تزايدت أعداد صفحات المشتركين على مواقع فيسبوك وتويتر للتواصل
الاجتماعى وموقع يوتيوب للمقاطع المصورة مع اتساع نطاق الاحتجاجات فى أنحاء
العالم العربى.أذهلت الأحداث فى تونس ومصر العالم فى
الأسابيع القليلة الماضية بعد الإطاحة برئيسين كانا يتوليان الحكم منذ
عشرات الأعوام. ومازالت الانتفاضة الدموية مستمرة فى ليبيا.
لكن
الناس كانوا يحتجون فى الشرق الأوسط قبل وقت طويل من انتشار استخدام
الإنترنت. وشهدت المنطقة موجات من الاحتجاجات الشعبية فى الأربعينيات ومطلع
الخمسينيات وألهمت شعوبا أخرى فى أنحاء العالم من خلال وسائل الاتصال التى
كانت متاحة فى ذلك الوقت.
والانتفاضات الأخيرة فى تونس ومصر وليبيا
وغيرها من دول المنطقة مرتبطة أيضا بعناصر اقتصادية وسياسية واجتماعية
كبيرة مثل تزايد أعداد أبناء الجيل الجديد وارتفاع مستويات التعليم وتغير
السياسات الاقتصادية والبطالة.
ونقلت وكالة رويترز عن تشارلى بيكيت
مدير مركز بوليس للأبحاث فى لندن أن مواقع التواصل الاجتماعى على الإنترنت
والهواتف المحمولة لعبت دورا كبيرا فى نشر رسائل الناشطين وتسهيل تنظيمهم
وزيادة سرعة الاتصال بينهم.
وقال بيكيت: «مواقع التواصل الاجتماعى
على الإنترنت لا تخلق ثورات بل يخلقها الفقر والغضب والحكام المستبدون. لكن
فى هذه الحالات شاهدنا كيف عملت مواقع التواصل الاجتماعى على الإنترنت على
تنظيم الناس والترويج للرسالة وكانت وسيلة للهجوم على من هم فى السلطة
ولإبلاغ العالم الخارجى بأن الناس هنا غاضبون ونشطون ويريدون الأمور ان
تحدث. لذلك اعتقد ان مواقع التواصل الاجتماعى على الإنترنت كانت فعالة
بصورة ملحوظة فى وقت قصير جدا».
واستخدم الناشطون ومنظمو الاحتجاجات
فى الشرق الأوسط الإنترنت فى تبادل الاتصالات والمعلومات والخطط قبل
اندلاع الانتفاضات. ثم استخدم الإنترنت أثناء الانتفاضتين فى تونس ومصر فى
تبادل الأخبار وطمأنة المشاركين فى الاحتجاجات إلى أنهم ليسوا بمفردهم.
وذكر بيكيت أن المحتجين فى دول مختلفة استخدموا الإنترنت أيضا فى دراسة كيفية تنظيم الثورة وتفادى الأخطاء.
وقال:
«الناس يتعلمون من بعضهم البعض. الناس فى ليبيا ينظرون إلى ما حدث فى مصر.
الناس فى مصر قالوا انهم نظروا إلى ما فعله نظراؤهم فى تونس مع الفيس بوك
والبريد الإلكترونى والوسائل الأخرى. إذن فهم يتعلمون الدروس عن تنظيم
الحملات والنشاط والديمقراطية والوسائل التى يمكن ان يستخدموها على
الإنترنت. هم يقلدون بعضهم البعض ويتبنونه ويجدونه فعالا بحق بالنسبة
لثقافتهم».
وكانت آن الكسندر من جامعة كامبريدج المتخصصة فى وسائل
الإعلام الجديدة والتغيرات السياسية فى الشرق الأوسط موجودة فى ميدان
التحرير بالقاهرة فى مطلع فبراير قبل بضعة أيام من الإطاحة بحكم الرئيس
المصرى السابق حسنى مبارك.
ذكرت آن ألكسندر أنه من الصعب تحويل
المساندة الشعبية على فيسبوك إلى مظاهرات فى الشارع فالناشطون فى مصر جمعوا
آلاف المؤيدين على صفحات الإنترنت لكن أعدادا كبيرة من هؤلاء لم تشارك فى
احتجاجات ميدان التحرير.
كما أن مواقع الشبكات الاجتماعية على
الإنترنت ليست حكرا على المحتجين. وأشار بعض المنتقدين إلى أن تلك المواقع
تسهل على الحكومات تعقب اتجاهات الناشطين وخططهم. وتستطيع الحكومات أيضا
التدخل فى تلك المواقع بمحاولة تحويل اتجاه المناقشات بدفع أشخاص لنشر
تعليقات وآراء مؤيدة للنظام.
كما أن السلطات فى مصر وليبيا نجحت فى
قطع شبكة الإنترنت تماما، لكن آن ألكسندر أكدت أن ذلك الخيار يسىء بدرجة
كبيرة إلى سمعة واقتصاد البلد.
وقالت: «أغلب هذه الحكومات ليست فى
وضع يسمح لها بأن تعزل نفسها فى فقاعة تستطيع من خلالها فعليا السيطرة على
جميع المصادر الإعلامية التى يستطيع الناس ان يشاهدوها فى ذلك البلد. ذلك
لانهم يحتاجون ايضا للاتصال بالاقتصاد العالمى واذا قطعوا الإنترنت فلن
تستطيع أى شركة مصرية استخدام موقعها الإلكترونى ولن يتمكن الناس من
استخدام الإنترنت فى التعاملات التجارية».
فقد ذهبت إلى غير رجعة
الأيام التى كانت شعوب الشرق الأوسط لا تصلها إلا الأخبار والمعلومات التى
تسمح أجهزة الرقابة ببثها فى التليفزيون الرسمى، كما أوضح بيكيت أن انتهاء
احتكار الحكومات لوسائل الإعلام يزيد من تمكين الشعوب.
وقال مدير
مركز بوليس للأبحاث فى لندن: «وأعتقد اننا ربما ندخل مرحلة تكون فيها مواقع
التواصل الاجتماعى على الإنترنت بصورة ما أداة للتحول الديمقراطى. لأنها
على الأقل ستجعل الحكومات أكثر إدراكا بما يفكر فيه الناس».
وأثبتت
موجة الاحتجاجات فى أنحاء الشرق الأوسط أن الإنترنت والشبكات الاجتماعية
تؤدى دورا أساسيا فى تغيير العلاقة بين المواطن والدولة فى العالم العربى.
لكن يبقى السؤال مطروحا عما إذا كانت تلك الوسائل الجديدة التى ساهمت فى
تغيير نظم الحكم سيكون لها دور أيضا فى إقامة نظم جديدة؟