تحدى محتجون ينتمون إلى الطبقة العاملة فى العاصمة الليبية طرابلس قوات الأمن التابعة للزعيم معمر القذافى، وأجبروها على التقهقر، مما دفع القذافى إلى إصدار أوامره بإعطاء السلاح للمدنيين من أنصاره، وهذا تصرف لا يصدر إلا عن رجل يائس فقد صوابه ويبدو أنه فى أيامه الأخيرة، بحسب صحيفة إندبندنت البريطانية أمس.
الصحيفة رأت أن ليبيا الآن تبدو وكأنها تستعد لبداية مرحلة جديدة مع اقتراب نهاية حكم بوليسى دام أكثر من أربعين عاما، خاصة بعد أن أصبحت المناطق النفطية فى شرق ليبيا تحت سيطرة المحتجين، بل وأيضا مدينة الزاوية التى تبعد نحو 30 ميلا فقط عن طرابلس.
ووصفت ما يحدث فى ليبيا بالمعركة الدموية، التى استشهد فيها حتى الآن ما يقدر بألفى شخص، معتبرة أن انشقاق عدد من المسئولين والقيادات الأمنية والعسكرية من نظام القذافى يبرهن على اقتراب نهايته.
أما صحيفة صنداى تليجراف البريطانية فتساءلت أمس عن مصير المرتزقة الأفارقة الذى يستعين بهم القذافي، قائلة إنهم يواجهون مصيرا مجهولا، ومشيرة إلى أن المحتجين استطاعوا القبض على عدد من هؤلاء المرتزقة القتلة واحتجزوهم كرهائن. وقد قتل هؤلاء الذين جلبهم القذافى، وأطلقهم فى الشوارع على المحتجين العزل فى شرق البلاد لذبحهم، عشرات الليبين قبل أن يتمكن المحتجون من القبض على بعضهم.
وقالت الصحيفة: إن رائحة الخوف تتصاعد من المرتزقة الأفارقة فى أماكن احتجازهم رغم أنهم يلقون معاملة حسنة من قبل المحتجين، وأوضحت أن عددا منهم هم من الأطفال. ونقلت عن مرتزق أفريقى لا يتعدى عمره 16 عاما، يدعى محمد، قوله: «أنا من تشاد جئت إلى جنوب ليبيا منذ أسبوعين بحثا عن عمل».
وأضاف محمد: «وجدت نفسى على متن طائرة متجهة إلى بلدة ساحلية بجوار مدينة البيضاء، وفى يدى سلاح وأبلغت أنا ومن معى أن متمردين سيطروا على المدن الشرقية، ومهمتنا هى القضاء عليهم». ومضى قائلا: «جئت مثلى مثل أى إفريقى يتوجه إلى ليبيا باحثا عن لقمة عيش، لم آت إلى هنا كى أشارك فى شن حرب أو إشعال فوضى، فأنا لم أتلق تدريبا على مهاجمة المدنيين وليس لدى أى فكرة عما يحدث. وأتمنى أن أستطيع العودة إلى بلدى فى أقرب وقت».
فيما تناولت صحيفة أوبزرفر أمس وضع حلفاء القذافى، معتبرة أنهم أمام خيارين لا ثالث لهما: إما أن يتخلوا عن زعيمهم، وإما أن يقدموا للمحاكمة لاستمرارهم فى دعم هذا «الديكتاتور».
الصحيفة أضافت فى افتتاحيتها أن لعنة التدخلات الخارجية فى أفغانستان والعراق طالت طرابلس، مؤكدة أن الوضع فى ليبيا مختلف، فهناك المئات من المدنيين يلقون حتفهم كل أسبوع، ولا يمكن أن تبرر الدول الغربية عدم تحركها ضد القذافى حتى الآن بحرصها على عدم التدخل فى شئون ليبيا.
وانتقدت جولة رئيس الوزراء البريطانى ديفيد كاميرون فى منطقة الشرق الوسط لأنها لم يكن محورها بالأساس هؤلاء المدنيون الذين يقتلون فى ليبيا، بل صفقات السلاح البريطانية. كما علقت الصحيفة على موقف رؤساء الدول الغربية، ولاسيما الولايات المتحدة، الذين اهتموا فقط بإجلاء رعاياهم من ليبيا، ولم يهتم أى منهم بمصير الليبيين الذين يتعرضون لأبشع أنواع العنف