المكتب بالدور الثانى فى مبنى المصرف العربى الدولى، شارع عبدالخالق ثروت، مزين بصور الرئيس السابق، وأثاث فخم أنيق. صباح الخميس الماضى كان جدول الاستقبال مزدحما بضيوف وأوراق سبقتنا إلى لقاء رئيس الوزراء الأسبق فى حجرة الاجتماعات الخاصة.
اللقاء المهم بدأ بابتسامة ترحيب واسعة، ودعوة إلى مشروب الكابتشينو، «جربتم كابتشينو المصرف؟»، قالها فخورا، وهو يفتح الباب لأول أسئلتنا: كيف علمت بنبأ منعك من السفر؟.
بدا عبيد متماسكا، مشرقا، فقد الكثير من وزنه لأنه يتبع نظاما غذائيا صارما للحفاظ على صحته.
لم يترك الرجل سؤالا بلا تعليق، لكن بعض الأسئلة تبقى بلا إجابة، رغم أنه تحدث فيها.
عن «عهده» الذى عرف آلاف قضايا الفساد، وتطبيق سياسة الخصخصة، وتعويم الجنيه وخلافاته مع رجال الأعمال، وعن علاقته الخاصة، حتى الآن بالرئيس السابق- تحدث عبيد عن كل ذلك تحت شعار «أنا خزينة أسرار، واليوم أفتح منها جانبا للمرة الأولى، لأكشف لكم حقيقة بعض ما جرى».
عبيد أعلن أيضا التحدى: «مستعد لأى رد من أى شخص ورد ذكره فى هذا الحوار، وسيكون ردى موثقا، فأنا أحتفظ بكل ورقة فى عملى».
هكذا انفتحت أمامنا خزينة الأسرار.
● هل تم إبلاغك رسميا بقرار منعك من السفر؟
ــ لم يتم إبلاغى بهذا القرار بشكل رسمى، فقد علمت به من خلال وسائل الإعلام، وهو إجراء طبيعى، فكل من قُدم ضده بلاغ يُمنع من السفر، وأنا أصلا ما بسافرش.
● ولماذا تبدو متماسكا رغم القرار؟
ــ لم أهتز لأنى واثق من مصداقيتى وأمانتى، ولحسن الحظ لدى جميع المستندات التى تثبت براءتى من جميع التهم الموجهة ضدى، فلم أرتكب أى خطأ أو خطيئة، والدليل على ذلك أنه لا يوجد مفتاح لمكتبى، ولكننى لا أستطيع أن أنكر أنى تأثرت وصعبت على نفسى نظرا لما يرتبط بهذا القرار بتشهير يمس أسرتى.
● الكل يعلم أنك كنت وما زلت على علاقة قوية بمبارك، فهل اتصلت به بعد التنحى للاطمئنان عليه؟
ــ بالتأكيد أتصل به باستمرار للاطمئنان على صحته، وإذا لم أفعل ذلك لا أكون مصريا ولا إنسانا، فهذا التزام أخلاقى.
● هناك الكثير من اللغط الذى يثار حول راتبك بالمصرف العربى الدولى الذى تتولى رئاسته حيث يقال إنه يصل إلى مليون جنيه شهريا.. فما ردك على ذلك؟
ــ إذا ثبت من إقرار الذمة المالية الذى قدمته الأحد الماضى أن راتبى يزيد على ثلث هذا الرقم، أنا مستعد للتنازل عنه بالكامل لأى جمعية خيرية، وأكاد أن أجزم أن رواتب الأعضاء المنتدبين الثلاثة فى المصرف هى الأقل ما بين العشرة بنوك الأولى فى مصر، كما أكاد أجزم أنها أقل من الملايين، فما يشاع عن هذه الرواتب أكبر بكثير من الحقيقى.
● من الذى يحدد رواتب المسئولين بالمصرف؟
ــ لست أنا ولا الحكومة المصرية، وإنما الجمعية العمومية للمصرف هى التى تحدد الرواتب والمكافآت التى تتغير سنويا تبعا للأرباح، وبالمناسبة أنا لم أحضر أى جلسة للجمعية العمومية منذ أن توليت منصبى، حتى لا يقال إنهم تحرجوا منى فرفعوا مكافأتى.
● هل تم عرض أى وظيفة أخرى عليك بعد أن تركت الحكومة؟
ــ نعم أكثر من واحدة، وأهمها الوظيفة التى عرضتها على شركة بترول خليجية لها مقر فى مصر وكانت بضعف راتبى الحالى، لكنى رفضتها وفضلت منصب رئاستى للمصرف، لأنه منصب سياسى، فيجب أن يكون الشخص الذى يتولى رئاسة هذا المصرف مقبولا من جهة الحكومات العربية، كما أننى لا أحب أن أشتغل عند حد، أشتغل أحسن عند بلدى، والكل كان يعلم تماما أن لدى فرصا أخرى برواتب أفضل بكثير، وكنت غنيا عن المشاكل.
● يقال إن رئاستك للبنك جاءت على خلفية علاقتك القوية بالرئيس السابق مبارك، فهل هذا صحيح؟
ــ تعيينى بالمصرف لم يكن بناء على استلطاف الرئيس مبارك لى أو مجاملة منه لشخصى، ولكن بناء على مؤهلاتى، التى يأتى على رأسها رسالة الدكتوراه التى حصلت عليها فى التمويل، وأننى كنت منسقا مع الصناديق العربية التى أعطت لمصر قروضا، وكنت المفاوض الرئيسى مع البنك وصندوق النقد الدولى.
● يشاع أنك حولت مبالغ كبيرة للخارج فى الفترة الماضية عبر المصرف العربى الدولى، مستغلا سهولة تحويل الأموال لأنه لا يخضع لرقابة البنك المركزى، طبقا للاتفاقية الدولية المؤسسة له.
ــ لم أحول ولا مليما، كما أننى لا أضع دولارا واحدا من أموالى بالخارج، وودائعى الموجودة بمصر وجهتها إلى 3 أوقاف، أولها الأيتام، وثانٍ للعمال فى مجلس الوزراء، والثالث للعمال فى المصرف، فأنا لا أتقاضى أى عائد عن أموالى.
والاتفاقية الدولية التى تأسس المصرف طبقا لها تشترط موافقة جميع الدول الأعضاء فى المصرف على أى تعديل يطرأ بها، فإذا كان هذا التغيير يخدم المصلحة القومية، قدموا لنا مقترحا بالتعديل، وستنظر فيه الدول الأعضاء، وهى ليبيا وقطر والإمارات وعمان ومصر، وبالنسبة للطرف المصرى فنحن لا نمانع أبدا.
● وماذا عن أسماء الشخصيات الكبيرة التى تردد أيضا أنها حولت مبالغ كبيرة من رصيدها بالمصرف، مثل المغربى وجرانة ورشيد وعز وأبوالعينين ومحمد فريد خميس وأفراد من عائلة مبارك؟
ــ عائلة مبارك وجرانة والمغربى وغالى ورشيد وعز وأبوالعينين وفريد خميس لا يمتلكون أية حسابات بالمصرف سواء بشخصهم أو من خلال البيزنس الخاص بهم، وأنا مستعد لأن تحضر أى جهة رقابية وتفتش على جميع التحويلات التى تمت خلال الشهور الستة الماضية، وذلك بالرغم من أننا نخضع لقانون سرية الحسابات.
وأحب أن أوضح أننا ننفذ الاتفاقية الدولية لغسل الأموال، وإذا خالفنا هذه الاتفاقية سيتم وقف تعاملنا مع المؤسسات المالية الدولية، فمن يقبل أن يأخذ هذه المخاطرة؟ كما أنه لماذا يهاجم الجميع هذا المصرف بلا أى مستندات، ما يروحوا يشوفوا البنوك الأخرى.
أؤكد أنه إذا ثبت حدوث أى خطأ أو خطيئة فى هذا المصرف فى عهدى، فأنا مستعد لأن أحاكم علنا، بالرغم من أن المسئولية لمجلس الإدارة.
● وماذا عن رجل الأعمال حسين سالم الذى قيل إنه حوّل مليار دولار من المصرف خلال الأيام القليلة الماضية؟
ــ حسين سالم ليس عميلا بالمصرف، ولم تطأ قدمه هذا البنك، فكيف سيحول أموالا من خلاله، وهو لم يودع دولارا واحدا.
● هل حسين سالم صديق شخصى لك؟
ــ والله العظيم لا تربطنى به أى علاقة خاصة به كما يشاع، نفسى أى شخص يلاقى لى صورة واحدة مع حسين سالم فى حفل غذاء أو عشاء حتى يثبت هذه العلاقة التى ليست موجودة أساسا.
● من هم أصدقاؤك المقربون من الشخصيات العامة؟
ــ على الصعيدى وطارق كامل وعلى مصيلحى ومختار خطاب.
● ينسب لك تمهيد توقيع اتفاقية تصدير الغاز إلى إسرائيل التى وقعت فى 2005، بعد التوقيع المبدئى الذى تم فى عهدك للاتفاقية التى قوبلت برفض شعبى، من جراء السعر البخس الذى تحصل به إسرائيل على الغاز المصرى. ما الذى دفع الحكومة وقتها إلى التضحية بالغاز لإسرائيل؟
ــ مبدئيا يحق للشعب رفض أى قرار، لكن أحيانا يكون القرار الاقتصادى محكوما باعتبارات سياسية، وهو ما ينطبق على تلك الاتفاقية.
لا يوجد فى اتفاقية السلام مع إسرائيل «كامب ديفيد» بند يحظر تصدير الغاز إليها، وقرار تصدير الغاز كان يستند لعدة أسباب منها، المنافسة الكبيرة بين الدول المصدرة، خاصة من قبل خط قطر الذى يمر بقناة السويس وخط دول آسيا الوسطى الذى يعبر إلى أوروبا.
وفى هذا الوقت جاء وزير المالية القطرى إلى مصر، ليطلب الحصول على تخفيض من الحكومة أثناء عبور الغاز القطرى لقناة السويس، إلا أن وزير البترول ورئيس هيئة قناة السويس رفضا ذلك، لأننا كنا نخطط لحجز مكان فى تلك الأسواق ومن يسبق يفوز.
كما أن قواعد الشركات الأجنبية التى تشاركنا فى التنقيب عن الغاز، وهو المعمول به فى دول العالم، تحصل على نصف قيمة الغاز المستخرج، ولم يكن أمامنا إلا طريقتين للتصرف فى حصتنا، إما تخزينها، أو بيعها فور استخراجها، وكنا وقتها فى اشد الاحتياج إلى النقد الأجنبى.
هل تتخيلون أن إسرائيل كانت ستحتار فى استيراد الغاز من أى دولة أخرى؟!
● ولكن ما الذى يجعلنا نوافق على التصدير بسعر لا يتعدى 1.25 دولار فقط للمليون وحدة حرارية بريطانية، فى حين أن السعر العالمى وقتها كان يصل إلى 12 دولارا، وليس هذا فقط بل وافقنا على تثبيت هذا السعر المتدنى جدا لمدة 15 عاما؟
ــ لم يكن احد يتوقع أن ترتفع الأسعار لهذا الحد.
●تردد أنك أعطيت شركة غاز شرق المتوسط التى يمتلكها حسين سالم حق تصدير الغاز لإسرائيل بالأمر المباشر فهل هذا صحيح؟
ــ لم أكن أدير عزبة حتى أمنح إحدى الشركات عقدا مثل ذلك.
● أثناء توليك الحكومة زاد الإعلان عن قضايا الفساد ومع ذلك كانت تنتهى بحفظها، فما سر ذلك؟
ــ الرقابة الإدارية هى الجهة التى تكشف تلك المخالفات ورغم تبعية تلك الجهة إلى رئاسة الوزراء، فإنى أعطيت تعليمات لرئيس الرقابة بأن يكشف عن أية قضية فساد أيا كان المسئول عنها بدون الرجوع إلىّ، ولكن بعد رفعها للوزير المختص، لكنه كان يبادر بإعلانها ولم اعترض، ويحسب لى كشف تلك المخالفات فى عهدى، وأؤكد إنى لم أتدخل فى أية قضايا فساد أمام أية جهة قضائية واتحدى من يقول خلاف ذلك.
● لكن أحد الوزراء السابقين «محيى الدين الغريب» وزير المالية الأسبق يقول عنك خلاف ذلك فقد أكد أنك أحد الأطراف التى تسببت فى حبسه 25 شهرا، فما مدى صحة هذا الاتهام؟
ــ القصة الحقيقة لحبس الغريب، والتى أحكيها لأول مرة، هى أن الرقابة الإدارية طلبت من وزير المالية مدحت حسنين الذى خلف الغريب، تحويل بعض المخالفات التى رصدتها على الغريب للنيابة العامة، ولكن حسنين جاء يطلب مشورتى، فقلت له لابد من التحقق من تلك الاتهامات قبل تحويلها إلى الجهات القضائية.
لكن الغريب أسرع وطلب من الرئيس مبارك فى رسالة مكتوبة فتح التحقيق فى تلك الاتهامات التى شوهت صورته أمام الرأى العام، ويُسأل فى ذلك زكريا عزمى، رئيس ديوان الجمهورية، الذى كلمنى فى ذلك الموضوع وتحت ضغط من الغريب نفسه، وطلب فتح الملف. لم يكن هناك عداء شخصى بينى وبين الغريب الذى كان احد تلاميذى، وهو شخص دمث الخلق. صاحب الشأن هو من طلب، فكيف امنع ذلك وإلا كان الأمر يعتبر تغطية على فساد، وأريد أنا أوضح أن الملف عندما جاءنى لم أقرأه أو أفتحه. ما حبيتش أفتحه.
● لماذا كان لك خلافات عديدة مع عدد من الوزراء وبعض رجال الأعمال الذين تعثروا فى عهدك؟
ــ أتحدى من يقول أن الخلاف كان لمصالح شخصية، فأحد الوزراء الذين يهاجموننى بشدة حتى الآن «أحمد الجويلى» الذى كان يتولى وزارة التموين، وكان خلافى معه بسبب رفضى استيراد السكر من الخارج بعد تدنى سعره العالمى إلى 120 قرشا للكيلو، وتفضيلى للسكر المحلى ذى السعر المرتفع حماية للصناعة الوطنية، حيث إن الشركات العامة هى من كانت تنتج السكر، وقد وصل إنتاجها فى ذلك التوقيت إلى 1.5 مليون طن، منها مليون للتموين، والباقى كان يتم بيعه للقطاع الخاص. والجويلى رفض شراء السكر المحلى، وقال انأ استورد وما يهمنى هو السعر، دون أن يأخذ فى اعتباره البعد الوطنى ومصلحة مزارعى القصب والاستثمار الوطنى، خاصة وان سعر السكر متذبذب.
كما أنه فى ذلك الوقت كان هناك 900 ألف كيلو سكر فى مخازن الحكومة مهددة بالاشتعال، فكيف نستورد من الخارج ولدينا هذا المخزون، وأنا أريد أن أوضح أنى لم أكن اتخذ القرارات فى غرف مغلقة بل كنت اتخذها بعد دراسات واجتماعات مطولة مع الخبراء، ومعى ما يثبت سلامة كل قرار أو إجراء قمت به، ومستعد لتقديمه عند طلبه من أية جهة قضائية، فالوثائق توضح موقف كل طرف وأنا مستعد للمواجهة.
● ولماذا تكررت خلافاتك مع رجال الأعمال؟
ــ رجال الأعمال الذين يهاجموننى هم المتعثرون الذين رفضت التدخل لتسهيل تسوية مديونياتهم، وتركت تلك المهمة للبنك المركزى، الذى كان من اختصاصه إدارة ذلك الملف. ومن يقول من رجال الأعمال المتعثرين إنى أوقفت له تسوية، فإن عليه إثبات ذلك، فأنا لم أتدخل فى عمل الجهاز المصرفى، وكل بنك كان يتولى التفاوض مع هؤلاء المتعثرين من خلال قنواته الخاصة، ويسأل فى ذلك رؤساء البنوك. ومن أسباب مهاجمة هؤلاء المتعثرين لى أيضا هو أننى رفضت تمرير قانون التصالح، الذى يجيز التصالح بعد السداد وتطبيق قاعدة «عفا الله عما سلف».
أؤكد أنه لم يدخل السجن أى متعثر فى عهدى فكل من دخل السجن من هؤلاء المتعثرين كان قبل أن أتولى منصبى كرئيس وزراء.
● الجهاز المركزى للمحاسبات ذكر فى أحد تقاريره أن حكومتك كانت بها تجاوزات صارخة، مستشهدا بعام 2003 الذى شهد الآلاف من قضايا الفساد حيث وصل حجم الكسب غير المشروع إلى 100 مليار جنيه، كما وصل حجم الرشاوى إلى 500 مليون جنيه، وحجم غسل الأموال إلى أكثر من 5 مليارات جنيه، كيف حدث هذا؟
ــ لم تواجهنى الجهات الرقابية وخاصة الجهاز المركزى للمحاسبات بأى تهمة فساد لى، ولم اجتمع مع رئيس الجهاز بمفردنا ولا مرة أثناء وجودى فى الحكومة، كما أنى لم أغط على قضية فساد واحدة تم إحالتها لى من أى جهة.
● اللواء فاروق المقرحى، مساعد وزير الداخلية لمباحث الأموال العامة الأسبق، وآخرون اتهموك ببيع شركة حديد الدخيلة لرجل الأعمال احمد عز بالأمر المباشر، وطلب المقرحى استدعاءك لتشهد فى هذه القضية، مؤكدا أن مختار إبراهيم، وزير قطاع الأعمال فى عهدك، برىء من هذه الصفقة، فما ردك على هذا الاتهام؟
ــ أحمد عز لم يدخل مكتبى قط سواء عندما كنت وزير قطاع أعمال أو عندما كنت رئيس وزراء، ومن يقل إننى بعت شركة الدخيلة له بالأمر المباشر فعليه تأكيد ذلك، فأنا مسئوليتى كانت عن حصة القطاع العام فى هذه الشركة فقط، التى كانت تبلغ 8%، وهذه الحصة لم يتم بيعها إلى عز، الذى اشترى حصصا مختلفة من بنوك وهيئات، كما أن حصة القطاع العام بيعت على يد الدكتور محمود محيى الدين، وزير الاستثمار الأسبق، بعد ذلك الوقت إلى بنك الاستثمار القومى.
● من أكثر الملفات سخونة فى الوقت الحالى «ملف تخصيص الأراضى» الذى وجهت فيه اتهامات للعديد من رجال الأعمال وبعض المسئولين السابقين، ويتردد اسمك أيضا فيه.. فما تعليقك؟
ــ مشاكل ملف الأراضى وتخصيصها تعود إلى بداية إنشاء هيئات متخصصة فى ذلك الشأن، سواء هيئة التنمية الزراعية أو السياحية أو الصناعية، وقرارات التخصيص دائما ما تكون فى يد مجالس الإدارة المختصة بشكل كامل، ولم يتم الرجوع فيها لرئيس الحكومة، وبالمناسبة أنا سحبت أراضى من القطاع الخاص لإنقاذ البنوك التى تعرضت لمشاكل كبيرة، فبنكا الأهلى المصرى ومصر كانا على وشك الانهيار والضياع بسب مشاكل قروض لبعض رجال الأعمال كانت بلا ضمانات وصلت قيمتها الي3.2 مليار جنيه، وقد سحبت أراضى من هؤلاء المتعثرين لإنقاذ البنوك الحكومية. والحالة الوحيدة التى وافقت فيها على تخصيص أراض كانت لشركة المقاولون العرب إنقاذا لها من الإفلاس.
كما أنقذت شركة العامرية التى تأسست فى عهد الرئيس الراحل أنور السادات، فقد كانت مدينة لبنك مصر بنحو 1.2 مليار جنيه، وكانت الظروف لا تسمح بإسقاط جزء من الفوائد، فكان الحل شراء بعض أصول الشركة لتكون نواة لشركة عقارية تابعة للبنك مصر.
وبشكل عام الانفجار الذى حدث فى ملف الأراضى يرجع إلى ترك القطاع الخاص يستحوذ على 70% من الاستثمارات الموجهة لها، وأنا كنت من أنصار التدرج وعدم إعطاء تلك النسبة الكبيرة للقطاع الخاص.
● تم تفويضك من قبل مبارك بصلاحيات رئيس الجمهورية أثناء العملية الجراحية التى أجراها فى ألمانيا عام 2004، فما هى القرارات التى اتخذتها فى هذا الوقت؟
ــ لم اتخذ أى قرار أثناء مدة التفويض الرئاسى التى استمرت يومين، الذى كان بمثابة خطوة احترازية ضد اية مخاطرة محتملة، خاصة وان اية عملية فيها جزء من المخاطرة حتى لو كانت بسيطة.
● هل فكرت فى كتابة مذكراتك؟
ــ أنا خزينة أسرار ولدى مركز للوثائق، وعندى ما يمكن أن يقال للتاريخ، فأنا لا أكتب مذاكرات شخصية، بل أؤرخ لجزء من الذاكرة الوطنية المصرية مع الاعتراف بصعوبة قول كل شىء.
غدًا فى الحلقة الثانية:
لم أكن أنام وقت مشكلة أرض سيناء التى تم بيعها لسياج .. ومبارك كان منزعجًا
اتهامات الجنزورى لى غير صحيحة ولم يحدث بيننا حوار خلال فترة رئاستى للحكومة
لا أبالـغ عندما أقول إنـى أستحق وسامًا