بعد ألف و435 يوماً قضاها خيرت الشاطر، نائب المرشد العام لجماعة الإخوان، خلف
القضبان، خرج إلى الحرية وعنوان حالة "وتلك الأيام نداولها بين الناس"، فيرى أن
خروجه فى ذلك التوقيت وما حدث آية من آيات الله أن يدخل حبيب العادلى وأحمد عز
ورموز النظام السابق الذين ظلموا الإخوان، وفى مقدمتهم الشاطر ذات السجن وذات
العنبر الموجود به الشاطر تقريبا، وتكون أول تهمة موجهة للعادلى ومبارك وعز هى غسيل
الأموال وإهدار المال العام.
وبعد أن قضت المحاكم الجنائية والإدارية ببراءة
الشاطر حكمت عليه المحكمة العسكرية بالسجن 7 سنوات، قضى منها أربعة سنوات وثلاثة
أشهر، ليصل مجموع ما قضاه فى السجون أيام حكم الرئيس السابق حسنى مبارك 12 عام
كاملة، ما بين قضيتين عسكريتين وحبس احتياطى.
الشاطر الذى كان يلقب بوزير مالية
الإخوان ورجلها القوى خرج فى توقيت وصفه بالتاريخى ليس للإخوان وفقط بل ومصر كلها..
وكونه اقتصادياً بالدرجة الأولى ويعلم قيمة الإنتاج فأعلن من على باب السجن لحظة
خروجه شعار المرحلة وهو "انهض وقاوم"، وهو ما جعله يركز فى جميع تصريحاته وحواراته
على منطق التطهير والبناء فى ذات اللحظة لوضع مصر فى مكانتها.
الشاطر لا يرى
مانعا أن يكون الحزب المقبل للجماعة يضم أى شخصية أو تيار أو فئة طالما التزمت
بمنهج وبرنامج الحزب، لكنه يرفض أن يدخل الحزب من يؤيد العنف أو يفكر فيه، بل يدعو
الأقباط أن ينضموا لحزب الإخوان وأن ينشئ الأقباط أحزابا تعبر عنهم طالما فى إطار
حرية الرأى والتعبير.. وكما طرح كثيراً من الأفكار والحلول فى الحوار
التالى.
- ردد البعض بأنك رأيت الثورة وخروجك
من السجن قبل شهرين من الإفراج عنك؟
- فعلا قبل شهرين رأيت رؤية أنى داخل
طائرة، وتقدم إلى اثنين ضابط أمن دولة وحبيب العادلى وزير الداخلية السابق منكسرا،
وبدأ يتحدث معى ضابط أمن الدولة وهذا مخالف للتقاليد العسكرية أو الشرطية، فالوزير
طالما موجود هو الذى يتحدث وليس الرتبة الأقل، فقلت للضابط الباشا - أقصد العادلى-
لماذا لا يتحدث، فرد الضابط بأنه هو الذى سيتكلم معى، وسألنى فى بعض الأمور، وبعدها
نزلت الطائرة فوجدت أهلى ينتظرونى ويحملون الشنط إلى السيارة مباشرة، وتركت العادلى
والضابط داخل الطائرة، وأولت الأحداث أن حبيب العادلى ستتم إقالته فى أول تغيير
وزارى، ولم تكن الأحداث بدأت بعد، وعندما بدأت الثورة، فجاء إلى ضابط أمن الدولة
الذى رأيته فى المنام فى السجن، وعندما رأيته قلت له أنا رأيتك فى المنام، وكنت
أعرف أن اللقاء هذا سيتم، وكان معك حبيب العادلى، فرد بأن العادلى تمت إقالته، لكنى
لم أفهم دلالة الطائرة، وأولتها فيما بعد أنها رمز أن هذا تم فى ظل وزارة أحمد شفيق
وزير الطيران السابق، رغم أنه فى الرؤية لم يكن هناك تغيير وزارى وكان مازال وزيرا
للطيران، وكنت أبحث عن تأويل الانكسار لحبيب العادلى الذى قابلنى به فى الطائرة،
فكانت لحظة دخوله سجن المزرعة مروره من أمام زنزانتى، وعندما جاءت عينى فى عينه نظر
فى الأرض وهو منكسر، وأسرع فى خطوته من أمامى، وتم حبسه فى زنزانة بجوارى فى ذات
العنبر، وحكيت لحسن مالك وأسامة سليمان فقالوا خلاص هنخرج قريبا، فقلت لهم لازم
الطائرة تنزل أولا، لأنها فى الرؤية نزلت وكنت أولتها بسقوط حكومة شفيق، وعندما
أخبرونا قرار الإفراج يوم الأربعاء وجمع الأولاد متعلقاتى وفى الساعة الحادية عشر
مساء قالوا لن تخرج اليوم، وننتظر للغد، فقلت إن الطائرة لم تنزل بعد، وصباح الخميس
علمت بأن شفيق تم إقالته، فعندها علمت أنى خارج من السجن، ومن يوم الرؤية وأن أخبر
أولادى ومن حولى أن ربنا هيجعلنا نرى آية فيمن ظلمنا، فعندما حدثت الثورة سألونى إن
كان عندى علم، فقلت لهم إنها سنة الله، فعندما تضييق الدنيا لابد من تدخل من الله
مباشرة بدون أسباب ونتائج.
- هل كنت تتوقع
الإفراج عنك فى هذا التوقيت؟
- دائما كما تربيت وتعلمت فى الإخوان أن
دائما لدى أملا كبيرا فى ربنا وانتظر الفرج، ومن يوم الأول عندما تم اعتقالى كنت كل
يوم أسأل الضباط والإدارة تأشيرة الإفراج وصلت أم لا، حتى بعدما صدر ضدى حكم بالحبس
7 سنوات، كنت أسأل دائما فاكس الإفراج وصل أم لا، فهذه طبيعتى دائما فكلما ضاقت جاء
الفرج، وأحفظ كلمة جميلة قالها لى نقيب المحامين الأسبق أحمد الخواجة عندما كان
محاميا معنا فى قضية عسكرية 1995، وكانت القضية مزعجة ونستعد لأحكام كبيرة، فقال لى
يا با شمهندس خيرت السياسى طالما لم يأخذ إعدام لا نقلق، لأن الظروف السياسية تتغير
دائما، بالتالى لم تكن لدى أزمة وكان لدى أمل، وبعد خروج المجموعة التى كانت معنا
"18 عضوا" فى ذات القضية ما بين 3 و5 سنوات، فعندما خرجوا جميعا وبقينا أنا ومالك،
علمنا أن الداخلية تبحث عن طريقة لإخراجنا فلم يعد هناك حاجة لوجودنا فى السجن، حتى
قبل الثورة، لأنهم أخذونا لغرض معين وهى التعديلات الدستورية والانتخابات بالشورى
والمحليات التى تمت، بالتالى الغرض انتهى، وكان مطروحا بين الحين
والآخر.
- البعض ردد أنك ومالك حاولا الهرب
عندما تم مهاجمة سجن طره؟
- غير صحيح بالمرة، فلا من ثقافتنا ولا من
تربيتنا وأسلوبنا الهروب، فلو كنت أريد الهرب كان سهل جدا أن أهرب أثناء ترددى كل
يوم اثنين على مستشفى المنيل الجامعى للعلاج، فكانت الحراسة ضعيفة جدا، وكنت أتجول
وأتحرك كثيرا بين الأقسام، وكان سهلا جدا، وعمره ما خطر على بالى الهرب، فهذه رابع
مرة أسجن فيها وإجمال أيام حبسى فى عهد مبارك 12 عاما، منهم محاكمتان عسكريتان،
ومرتان حبس احتياطى، فالهروب ليس من طبعنا الهروب، بل نحن مسالمون ونحترم القانون
حتى لو ظالم.
- هل لديك رغبة الانتقام وأخذ
حقك ممن سجنك؟
- غير وارد وليس من طبعنا الشماتة ولا الانتقام ولا حتى حب
الشر للآخرين مهما فعلوا، ولا نكره الناس لذواتهم فنكره الأفعال وليس الأشخاص، فهذا
لا يتعارض أن نسعى وغيرنا من أن نسعى للحصول على حقوقنا من المجرمين والظالمين، فلا
يصلح أن يأخذ رئيس دولة وزوجته وأولاده أكثر من 70 مليار دولار، ونقول لهم عفا الله
عما سلف، المسألة الشخصية غير موجودة، حتى لما دخل حبيب السجن ومر أمامى لم أشعر
بلحظة شماتة ولا تشفى، ولكنى شعرت بلحظة عظة وعبرة ودرس لمن يريد أن يتدبر ويتأمل،
فعقاب الله لا محالة واقع ولا سبيل للنجاة إلا السير فى الطريق الصحيح، لم أفرح
بالموقف.
- ما شعورك ومن سجنك واعتقلك يسير
أمامك منكسراً ويوجه له ذات التهمة التى وجهت لكم وهى غسيل الأموال؟
-
هذه هى آية الله الحقيقة، فالله شاء أن مبارك وابنه والعادلى لفقوا لنا قضية غسيل
الأموال، وأول شىء يحاكمون عليه هو غسيل الأموال، وسرقة المال العام، وعظة وعبرة
قوية، وأتمنى من الله أن شعبنا المطحون والمنهوب أن يسترد أمواله المنهوبة، لأنها
فلوسى وفلوسك وفلوس أولادنا.
- برأيك من هم
الذين يمكن اتهامهم بهذه التهم غير مبارك وأسرته والعادلى؟
- 300 شخص فقط
يمكن أن يكونوا هم الأكثر استفادة من النظام السابق وأقل تقديراً لما نهبوه هو
تريليون دولار، وهذا يعنى أنه خمسة أضعاف ديون مصر التى تصل إلى تريليون جنيه، فرد
هذه الأموال يمكن أن يسدد به ديون مصر وإجراء تنمية شاملة وحل مشاكل الشباب العاطل
ومشاكل مصر.
- ما أجواء دخول العادلى وحبيب
السجن فى أول يوم لهم؟
- علمنا عصر اليوم الذى وصلوا فيه أن أحمد عز
وحبيب العادلى وآخرين سيأتون لسجن طره، ولكن لم يدخلوا الزنازين إلا الثانية صباحا،
فكان أحمد عز وأحمد المغربى وزهير جرانة وصلوا الساعة 10.30 مساء، وجاء العادلى
بعدهم بساعة، وعندما علمت إدارة السجن بقدومهم قامت الإدارة بتجهيز مكان ويحتاج
مواصفات معينة أن يكون معزولا عن كل السجناء، لأنهم كانوا خائفين عليهم من السجناء،
وأن يكون نظيف جدا ليريحوهم، ولم يجدوا إلا عنابر التأديب الملحقة بعنبر 2 المسجون
فيه، وهذه العنابر جزءان كل جزء 8 حجرات صغيرة، وجهزوهم بسيراميك وبياض محارة
ودهانات وكهرباء وسخانات كهرباء وتلفزيونات جديدة ومراتب وسراير جديدة، وهذا أخذ
وقتا كبيرا حتى الثانية صباحا، وانتظروا طوال هذا الوقت فى حجرة مأمور السجن، وكنت
وقتها نمت لأنى أنام مبكرا، ولم أكن لأنتظرهم حتى لو جاء حسنى مبارك شخصيا
للسجن.
- كيف تقابلت مع العادلى أول مرة فى
السجن وكيف كانت أجواء المقابلة؟
- صباح اليوم الثانى لقدومهم وقفت أمام
باب زنزانتى أنظر للخارج من خلال شبابك بقضبان حديدية بين كل قضيب 10 سم يسمح بأن
أرى من فى الخارج ويرانى بوضوح، فوجدت حبيب العادلى يتمشى أمام زنزانتى، وعندما
جاءت عينه فى عينى وضع عينه فى الأرض وأسرع بعيدا، ونظمت إدارة السجن كل شىء حتى لا
يحتك العادلى ومن معه بالنزلاء، فتم تحديد ساعة التريض لهم مبكرا جدا قبل أى أحد،
ورتبوا جناحا فخما جدا، بل أخذوا جزءاً من الحوش الذى كنا نتريض فيه وأحاطوه بسور
من البوص والغاب، أخذوا الملعبين واحد منهم للعادلى وآخر للباقين، وتركوا لباقى
المساجين فى العنبر طرقة صغيرة لمن يريد المشى، أما المسجونون العاديون كارهون
لوجودهم بصورة غير عادية، فصعدوا منهم إلى السور ووجهوا لهم شتائم وخاصة للعادلى
وعز فى منتهى السوء، وعندما خرج أحمد عز وجرانة والمغربى للمحاكمة تجمع الأهالى
المنتظرون للزيارة والمساجين حولهم وحدفوهم بالأحذية والشباشب، وهذا طريقة مفاجأة
لى فما مشكلة مواطنين عاديين ليس من عزبة الهجانة أو المطرية وغيرها من المناطق
بالعداء مع عز والعادلى، هذا كشف عن درجة كبيرة للوعى للمواطنين، وهتفوا ضد العادلى
وعز "يا حرامى ويا لص"، لدرجة أن عز والعادلى ومن معهم قدموا التماس للسجن حتى لا
يخرجوا للتحقيق بالنهار ليهربوا من مواجهة الناس ويخرجوا الآن ليلا فى السر
للتحقيق، رغم أن السيارات تدخل بهم وتخرج فى السجن، فهم خائفون جدا جدا فى
السجن.
- تردد أنك لن تخوض انتخابات البرلمان
ولن تنافس على أى منصب؟
- شخصياً لا أفضل أن أمارس حياتى السياسية من
خلال البرلمان، ولا أحب أن أنافس فى انتخابات برلمانية، ولكن لو الجماعة رأت أنى
أرشح نفسى فأنا فرد فى جماعة، وأحب الإدارة والتربية والمشروعات
الاقتصادية.
- هل كان لديك علم بالحزب الذى
تريد الجماعة إنشاءه؟
- كانت معلومات كثيرة لا تصلنى الفترة الأخيرة
نتيجة الأحداث ونظام السجن الذى كان يتم التضييق فيه حتى ممنوع أن أقابل غير أقاربى
فقط حتى المراسلات كانت تتم مراجعتها، ولكن الحزب هو تفكير ومبدأ منذ وقت طوى، لكن
النظام السياسى المستبد كان يقف فى طريقنا، خاصة أن رئيس لجنة شئون الأحزاب
المسئولة كان يرفض أى إجراء أو الاعتراف بالإخوان، وكانوا يطلقون عليها المحظورة،
ولكن الجماعة طوال تاريخها من شرعية الشارع.
-
هل توافق أن يدخل حزب الإخوان المزمع إنشاؤه باقى التيارات السلفية؟
- أى
حزب يطرح منهجه وبرنامجه وكل من يوافق عليه ينضم له، لا حساسية من أى أحد أو تيار
بما فيهم الأقباط، بل أدعو الإخوة الأقباط أن يدخلوا معنا الحزب، وفقط نحن لا نريد
أن ينضم لنا أحد يفكر أو يفضل العنف، ومنهجنا منهج سلمى فى التغيير وبناء مشروع
النهضة من يريد أن ينضم أهلا وسهلا.
- هل فى
حال أن أراد الإخوة الأقباط إنشاء حزب على مرجعيتهم.. توافقون؟
- نحن مع
حرية إنشاء الأحزاب للجميع، وكل من أراد بلا استثناء ولا حرج ولا حساسية لنا فى
هذا.
- وكيف تابعت ثورة 25 يناير وهل كنت
تتوقع أن تحدث الثورة هذه التغيرات؟
- للأسف كنت أتابع الثورة من خلال
التليفزيون المصرى الذى كان يبث فى الأيام الأولى مادة غير جيدة، وكأنه عقاب من
عقاب السجن مقرر لنا، إلا أننا كنا نحاول معرفة الحقائق من الإذاعات الأجنبية
والصحف وزيارات الأهالى، وجاءت فترة وسط الأحداث وتم إغلاق السجن بسبب الاضطرابات،
مما تسبب فى قطع الاتصالات بالعالم خارج السجن، ثم جاءت الاتصالات، ومعها الفرحة
بنجاح الثورة، وبكل المقاييس فإن الثورة علامة فارقة فى تاريخ مصر الحديث، وأمر غير
مسبوق منذ أيام الفراعنة، حيث لم يسجل التاريخ أن خرج الشعب المصرى بكل طوائفه
رجالا ونساء ومسلمين وأقباط، وكل أطياف القوى السياسية حتى فلول الحزب الوطنى شاركت
فى الثورة بشكل سلبى، حيث كانت تضرب الناس لمنعهم من المشاركة، فالكل خرج فى ثورة
25 يناير ونجحت الثورة فى إزاحة النظام الطاغية المستبد حسنى مبارك، وضرب مشروع
التوريث فى مقتل، وأزاحت حتى الآن مجموعة من رموز الفساد، وبعضهم يتم محاكمته، لكن
هناك الكثير، لأن بقايا النظام موجودة ومسألة التطهير والتغيير وإعادة الهيكلة
تحتاج لوقت كبير.
- كيف ترى أداء وموقف الجيش
فى الثورة؟
- يجب أن أسجل أن الجيش المصرى أدى دوره بشكل عظيم، لأنه
انحاز للشعب ورفض إطلاق النار على المتظاهرين، وننتظر منه مزيداً من محاربة الفساد
وتقديم رموز الفساد الذين سرقوا الوطن طوال الفترة الماضية خاصة فى السنوات الأخيرة
إلى المحاكمات، والعمل على استرداد الأموال، وتطهير الهيكل الإدارى فى الدولة،
والمؤسسات الإعلامية، والأهم من ذلك أن نبدأ مرحلة البناء والتنمية فى كافة
المجالات، فنظام مبارك عمل على تدمير البنية الأساسية للمجتمع المصرى ونحتاج إلى
جميع الجهود للإصلاح.
- وما موقف المجلس
العسكرى؟
- حتى الآن يسير فى تنفيذ مطالب الثورة، ولكن لابد من إسقاط
الأحكام الاستثنائية ومنها حكمنا وحكم أسامة سليمان وعشرات، وكذا الإفراج عن جميع
المعتقلين السياسيين ووقف العمل بقانون الطوارئ، وإدارة حوار جاد بين كل فصائل
المجتمع، فمن قابل المجلس العسكرى حتى الآن أفراد ونخبة وأفراد فى الثورة، والشباب
لا يعبرون إلا عن أنفسهم فقط، لابد أن يكون هناك حوار بين الأحزاب والقوى الموجودة
والإخوان، والتفاهم والتفكير فى مستقبل البلد، وحتى طريقة البناء والفترة
الانتقالية، ولا يمكن أن تكون الانتخابات البرلمانية بقرار من المجلس دون الاستماع
لكل المطالبات بتأجيلها حتى تأخذ القوى السياسية فرصتها فى الشارع، ولازم يكون فى
ندوات وتلقى ملاحظات الناس، كذلك لا بد أن يكون هناك حوار حول التعديلات الدستورية
أيضا مع كل القوى.
- كيف ترى المطالب الفئوية
التى يرى البعض أنها غير مناسبة الآن وتهدد ما أنجزته الثورة؟
لابد من
اتخاذ خطوات جادة فى تهدئة الناس، ولكن ليس بتجاهل مطالب الناس الفئوية ولا
باستمرار التظاهرات الفئوية، لابد من إنشاء مجلس لتلقى المطالب، مثل مجلس أعلى
للأجور ومجلس أعلى للفساد ونشعر الناس بأن هناك تحركا بعيد المدى وسريعا وناجزا،
لكن ما يحدث الآن هو قبل كل يوم جمعة يكون فيه قرار أو اثنين مثل حبس أحمد عز أو
إقالة شفيق وغيره، فهذا لا يصلح، بل نريد أن نشعر أن هناك عملا ممنهجا يشعرنا
بالاستمرار فى الطريق الصحيح، أشعر بصدق نيتهم وإخلاصهم لكن القضية يريد مزيدا من
التواصل مع الآخرين.
- كيف ترى دور الإخوان
والقوى السياسية خلال المرحلة المقبلة.. وهل مرحلة ما بعد مبارك ستكشف القوة
الحقيقية للجماعة؟
وجود الإخوان مكثف على مدار تاريخ الجماعة وهم يشاركون
فى كافة الأحداث السياسية، والنظام السابق كان يقوم بالتضييق عليهم، والأمر غير
مرتبط بما ستفعل الجماعة، وإنما مرتبط بحجم الحرية المتاحة، وبعد الثورة سيكون
الحرية المتاحة كبيرة، مما سيتيح لهم الفرصة أن يتحركوا ويعملوا، والإخوان كانوا
يقومون بنشاط كبير، ولكن هناك فرق بين أن تعمل وأنت عليك قيود والتضييق عليك، وبين
أن تعمل فى جو من الحرية، وتجربة الثورة والاعتصام فى ميدان التحرير قدمت رسالة
واضحة لكل القوى السياسية، بأن الإخوان ليسوا من راغبى الاستئثار بشىء، لكنهم
يريدون أن يعملوا من أجل تنمية ونهضة الأمة وعلى أتم استعداد للتآلف والتحالف
والتعاون والتكاتف مع الجميع، والدليل وجودهم فى الميدان من اليوم الأول ونكرانهم
لذاتهم، فلم ينسبوا الثورة لأنفسهم مثلما فعل عدد من الشباب، وخرجوا على القنوات
الفضائية يقولون إنهم من فجروا الثورة، فالوطن كان فى أزمة حقيقية نتيجة عملية
الهدم والتدمير والتخريب الممنهج الذى قاده حسنى مبارك، وابنه جمال وزوجته واحمد عز
والعادلى، ولابد من استئناف عملية البناء الذى لابد أن يتكاتف الجميع ولا يمكن أن
يقوم فصيل واحد بالبناء.
- وما موقع القضية
التى تم سجنك بسببها؟
- النظام السابق يستخدم دائما مع الإخوان أسلوب
الرهائن التى استمدها من النظام اليمنى عندما كان يتم أسر رجل من كل قبيلة لضمان
ولائها، وهكذا فعل نظام مبارك، فيعتقل الإخوان فى المواسم السياسية، كالانتخابات
البرلمانية أو التعديلات الدستورية، وعندما تم اعتقالى فى نهاية 2006 كان يريدون
أخذ رهينة من الإخوان وتوجيه ضربة قوية للجماعة قبل إجراء التعديلات الدستورية فى
2007، والمحليات والشورى، ولا يهم النظام ما القضية التى يتم فيها اعتقال الإخوان،
ففى البداية قال إنها ميليشيات الأزهر وثم بعد ذلك قال التنظيم
الدولى.
- كيف ترى عملية إقالة حكومة
شفيق؟
- تغيير الحكومة خطوة جيدة، وكانت أحد مطالب الثورة، وهو مطلب
منطقى وطبيعى، فلا يمكن عمل ثورة بهدف التغيير ثم نأتى بشخص من رجال النظام السابق
ليدير الحكم مرة أخرى، ففاقد الشىء لا يعطيه، ولا يؤتمن اللص على رد المسروقات
ووجود الحكومة لم تكن مسألة منطقية، ولكن يجب أن يتم اختيار الوزراء بشكل صحيح،
واستبعاد الشخصيات الأمينة، وعدم اختيار أساتذة الجامعات من الذين كانوا يكتبون
التقارير إلى أمن الدولة، وحكومة شفيق كان فيها أشخاص من هذه النوعية ومعروفون
بالاسم، كما يجب ألا نختار الأشخاص الذين كانوا لصوصا فى المؤسسات والشركات
والمصانع، فلابد من تغيير جذرى واختيار شخصيات وطنية وعلى كفاءة عالية.