبخصوص ما يحدث في ليبيا من مجازر يقوم بها نظام
القذافي ضد شعبه, فلم نسمع للسيد عمرو موسى تصريحات تدين هذه المجازر سواء
تلك التي تمارسها ميلشيات القذافي ضد الليبيين في ثورتهم أو تلك التي كانت
تمارس ضدهم من قبل أو أي من المجازر التي تتعرض لها بقية الشعوب العربية
التي تتوق إلى التحرر من هذه الأنظمة الفاسدة.
عمرو موسى قال أن جامعة الدول العربية قامت بتجميد عضوية ليبيا, مؤكدا
أن هذه هي المرة الأولى التي تقوم فيها الجامعة بتجميد عضوية أي دولة عربية
بسبب ما يرتكبه القذافي من جرائم ضد شعبه.
لكن السؤال هنا, ما الذي استفاده الشعب الليبي من تجميد عضوية ليبيا؟؟
فمازال الدم الليبي يراق إلى الآن ومازال القذافي يستخدم الطائرات والمدافع
الثقيلة ضد أبناء شعبه في حرب أعلن القذافي أنه لا هوادة فيها.
موسى كذلك أكد أن الفترة المقبلة ستشهد خطوات سوف تتخذ ضد الحكومة الليبية, فهل هذا سيكون بعد سفك المزيد من الدماء ؟
وبالنسبة لقضية تصدير الغاز لإسرائيل التي تؤرق جنابات المصريين فقد
انتقد موسى الإتفاقية التي تمت في غياب مجلس الشعب, كما قال, مشيرا إلى
ضرورة مراجعة النصوص المتعلقة بالإتفاقية جيدا, مضيفا أن هناك كلام كثير
يدور حول وجود أخطاء جسيمة في عقد تصدير الغاز.
ومع ذلك لم نسمع للسيد عمرو أي تصريح حول رفضه هذه الاتفاقية التي
أبرمها النظام السابق, والذي باع الغاز لإسرائيل بثمن بخس وكان فيه من
الزاهدين, غير عابئ بالحكم القضائي والقاضي بإيقاف تصدير الغاز
لإسرائيل.أكد
كذلك فإن موسى أكد من قبل في لقاء تلفزيوني له عن أنه سينتخب حسني مبارك
في حال ترشحه لانتخابات الرئاسة التي كان من المقرر عقدها في 2011 قبل
ثورة 25 يناير, وعندما واجهه أحد الحضور بذلك إلتف موسى على السؤال بطريقة
دبلوماسية قائلا "عندما تحدثت في احدى وسائل الإعلام عن نيتي للترشح جاوبت
بأن المادة 76 من الدستور لا تسمح وقلت في هذه الحالة أنا أؤيد ترشيح الأب
مبارك وليس الإبن جمال", وكأن موسى يسير بمبدأ "أحسن الوحشين".