لم تكن أقل من إقطاعية كبيرة.. يمنح فيها سادتها لسادتها، ما لا يملكون من
أموال وثروات شعب تعيش غالبيته تحت خط الفقر. السطور القادمة تكشف وجهاً
جديداً من وجوه هذه الحقيقة الفاضحة.. يوسف بطرس غالي وزير المالية الذي
يستمتع في هذه الساعات بالمرح علي سواحل نيويورك، يمنح أحمد عز »الغني الآن عن
أي تعريف« بجرة قلم إعفاء من ضرائب شركاته.. بينما كان الوزير »المجامل«
بكرم شديد من مال الشعب، يصرخ في وجوه هذا الشعب رافضاً رفع سيف ضريبة جديدة
فرضها علي رقابه - دوناً عن كل دول العالم - الضريبة العقارية.
حيث كشف
أحدث تقرير صادر عن الجهاز المركزي للمحاسبات حول الموقف الضريبي لهيئة ميناء
الإسكندرية عن مفاجآت مذهلة أقلها يصلح كبلاغ للنائب العام.
أكد التقرير أن
هيئة الميناء لها مستحقات علي بعض العملاء قيمة ضريبة مبيعات علي الخدمات المؤداة
لهم وصلت في 2010/3/31 إلي 96.053 مليون جنيه منها 82.555
مليون جنيه مستحقة علي شركة »عز الدخيلة« للصلب والباقي 2.467 مليون
جنيه علي مصلحة الجمارك ومبلغ 1.324 مليون جنيه علي الشركة العربية المتحدة
للشحن والتفريغ و1.148 مليون جنيه علي شركة الإسكندرية للبترول و916 ألف
جنيه علي الهيئة المصرية العامة للبترول، وأشار التقرير إلي أنه بعض الفحص تبين
أن أكبر تلك المديونيات هي ضرائب مستحقة علي شركة »عز الدخيلة« للصلب التي
تبلغ نسبتها 86٪ من جملة الضرائب المستحقة علي العملاء.
ويوضح التقرير
أن مبلغ 82.55 مليون جنيه هي ضريبة عن حق انتفاع الشركة بمعدات رصيف الخامات
التعدينية والخاص بتداول المواد الخام والتي تستغله شركة »العز« بموجب الترخيص
الصادر لها من الهيئة بتاريخ 1988/7/1 وأن الشركة تمتنع عن سدادها بدعوي
عدم خضوعها لها.. إلا أن الجهاز المركزي للمحاسبات أكد علي أن الشركة غير معفاة
وأنها تخضع للضريبة، حيث سبق للإدارة المركزية للبحوث الضريبية بمصلحة الضرائب
علي المبيعات أن أكدت بكتبها المؤرخة في 2004/7/2 لهيئة الميناء
و2008/5/2 و2008/8/3 لشركة »العز« الدخيلة للصلب خضوع الشركة
للضريبة العامة علي المبيعات بفئة 10٪ من قيمة الخدمات المؤداة المتمثلة في
انتفاعها برصيف الخامات التعدينية وذلك في ضوء دراستها للترخيص الصادر من الهيئة
ومحضر المعاينة المحرر بمعرفة المأمورية المختصة باعتبارها تدخل ضمن خدمات تشغيل
للغير والأكثر من ذلك اعتماد ذلك من رئيس المصلحة بتاريخ 2008/4/14.
لم
تكتف الهيئة بعدم مطالبة شركة عز بمبلغ 82.55 مليون جنيه فقد أشار التقرير
إلي أن الشركة أخفت المطالبات الواردة لها من مصلحة الضرائب وادعت في قوائمها
المالية في 2009/6/30 أنه تم الانتهاء من الفحص الضريبي الحقيقي للهيئة من
واقع المطالبات والإخطارات الواردة لها من مركز كبار الممولين ومنها بتاريخ
2006/5/28 و2006/11/5 و2009/1/22 و2009/4/1 عن الفترة من
2003/2 حتي 2005/6 واعتبر الجهاز ذلك تحريفاً في القوائم المالية من
خلال تلاعب الشركة بها للفروع من دفع الضرائب المستحقة عليها. وتشير أصابع
الاتهام إلي وجود أصحاب المصالح الذين أخفوا المطالبات مما أهدر ملايين الجنيهات
المستحقة للدولة، حيث يقول الجهاز إن المطالبات عن الفترة من فبراير 2003 حتي
يونيو 2005 والتي أسفر فحصها عن فروق ضريبية مستحقة علي الهيئة واجبة الأداء
بلغت 51.399 مليون جنيه تم تخفيضها بعد نظرها بلجنة التظلمات إلي 49.361
مليون جنيه ثم إلي 32.947 مليون جنيه مجاملة من مصلحة الضرائب لأحمد
عز.
واكتشف الجهاز أن مبلغ 32.504 مليون جنيه من الضريبة الأصلية أي
كلها في الأصل تستحق علي شركة عز الدخيلة للصلب، وأن هيئة الميناء لا تقوم
بإدراجها ضمن الإقرارات الشهرية المقدمة للمصلحة، بخلاف الضريبة الإضافية التي
حسبها الجهاز بمبلغ 50.626 مليون جنيه ليصبح المستحق علي الهيئة من ذلك الجزء
فقط مبلغ 83.573 مليون جنيه.. كما أن الهيئة لم تحصل مبلغ 82.55
مليون جنيه من شركة »عز« وتكرمت هي ودفعت للدولة بالنيابة عنه مبلغ
83.573 مليون جنيه في مجاملة فاضحة.
وبذلك يأخذنا الجهاز المركزي
للمحاسبات إلي مصيبة أخري وهي أن الهيئة تقع تحت طائلة التهرب الضريبي لعدم
التزامها بما ورد بقانون الضريبة العامة علي المبيعات ولائحته التنفيذية وتعديلاتها
وما ترتب علي الهيئة من التزامات باعتبارها وسيطاً مكلفاً بين الخزانة العامة
للدولة والمستفيدين من أداء الخدمة.
وأكد التقرير أن المادة رقم 5 من
القانون يقر مسئولية الهيئة عن تحصيل قيمة الضريبة والإقرار عنها وتوريدها للمصلحة
في المواعيد المنصوص عليها في القانون ونتيجة لعدم التزامها بذلك منذ تسجيلها
تراكمت قيمة الضرائب غير المحصلة فترة تلو الأخري حتي بلغت في 2010/3/31
مبلغ 96.053 مليون جنيه، ويقول الجهاز إن القانون لم يعلق تسديد الهيئة
لقيمة الضريبة علي شرط تحصيلها أولاً، حيث إن الضريبة تستحق بتحقق واقعة أداء
الخدمة بمعرفة الهيئة وفقاً للمادة رقم 6 من القانون.
وأضاف تقرير
الجهاز عدم قيام الهيئة بتحرير فواتير ضريبة عند أداء الخدمة وفقاً للمادة رقم
14 من القانون بالشكل والبيانات المنصوص عليها بالمادة رقم 7 من اللائحة،
وعدم التزام الهيئة بإمساك بعض السجلات المنصوص عليها في المادة رقم 15 من
القانون والواردة تفصيلاً في المادة رقم 8 من اللائحة ومنها دفتر الجرد ودفتر
ملخص ضريبة المبيعات.
وحذر الجهاز من أن عدم الالتزام يؤدي إلي وقوع الهيئة
تحت طائلة التهرب الضريبي وفقاً لأحكام المادة رقم 44 من قانون الضريبة
العامة علي المبيعات، مما يثير التعجب من عدم محاسبة وزير المالية للهيئة بتوجيه
تهمة التهرب الضريبي.
وجه تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات اتهاماً لمصلحة
الضرائب بمجاملة »عز« في مبلغ 10 ملايين جنيه مؤكداً أن هناك فجوة كبيرة
بين الفروق الضريبية التي قدرتها المصلحة والتي تخص شركة »عز« والتي بلغت
32.504 مليون جنيه حتي 2005/7/30 وفقاً لتقديرات المصلحة وبين
المستحق علي الشركة وفقاً للثابت بدفاتر الهيئة في ذات التاريخ بمبلغ 41.329
مليون جنيه.
أشار التقرير إلي أن هناك تخبطاً في القيود المحاسبية، وفي
نظام الحفظ وعدم توافر المستندات وقيام الهيئة بسداد مبلغ 6.109 مليون جنيه
لمصلحة الضرائب علي المبيعات بتاريخ 2009/9/13 علي سند أنها متحصلات من
العملاء، واكتشف الجهاز أنها دفعة مقدمة يتم خصمها علي دفعات من الإقرارات
الشهرية اللاحقة دون وجود مطالبات من المصلحة بذلك ودون الوقوف علي أسس تحديدها،
وأسس الاستقطاع من الإقرارات الشهرية فضلاً عن تسوية مبلغ 2.815 مليون
جنيه فقط منها حتي 2010/3/31 بنسبة 26٪.
وفي نهاية التقرير طالب
الجهاز بتحديد المسئولية بشأن عدم تحصيل الضرائب المستحقة علي العملاء المتقاعسين
عن السداد أولاً بأول مما أدي إلي تضخمها ووصول رصيدها إلي مبلغ 96.053
مليون جنيه وتعرض الهيئة لأعباء ضريبة واجبة السداد نيابة عن المستفيدين الحقيقيين
من الخدمات المؤداة بمبلغ 95 مليون جنيه حتي 2006/6/30 بخلاف الضريبة
الإضافية حتي تاريخ السداد فضلاً عما قد يستحق عن الفترة من 2006/6/7 حتي
تاريخه والتي لم يتناولها الفحص الضريبي بعد، فضلاً عن ضرورة إجراء التحقيق
اللازم بشأن عدم الإفصاح الكافي بالإيضاحات المتممة للقوائم المالية في
2009/6/30 مع ضرورة إبلاغ مجلس إدارة الهيئة بتلك الأعباء لتحمل
مسئوليته.