ربما يكون الزعيم الليبي معمر القذافي قد فقد السيطرة على جزء كبير من
بلاده والجيش، لكن مجموعة من الجنود الأشداء سيظلون موالين له على الأرجح، فيما
يحاول الاحتفاظ بالسيطرة على غرب ليبيا والشريط الساحلي والعاصمة
طرابلس.
وفقد القذافي فيما يبدو السيطرة على معظم الشرق الغني
بالنفط حول بنغازي. واختفت القوات في مواجهة الاحتجاجات الشعبية التي استلهمت إسقاط
زعيمي مصر وتونس، مما ترك المنطقة في أيدي ميليشيات شعبية ومجموعات
قبلية.
وحتى الآن يبدو معارضو القذافي متباينين وغير منظمين وليست لهم قيادة
مركزية، فضلا عن أن احتمالات أن يشنوا هجمات بأنفسهم ضئيلة.
وقد يترك هذا
زمام المبادرة في يد القذافي.
ويقول محللون إنه عمل دوما على أن يبقى الجيش
ضعيفا وغير منظم ووضع السلطة الحقيقية في أيدي وحدات تدين له بالولاء الشديد ترتبط
عادة بقبيلته.
وقالت عالية إبراهيمي رئيسة برنامج شمال إفريقيا بكلية لندن
للاقتصاد "كان من المتعمد أن يظل (الجيش) في وضع ضعيف.. لكنني أعتقد أن من الواضح
أن هناك عدة آلاف من الجنود وربما أكثر سيظلون موالين للقذافي، ومن المنطقي افتراض
أن تكون أي معدات عسكرية حقيقية في أيديهم".
وقال جون ماركس خبير الشؤون
الليبية ومدير مؤسسة كروس بوردر إنفورميشن للاستشارات، إن القذافي أذكى الارتباك
والانقسامات في أي كيان بوسعه أن يمثل تهديدا.
وأضاف "استخدم سياسة فرق تسد
مع القبائل والجماعات السياسية والمناطق وعلاوة على كل شيء مع الأمن".
وربما
يعتمد القذافي أيضا على مقاتلين أجانب جلبوا من مناطق أخرى بإفريقيا. في بنغازي قال
سكان محليون لرويترز إنهم ألقوا القبض على العديد منهم ويحتجزونهم في
سجن.
وقدر الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان ومقره باريس، مستشهدا بتقارير من
جماعات ليبية في المنفى، أن هناك ما يصل إلى ستة آلاف من المرتزقة، ثلاثة آلاف منهم
في طرابلس، أما البقية فموجودون بأنحاء البلاد. ويشير آخرون إلى أن هذه الأرقام
ربما يكون مبالغا فيها جدا.
ولا توجد معلومات تذكر عن المعدات والأسلحة التي
يملكها القذافي التي تضررت من جراء العقوبات التي فرضت على البلاد
لسنوات.
وقال ديفيد هارتويل محلل شؤون الشرق الأوسط بمؤسسة (آي.إتش.إس) جينز
للاستشارات، إن الأسلحة "معظمها معدات من الخمسينيات والستينيات والسبعينيات. بعض
الدبابات وناقلات الجنود المدرعة والمدفعية. أشياء أساسية لكن المؤكد أنها
فتاكة".
وربما تملك المعارضة أيضا بعض الدبابات والأسلحة الثقيلة التي حصلت
عليها من الوحدات التي انشقت لكنها لا تملك الكثير من قطع الغيار والذخيرة، وليست
لديها معرفة كبيرة بكيفية استخدامها، كما ليس لديها كيان للقيادة والسيطرة في الوقت
الحالي.
وقد يتغير هذا الوضع إذا كون قادة الجيش المنشقون وشيوخ القبائل
تحالفات جديدة. ويقول بعض الخبراء إنه يعتقد أن اللواء أبو بكر يونس جابر قائد
الجيش وزميل الزعيم الليبي في انقلاب عام 1969 الذي أتى بالقذافي إلى السلطة انضم
للمحتجين.
ويقدر منصور الكخيا خبير الشؤون السياسية الليبية، أن بوسع
القذافي استدعاء ما بين عشرة آلاف و12 ألف جندي ليبي موزعين بين اللواء 32 بقيادة
ابنه خميس والحرس الرئاسي الذي يقوده ابنه الآخر معتصم.
وهناك أيضا أفراد
مسلحون من اللجان الثورية التابعة له، وهي كيانات سياسية تضطلع بالأمن الداخلي،
ويرجح أن تظل موالية له ولو من باب الحفاظ على نفسها.
وقال الكخيا "منذ
السبعينيات زرع فيهم فكرة أن مصيرهم مرتبط بمصيره".
وأضاف "على مدى الأعوام
الأربعين الماضية كلف هذه القوات بارتكاب الكثير من الأعمال الوحشية التي قام بها
النظام متعمدا وذلك لتوريطهم. عمل على ضمان أن يفهموا أنهم سيعيشون معه ويموتون
معه".
ولا تزال التفاصيل الواردة من ليبيا قليلة، لكن خطوط المعركة بدأت
تظهر ببطء مما تبدو كحرب أهلية ليبية بشكل متزايد.