نجحت الثورة ورحل الرئيس، وبدأت الحياة تعود
لطبيعتها، لكن "أحمد" وزملائه من طلاب كلية الآداب بجامعة عين شمس لا يزالون في
إجازة "نص السنة" هم وكل طلاب المدارس والجامعات، الذين لم يتخيلوا أن إجازة نصف
العام ستحمل لهم هذه الأحداث بعد ثورة 25 يناير..
"أحمد" لم يفضل الانتظار خاصة بعد قرار مد الإجازة
لأسبوع آخر، فقام بالاتصال بأصدقائه للنزول إلى الجامعة بهدف العمل على إصلاح مصر،
حيث بدأوا بالفعل من خلال الفيس بوك بتجميع زملائهم سواء من خلال الجروبات مثل
"إعمار مصر"، "هنضّف شوارع مصر"، "معا للتبرع بالدم" وغيرها من المجموعات التى تدعو
للقيام بأنشطة إيجابية فى مختلف محافظات مصر.
وفي الأمس كان هؤلاء الطلاب في ميدان التحرير وشارع
جامعة الدول العربية يقومون بعمليات التنظيف، بينما فضل بعضهم الذهاب إلى جمعية
"رسالة" وإلى "القصر العيني" للتبرع بالدم.
في اللجان
الشعبية
مصطفى محمد، طالب بكلية تجارة جامعة القاهرة يقول:
"تزامن انتهائي من الامتحانات مع أول أيام ثورة 25 يناير، وفي نفس اليوم توجهت إلى
ميدان التحرير للمشاركة في المظاهرات حتى يوم جمعة الغضب، وبعد حدوث أعمال الشغب
والسرقة والنهب أصبحت أشارك فى اللجان الشعبية التى أجد أن دورها لا يقل عن دور
الثوار فى التحرير، ولا زلت مستمرا فيها حتى اليوم رغم انتهاء الثورة، وهو ما جعل
هذه الإجازة هي الأغرب والأجمل في تاريخ دراستي رغم صعوبة أحداثها".
أما أميرة سعد، طالبة بكلية الفنون الجميلة، استغلت
امتداد الإجازة في مشاركة فتيات وسيدات حي المعادي، مقر سكنها، للقيام بتنظيف
الشوارع وتصليح ما تم تخريبه فى الأيام الماضية بحيث تظهر الشوارع بشكل مشرف
وحضاري.
إجازة أونطة
على العكس كان رأي بعض الطلاب أن إجازة نص العام قد
ضاعت ولم يستغلوها الاستغلال الأمثل.. مما جعل لسان حالهم يقول "إجازة أونطة".
ليلى، طالبة فى كلية الهندسة، وبسبب أحداث ثورة 25
يناير تم تأجيل امتحان مادة "الطرق" لدفعتها، وإلى الآن لم يتمكنوا من تأديته،
ولكنها ترى فى ذلك ميزة وعيب فى نفس الوقت، فهذه المادة تتسم بالصعوبة التى لم تكن
تتلاءم مع الوقت المتاح لتحصيلها، وبعد تأجيلها كل هذه الفترة أصبح الوقت متاحا
لمذاكرتها بشكل أفضل، أما أسوأ ما فى الأمر هو شعورها وشعور زميلاتها بأن الإجازة
"ضاعت".
"طلاب الكليات العملية دائما ينتظرون الإجازة بفارغ
الصبر"، هذا ما يقوله إكرامى سعيد، طالب فى كلية الصيدلة بجامعة طنطا، مضيفا أن
"هذا العام سيمر دون راحة فبمجرد الانتهاء من الامتحانات حدثت الثورة ولم نستطع
الاستمتاع بإجازه نصف السنة وقضينها فى حراسة المنزل خاصة أننى أسكن بقرب ميدان
التحرير في شارع القصر العينى، أما فى الصباح فنحن على موعد مع تنظيف الشوارع
وإصلاح ما تم تخريبه، وكإننا أشغال شقة لا نجد له نهاية مما جعلني أشعر أنها إجازة
أونطة".
فماذا يفعل
الطلاب حاليا ؟
فبعدما كانوا يخططون إلى السفر والخروج من أجواء
الامتحانات التى جاءت فى أسوأ مستوياتها هذا العام، حملت لهم الإجازة أنشطة مختلفة
سواء فى المشاركة الثورية بميدان التحريرأو اللجان الشعبية بالإضافة لتنظيف شوارع
مصر وإصلاح أعمال التخريب.
... قرر الطلاب أن يستثمروا هذا الوقت فى أشياء
أكثر فائدة من الخروج والسفر.
والتى حدثتنا عن شعورها بفقدان إجازه نصف العام
قائلة: هذه الأيام أصعب من المذاكرة والامتحانات وأكاد أجزم إننى لم أستطع التقاط
أنفسى من أيام المذاكرة لإننى انتهيت من امتحانات الترم الأول وسرعان ما تتطورت
الأحداث التى تمر بها مصر وشاعت الفوضى ولإننى أؤمن بدورى كمواطنة مصرية ربما لم
أشارك فى التظاهرات، أما الشباب والرجال فعليهم حماية المنازل واللجان الشعبية
وتنظيف الشوارع مساء حتى لايتحمل أحد العبء أكثر من الآخر.
أنشطة من نوع
خاص
أما ما كان لافتا للنظر هو قيام البعض بالدعوة إلى
شراء أسهم فى البورصة لإعادة إنعاشها مرة أخرى، بالإضافة للقيام ببيع المنتجات
الاستهلاكية بأسعار الجملة لسكان المناطق الفقيرة
وجمع التبرعات لترميم المدارس والمحلات التى تم
تخريبها، لتصبح فى النهاية إجازة نصف العام هذه السنة هى الأجمل والأغرب والأصعب فى
تاريخ مصر حيث ظهرت بها الصفات الحقيقية والإيجابية للشباب المصرى الذى بالتأكيد
سيعود للدراسة بعد عدة أيام بفكر مختلف تماماً عما كان قبل 25 يناير.