الحوار يقسم المعارضة وإصرار على رحيل مبارك
أكدت أوساط المعارضة المصرية أن الحوار الذي أعلن نائب الرئيس، عمر
سليمان، عن انطلاقته معها لن يضم إلا ثلاثة أحزاب، هي "الوفد" و"التجمع"
و"الناصري،" بينما ستمتنع أحزاب الغد والجمعية الوطنية للتغيير وحركات
"كفاية" و"6 أبريل" وتجمع "البرلمان الشعبي،" عن المشاركة إن لم يتم تحقيق
مطلبها الأساسي القاضي بتنحي الرئيس حسني مبارك عن السلطة.
وقال
أحمد عبدالجواد، الناطق باسم أيمن نور، زعيم حزب الغد المعارض لـCNN
بالعربية: "لن نشارك في الحوار إلا بعد تنحي مبارك، أما القوى التي ستشارك
فهي لا تعبر عن الشارع ولا عن الشباب الذين تجمعوا في ميدان التحرير."
واتهم
عبدالجواد الأحزاب التي قررت الانخراط في المشاورات مع سليمان بأنها خالفت
منذ البداية الاتجاه الأساسي للمعارضة، وذلك عندما قررت المشاركة في
الانتخابات البرلمانية السابقة.
وكان التلفزيون المصري قد
أعلن الخميس أن سليمان بدأ بالفعل الحوار مع "الأحزاب السياسية والقوى
الوطنية" في إشارة إلى التنظيمات المعارضة التي كان سليمان قد دعاها إلى
طاولة المفاوضات لإنهاء الأزمة السياسية في البلاد، بينما أكدت مصادر طبية
أن مواجهات الليلة الماضية بميدان التحرير أدت لمقتل ستة أشخاص وجرح 836.
ونقل
التلفزيون الرسمي المصري في بيان مقتضب أن الحوار بين سليمان والقوى التي
يلتقي بها "سيطال مطالب الإصلاح ويتعلق بتعديل مواد الدستور وتحديد مدد
زمنية واضحة."
ويأتي إعلان سليمان عن بدء الحوار ليعكس
تراجعه عن شروطه السابقة القاضية بربط اللقاء مع مطالبة المعارضة بوقف
المظاهرات وعودة الحياة إلى طبيعتها.
فقد وجه سليمان
رسالته إلى المحتشدين في ميدان التحرير الأربعاء، طالباً منهم "الاستجابة
لمناشدة القوات المسلحة بالعودة إلى مساكنهم، والالتزام بتعليمات حظر
التجوال، دعما لجهود الدولة من أجل استعادة الهدوء والاستقرار، واحتواء ما
ألحقته التظاهرات بمصر من أضرار وخسائر."
وقال سليمان إن
المتظاهرين: "أوصلوا رسالتهم بالفعل، سواء من تظاهر منهم مطالبا بالإصلاح
بشتى جوانبه، أو من خرج معبرا عن تأييده للسيد رئيس الجمهورية،" وختم
بتأكيد أن الحوار الذي يضطلع به، بناء على تكليف من مبارك "يتطلب الامتناع
عن التظاهرات، وعودة الشارع للحياة الطبيعية بما يتيح الأجواء المواتية
لاستمرار الحوار ونجاحه."
وفي اتصال هاتفي قام به
التلفزيون المصري مع رئيس الوزراء، أحمد شفيق، قال الأخير إن ما جرى في
الليلة الماضية "لن يمر مرور الكرام،" وأضاف: "سنحقق في المجموعة التي
دخلت ومعها الخيول والجمال، وقد تطور الأمر بسبب اندفاع الشباب، فاستمر
طوال الليل، ولكن في النهاية هناك خطأ قاتل حصل ولم يكن يجب أن يحصل
أبداً."
وتابع شفيق بالتّذكير بأن مبارك كان قد طلب من
الحكومة التحقيق في الفلتان الأمني الذي شهدته البلاد، وأضاف: "كل ما دار
في الأمس سيكون مدار تحقيق لمعرفة من ارتكب الخطأ ومن يقف خلفه وهل ارتكبه
بشكل متعمد أو عرضي."
وقدم شفيق: "أقدم كل الاعتذار عن كل
ما دار في الأمس لأنه كان أمراً غير منطقي ولا عقلاني ويهدم إنسانيتنا،"
وأكد أن الحوار المقرر مع المعارضة الخميس سيكون بمشاركة ممثلين انتخبتهم
القوى المعارضة ويمثلون الأحزاب وشباب ميدان التحرير، وتابع: "أتمنى أن
نصل إلى حل، وأعد أن أضع الأمور بحقيقتها أمام الجمهور الكريم."
وقد
قامت قوات الجيش المصري بالتدخل بشكل واضح في ميدان التحرير وسط القاهرة،
فنشرت عناصرها للفصل بين مؤيدي الرئيس حسني مبارك، والقوى المعارضة له،
بعد الصدامات العنيفة التي وقعت ليل الأربعاء - الخميس بين الجانبين،
وشهدت مقتل خمسة أشخاص وجرح المئات.
مسؤول أمريكي: 48 ساعة حاسمة تنتظر المصريين
توقع
مسؤول أمريكي مطلع على تطور الأحداث الدائرة حالياً في مصر أن تصبح
الأوضاع "سيئة جداً" في الشارع المصري خلال الفترة المقبلة، وقال إن اليوم
أو اليومين المقبلين سيكون لهما "الدور الحاسم" في تحديد مسار الأوضاع في
البلاد.
وقال المسؤول الذي طلب من CNN عدم ذكر اسمه: "هل
سيواصل الجيش التصرف بشكل مسؤول أم أنه سينقسم؟ هل سيدرك مبارك أن المطالب
الحقيقية للناس هي أن يقوم بنقل سريع للسلطة؟ لست أدرك ما إذا كان لدى أحد
إجابة واضحة."
من جهة أخرى، أكد مسؤول عسكري لـCNN أن
الاتصالات الأمريكية تزايدت مع الحكومة المصرية خلال الساعات الماضية،
وأعرب عن أمله في أن يحافظ الجيش على حياده في الفترة المقبلة، ولكنه أبدى
قلقه من أن تكون المواجهات الجارية في ميدان التحرير هي "خيار جديد" اتخذه
النظام.
وأمل المسؤول أن يقوم الجيش بالضغط على مبارك لدفعه لمغادرة السلطة، وأضاف أنه مع مرور الوقت سيتضح الموقف الحقيقي للجيش بشكل أفضل.
وكان
محمد مرسي، الناطق الرسمي باسم الإخوان المسلمين قد قال إن تنظيمه "يرفض
تأجيل مبارك لتسليم السلطة ويطالب بالتغيير حالاً،" وأضاف لـCNN: "نحن
بحاجة لحقبة جديدة ولنظام جديد."
ولكن بعض المحللين
السياسيين في القاهرة، قالوا إن الصدامات الجارية حالياً في ميدان التحرير
قد تكون مناورة يقوم بها الجيش لزيادة أهميته على الساحة، ما يمهد له
اكتساب المزيد من الشرعية في خطوات مقبلة قد يقوم بها.
وقال
جوشوا ستاشر، الاستاذ المساعد لمادة العلوم السياسية والخبير في الشرق
الأوسط بجامعة "كنت" الأمريكية: "امتناع الجيش عن التدخل في الأحداث يؤشر
لأمرين، الأول رغبتهم في امتثال الناس لأوامر الشرطة من جهة، ودفعهم إلى
طلب عدم قوات الأمن واسترداد الهدوء من جهة أخرى."
ولكنه أضاف أن هذه التطورات حتى الساعة لم تنعكس إلا بزيادة الفوضى في الشارع.