لم يمكث مبنى أمن الدولة بأكتوبر العتيد سوى دقائق حتى سقط فى أيدى رجال القوات المسلحة، حيث تم التحفظ على كافة المستندات قبل إعدامها والقبض على ضابط الجهاز بعد مطاردة فى أنفاق المبنى تارة ومحاولة هروبهم من السور الخلفى تارة الأخرى.
العديد من الكواليس والمشاهد الغريبة التى شهدها المبنى قبل ساعات من حضور الجيش سردها أمناء مباحث أمن الدولة الهاربين من المبنى، حيث أكد أحدهم أنه فى الوقت الذى كان يحاكم فيه "حبيب إبراهيم العادلى" وزير الداخلية السابق بمحكمة جنايات الجيزة بالتجمع الخامس، صدرت أوامر من مسئولى مبنى أمن الدولة بأكتوبر بإحراق كافة المستندات والأوراق الخطيرة التى يحتويها المبنى، حيث تم تجميعها فى "كراتين" وإلقاؤها فى "مقلب" زبالة على بعد أمتار من سور المبنى وأشعلوا النيران فى معظمها.
وأضاف، أن الأدخنة بدأت تتصاعد وارتفعت ألسنة النيران حتى جاوزت المبنى ذاته، مما أدى إلى لفت انتباه المارة على طريق محور 26 يوليو بالقرب من المبنى وتجمع العشرات أمام المبنى وحاولوا اقتحامه، إلا أن محاولاتهم باءت بالفشل.
ارتفعت أصوات المتظاهرين أمام المبنى بعدما تأكدوا من أن مسئولى أمن الدولة اقتربوا من إعدام جميع المستندات الخطيرة التى تحمل أسرار سيادية تتعلق بالدولة، وأطلقوا عدة هتافات منها "الشعب يريد محاكمة أمن الدولة" و"حرق المستندات مش هينسينا اللى فات"، واستمروا فى الهتاف حتى وصول الجيش.
فرض الجيش كردوناً أمنياً حول المبنى ونجح فى اقتحامه، بينما كانت زغاريد النساء لا تتوقف أمام المبنى فرحاً بالقوات المسلحة، وردد الرجال "الشعب والجيش إيد واحدة".
25 دقيقة كانت كافية ليسيطر الجيش على المبنى كاملاً من الداخل بعدما دخل فى مطاردات مع ضباط أمن الدولة الذين حاولوا الهرب من خلال الأنفاق، إلا أن الجيش ألقى القبض عليهم، بينما حاول البعض الآخر الهرب من فوق الأسوار الخلفية للمبنى فوجدوا القوات المسلحة فى انتظارهم.
تم القبض على العشرات من ضباط وأمناء شرطة أمن الدولة ووضعهم داخل سيارات تابعة للقوات المسلحة لنقلهم إلى معسكرات الجيش لحين التحقيق معهم، بالإضافة إلى التحفظ على العديد من المستندات الخطيرة التى لم يتم إحراقها.
حصل "اليوم السابع" على أجزاء من المستندات المحترقة، حيث اختفت بعض معالمها، بينما ظهر فى الجزء المتبقى معلومات عن جماعة الإخوان المسلمين وتوزيعهم الجغرافى والسجون الموجودين بها وأنشطتهم ودفاتر بتحركاتهم والندوات التى كانوا يقيمونها خارج وداخل محافظة السادس من أكتوبر، إضافة إلى تقارير عن السلفيين والمساجد التى يترددون عليها، كما عثر على دفاتر بتقسيم القوات إلى مجموعات ورموز ومرتبات الموظفين بالمبنى، إلا أن الملفت فى الأمر أن معظم هذه المستندات حملت توقيع حبيب العادلى وزير الداخلية السابق.