العالم يتجه لفرض حظر جوي علي ليبيا
اكد اكمل الدين احسان اوغلو الامين العام
لمنظمة المؤتمر الاسلامي تأييده لفرض حظر جوي علي ليبيا وذلك خلال اجتماع
خاص تعقده المنظمة علي مستوي مندوبي الدول الاعضاء لمناقشة الوضع في
ليبيا. وقال اوغلو:
"نضم صوتنا للاصوات المطالبة بفرض حظر جوي علي ليبيا ونطالب مجلس الامن
القيام بمهامه في هذا الصدد". واكد اوغلو رفض المنظمة لأي تدخل عسكري في
ليبيا، مناشدا السلطات الليبية السماح فورا بدخول المساعدات الانسانية
دون تأخير. وتسعي بريطانيا وفرنسا لحشد تأييد الدول العربية والاسلامية
لمشروع قرار في مجلس الامن الدولي لفرض منطقة حظر جوي فوق ليبيا لمنع
القوات الموالية للعقيد معمر القذافي من القيام بعمليات قصف جوي في
المواجهات التي تدور مع الثوار المطالبين برحيله. ويري مسئولون وخبراء
امريكيون ان اقامة منطقة حظر جوي فوق ليبيا تفترض عملية ضخمة لمنع الطائرات
العسكرية الليبية من قمع المدنيين لكنها لن تأتي بحل للوضع ميدانيا.
ومثل هذه العملية التي تعتبر من فئة الاعمال الحربية تتطلب تفويضا من
الامم المتحدة كقاعدة شرعية لها. اما علي الصعيد العسكري فقد حذر رئيس
اركان الجيوش الامريكية الاميرال مايكل مولن من ان تطبيقها ينطوي علي
تعقيدات هائلة. وتحتاج العملية ، في بلد شاسع مثل ليبيا تبلغ
مساحته اربعة اضعاف مساحة العراق، الي مطاردات بالقاذفات وطائرات
المراقبة الجوية من نوع اواكس ورادارات وطائرات حربية الكترونية للتشويش
علي الرادارات ووسائل الاتصال الليبية، فضلا عن مروحيات وفرق انقاذ
لانتشال أي طيارين يتم اسقاط طائراتهم. وبتقدير باري واتس الخبير في مركز
التقييم الاستراتيجي والمالي في واشنطن، فإن العملية تتطلب تدخل 50
الي 70 طائرة يوميا. ويمكن لهذه الطائرات الانطلاق من حاملات طائرات
ومن قواعد علي الارض. ولا يوجد حاليا اي حاملة طائرات في المنطقة ولو ان
حاملة الطائرات الامريكية "يو اس اس انتربرايز" تبحر في البحر الاحمر
في حين عادت حاملة الطائرات الفرنسية "شارل ديجول" للتو الي طولون.
واوضح باري واتس ان المشكلة الاكبر قد تكمن في ايجاد قواعد جوية قريبة الي
حد يسمح بالقيام بعمليات. وبين دول الحلف الاطلنطي، ايطاليا هي البلد
الاقرب الي ليبيا، غير ان استخدام القواعد الايطالية يفترض الحصول علي
موافقة روما. وكشف الكولونيل ديفيد لابان المتحدث باسم البنتاجون ان
مخططي وزارة الدفاع الامريكية يعملون حاليا علي تقدير عدد الطائرات
الضرورية والوسائل البحرية والبرية المطلوبة لفرض منطقة الحظر الجوي في حال
اتخذ الرئيس باراك اوباما مثل هذا القرار. وقال وزير الدفاع الامريكي
روبرت جيتس انه في حال اتخاذ قرار بتنفيذ العملية، فسوف تبدأ بهجوم علي
ليبيا لتدمير الدفاعات الجوية. واوضح انتوني كوردسمان الخبير في مركز
الدراسات الدولية والاستراتيجية ان العديد من بطاريات الصواريخ غير مجهزة
بخوادم او انها بمستوي جهزوية منخفض جدا. ويعتقد ان ليبيا تملك 100
صاروخ مضاد للطائرات من طراز اس ايه - 2 يعود تصميمها الي خمسينات
القرن الماضي، وحوالي سبعين صاروخا اس ايه - 6 من طراز احدث، وفق
موقع "جلوبال سيكيوريتي. اورج". وقال كوردسمان ان التفوق العسكري
يفترض ان يكون كافيا لردع الطيران الليبي عن التدخل. ويملك سلاح الجو
الليبي اكثر من 300 طائرة مقاتلة معظمها قديمة من طراز ميج - 23
وميغ - 25، واكثر من نصفها لم يعد عملانيا بحسب الموقع المتخصص.
وقال باري واتس مقللا من شأن هذه الطائرات
ان طائرات ميج - 25 وميغ -23 لم توفق يوما حين قامت بمضايقة
البحرية الامريكية في ثمانينات القرن الماضي. واضاف: "اعرف قواتنا
المسلحة جيدا. وعلي ضوء سلوكها الماضي وعقيدتها، فسوف تعمد الي تدمير
جميع مدارج الطيران الليبي للحد من المخاطر". ورأي الكولونيل لابان ان
إحداث فجوات في المدارج قد يكون له تأثير، لكنه لن يحل المشكلات. وقال
انتوني كوردسمان بهذا الصدد ان مهاجمة المدارج لن يمنح المروحيات الهجومية
التي تصعب مطاردتها من التعرض للمدنيين، مشيرا الي ان قوات القذافي قد
تتغلب علي المحتجين بالرغم من الحظر الجوي. واقر السفير الامريكي لدي حلف
شمال الاطلنطي ايفو دالدر بهذا الامر ،حين قال ان النشاط الجوي الليبي
حتي الآن لم يكن عاملا حاسما في مواجهة المسلحين. واعرب مجلس التعاون
الخليجي ايضا عن ادانته للجرائم المرتكبة بحق المدنيين في ليبيا واستخدام
الاسلحة الثقيلة وتجنيد المرتزقة، داعيا السلطات الليبية الي الوقف
الفوري لاستخدام القوة ضد المدنيين والعمل علي حقن الدماء وتحقيق تطلعات
الشعب الليبي". كما دعا المجلس جامعة الدول العربية الي تحمل
مسئولياتها، والي عقد اجتماع طارئ لبحث الوضع في ليبيا من اجل حماية
الليبيين.
من جهته اعلن حلف شمال الاطلنطي ان
القذافي قد يكون ارتكب جرائم ضد الانسانية بمهاجمته مدنيين ليبيين محذرا من
ان العالم لن يقف مكتوف الأيدي اذا لم تتوقف مثل هذه الهجمات. واكد
الامين العام للحلف العسكري اندرس فوج راسموسن ان الحلف لن يستخدم القوة
الا اذا امره قادة العالم بذلك صراحة. وقال: "نفترض ان الدور العملياتي
للحلف سيكون طبقا لتخويل من مجلس الامن الدولي". وفي هذا الاطار اعلن
دبلوماسي في الامم المتحدة ان الدبلوماسيين الفرنسيين والبريطانيين يعكفون
علي اعداد مشروع قرار لطرحه في مجلس الامن يفرض منطقة حظر جوي في الاجواء
الليبية. واعلن وزير الخارجية البريطاني وليام هيج ان بريطانيا تعمل علي
طرح مشروع قرار في الامم المتحدة بشأن فرض حظر جوي علي ليبيا الا انه قال
ان مثل هذا الحظر يجب ان يحظي بدعم اقليمي واسس قانونية واضحة. غير ان
وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف اعلن ان روسيا ترفض اي تدخل عسكري اجنبي
في ليبيا، في حين صدرت دعوات لتقديم دعم عسكري للثوار المناهضين لنظام
معمر القذافي. ومن جهته اعلن البيت الابيض ان فكرة تسليح المعارضة
الليبية هي من الخيارات المطروحة، مؤكدا في الوقت نفسه ان هذا الامر يبقي
سابقا لاوانه في الوقت الحاضرواي عمل عسكري محتمل ضد نظام القذافي يجب ان
يحظي بموافقة المجتمع الدولي. وفي مدريد اكد متحدث باسم رئاسة الحكومة
الاسبانية ان اسبانيا تعتبر ان اي تدخل سياسي او اقتصادي او عسكري محتمل في
ليبيا يحتاج لدعم الامم المتحدة والبلدان العربية والافريقية. اما
الاتحاد الاوروبي فيستعد بحسب دبلوماسيين لفرض عقوبات مالية جديدة علي
ليبيا تستهدف خصوصا هيئة الاستثمار الليبية بعد تجميد الارصدة وحظر
التأشيرات عن 26 مسئولا ليبيا. وقررت اليابان تنفيذ العقوبات التي
فرضتها الامم المتحدة الشهر الماضي علي ليبيا والتي تتضمن خصوصا تجميد اصول
العقيد معمر القذافي والمقربين منه. وطلبت حكومة يمين الوسط برئاسة
ناوتو كان تجميد الاصول التي من الممكن ان يمتلكها القذافي وخمسة من ابنائه
في اليابان ومنع هؤلاء الاشخاص الستة اضافة الي عشرة ليبيين آخرين من دخول
الاراضي اليابانية. وقال مسئول في وزارة الخارجية اليابانية: "تماشيا
مع العقوبات ستقوم اليابان بتجميد اصول العقيد القذافي وعدد من المقربين
منه، مضيفا ان وزارة المال تدقق في قيمة هذه الاصول. واشار الي ان
العقوبات تعني ايضا منع استيراد الاسلحة من ليبيا بما يتوافق مع قرار مجلس
الامن. وتسجل التبادلات التجارية بين البلدين مستويات ضعيفة نسبيا، لأن
اليابان لا تستورد النفط الليبي.