فى تطور لافت للأزمة التى نشبت بين رئيس جهاز المحاسبات المستشار جودت الملط وعدد من أعضاء الجهاز المناهضين لسياساته فرضت أمس الشرطة العسكرية تحفظا على مقر الجهاز بشارع صلاح سالم.
كما تم منح جميع الموظفين بالجهاز إجازة لأجل غير مسمى، لحين التوصل إلى حل للأزمة. وذلك على أثر الحريق الذى شب ظهر أمس فى بوفية الجهاز بالدور الثانى الذى يقع فيه مكتب المستشار الملط، وهو ما استدعى إحضار عدد من سيارات الإطفاء لإخماد النيران وسط مخاوف من أن يكون هذا الحريق كان بغرض إحراق عدد من المستندات أو الوثائق المتعلقة بفساد كبار رجال الدولة فى عهد الرئيس السابق حسنى مبارك.
وكان مقر الجهاز قد شهد أمس وقفة احتجاجية للمرة الرابعة من بعد ثورة 25 يناير تندد بالمستشار جودت الملط وتدعوه لترك منصبه لتخاذله فى كشف الفساد، والتأخر فى تقديم التقارير الخاصة بالمفسدين إلا بعد قيام الثورة، وبعد البلاغات التى قدمت ضد عدد من رموز النظام السابق. وقد ردد المتظاهرون هتافا «ياخربوش ياخربوش قول لنسيبك اللى صابه، بكره يصيبك» وذلك فى إشارة إلى صفى الدين خربوش الرئيس السابق للمجلس القومى للشباب والذى قدمت ضده بلاغات للنائب العام تتهمه بالفساد. والذى يقول المتظاهرون أنه زوج ابنة الملط.
وكانت رابطة «رقابيون ضد الفساد» المشكَّلة من عدد من أعضاء الجهاز قد تقدمت بمذكرة للمجلس الأعلى للقوات المسلحة تتهم المستشار الملط بأنه «كان يصدر تعليمات شفهية للموظفين بالجهاز بعدم فحص عقود كبار رجال الأعمال الذين حصلوا على أراضٍ بأقل من قيمتها، والتى ضاع بسببها على الدولة ما مقداره 50 مليار جنيه من فروق الأسعار» ــ تبعا لمذكرة الرقابيون. «وكذلك اعترض أعضاء الرابطة على تغاضى رئيس الجهاز عن تقاضى ضباط الشرطة لمبالغ كبيرة من هيئة الطرق والكبارى بدون وجه حق وإصداره أوامر بعدم إثار الموضوع» ــ تبعا للمذكرة.
كما اعترضت الرابطة على «حفظ بعض التقارير المتضمنة لمخالفات جسيمة ترقى لمرتبة الجرائم وعدم إبلاغها لجهات التحقيق من قبل مثل استحواذ أحمد عز على مصنع الدخيلة بطرق غير مشروعة وعدم خروج هذا التقرير من الجهاز إلا بعد أن طلبه النائب العام. وكذلك تقارير الخصخصة التى أضاعت على الدولة مليارات الجنيهات، حيث تعمد رئيس الجهاز أن يقدم تقارير باهته ولا تحمل إدانة لأحد»، على حد ما جاء فى مذكرة رقابيون ضدد الفساد.
وقد أصدرت الرابطة أمس بيانا تطالب فيه بإعفاء الملط من منصبه. وبأن يقوم بالاعتذار عن الإساءة ــ على حد تعبير البيان ــ التى تعرض لها المطالبون بإصلاح أوضاع الجهاز «والتى تمثلت فى محاولة تشويه سمعة المطالبين بإلاصلاح عن طريق عمل حملة صحفية احتوت على نفس عبارات الحزب الفاسد من نوعية «قلة مندسة» أو «أعوان الفاسدين» أو «مفصولين من الجهاز» أو «مجموعة عليها أحكام قضائية».
وقد أعلنت الرابطة عن رفضها الحوار مع الملط، قبل أن يقدم اعتذارا صريحا لأعضاء الجهاز عما بدر منه. وطالبوه «بأن يقدم اعتذارا للشعب المصرى عن الخطايا التى ارتكبها فى حقه، ودعمه اللا محدود لمبارك، وحزب الفساد. هذا الدعم الذى أدى إلى نهب أموال الشعب وموت الآلاف من أبنائه جوعا ومرضا وانتحارا لضيق ذات اليد واليأس» ــ على حد قول البيان.
وطالبوا فى بيانهم الملط بأن يبادر فورا إلى إبلاغ النيابة العامة بحالات الفساد الكثيرة التى توجد تقاريرها بمكتبه منذ سنوات، وأن يطلق يد إدارات الجهاز المختلفة لفتح ملفات الفساد التى سبق وأغلقها «للحساسية السياسية» وكذلك طالبوا بتشكيل لجنة تقصى حقائق لبحث أسباب فشل الجهاز المركزى للمحاسبات فى مواجهة الفساد حتى انتشر بشكل غير مسبوق فى العشر سنوات الماضية مما أدى إلى أن نهبت ثروات البلاد بشكل ممنهج ومنظم تبعا لذات البيان. وأكدوا على أن يكون تعيين رئيس الجهاز من بين الأعضاء، وتختاره الجمعية العمومية للجهاز.