واشنطن: جينيفر لارو هوغيه*
لدى علمهم باستعدادي للكتابة عن أنماط الطعام، التي ربما تساعد على النوم بصورة أفضل، أكد لي عدد من أصدقائي وزملائي ممن يعانون الأرق رغبتهم القوية في معاينة ما سأتوصل إليه من أفكار.
لذا، فقد تملكني الخوف من أن أصيبهم بخيبة أمل. إلا أنه اتضح أن العلم لا يزال يتعين عليه التوصل إلى النمط السحري من الغذاء الذي في مقدوره مساعدتنا على النوم.
في هذا الصدد، قال مايكل غريندنر، الباحث المعني بدراسات النوم بمركز النوم والبيولوجيا العصبية للجهاز التنفسي التابع لجامعة بنسلفانيا: «تتمثل الأنباء السيئة بالنسبة لمن يحاولون تناول العلاقة بين الطعام والنوم، في أنه من الصعب التوصل بصورة عامة، إلى نوعية الأطعمة التي تساعد على النوم». واستطرد موضحا أن «التساؤل الأيسر هو ما نوعية الأطعمة التي ينبغي تجنبها؟»
* الكافيين والدهون ورغم أننا ربما نتوقع أن يأتي الكافيين في مقدمة قائمة الممنوعات، التي ينبغي تجنبها للحصول على قسط وافر من النوم، خلص أحد أبحاث غريندنر، التي نشرت في فبراير (شباط) الماضي في دورية «سليب ميديسين»، إلى نتيجة مغايرة، فبعد تقفي أثر العادات الغذائية، والأخرى الخاصة بالنوم لدى 459 امرأة مسجلة في «المبادرة الصحية للمرأة» التي تنفذها الحكومة منذ 15 عاما، توصل غريندنر إلى أن الدهون شكلت العنصر الغذائي الرئيسي (من بين العشرات التي جرت دراستها) المرتبط بالحصول على قسط أقل من النوم. وخلص أيضا إلى نتيجة مفادها أنه «كلما زادت الدهون التي تتناولها، قلت ساعات النوم التي تحظى بها».
واتضح أن النساء اللائي يتناولن قدر أكبر من الدهون، يغفون لفترات أقصر وتنتابهن سنة من النوم مرات أكثر خلال النهار، في إشارة إلى أنهن لم يحصلن على نوم كاف ليلا. ويعتقد غريندنر أن نتائج دراسته تنطبق على جميع الأفراد بوجه عام، وليس على النساء الأكبر سنا فقط.
وإن كان تناول الدهون يعيق النوم، فكذلك الحال بالنسبة لمن يعانون من السمنة. وأشار غريندنر في مقال، بعث به عبر البريد الإلكتروني، إلى أن «الأفراد الذين يعانون من السمنة يحظون بقسط أقل من النوم، ويشتكون من مستوى النوم، الذي يحصلون عليه. وربما ترجع أحد أسباب ذلك إلى ارتفاع معدلات انقطاع التنفس أثناء النوم لدى هؤلاء الأفراد، لكن يبدو أن السمنة ذاتها مرتبطة بتراجع فترات النوم. وربما يرتبط هذا الأمر بالهرمونات المتحكمة في شعورنا بالجوع، وعندما يصيب شعورنا بالشبع خلل، يمتد الخلل إلى قدرتنا على النوم».
* التوابل والكحول
* يعد الكافيين بطبيعة الحال، من المواد (بجانب الأطعمة الحارة المتميزة بكثير من التوابل) التي ينبغي علينا تجنبها خلال الأوقات المتأخرة من اليوم، إذا رغبنا في الحصول على قسط جيد من النوم. وعن ذلك، أوضح غريندنر، خلال مقابلة أجريت معه عبر الهاتف، أن «الكافيين بمقدوره التأثير في قدرة المرء على النوم بعد 12 ساعة من تناوله، حيث يمكنه رفع درجة التنبيه واليقظة لمستويات مرتفعة للغاية يتعذر علينا التغلب عليها».
وتضم قائمة المشروبات الممنوعة أيضا الكحوليات. وفي هذا الصدد، شرحت كريستين غيربستادت، الطبيبة والمتحدثة الرسمية باسم «الاتحاد الغذائي الأميركي»، أن «الكحوليات تعوق دورة النوم وترجئ بداية نوم (حركة العين السريعة)، وهو النوم الذي يشعر عنده المرء بالاسترخاء»، الذي يحتاجه المرء كل ليلة.
ويحتوي النبيذ الأبيض والأحمر على الميلاتونين، لكن تأثير الخصائص المحفزة للنوم في هذا الهرمون يعادلها تدخل الكحول السلبي في مرحلة «حركة العين السريعة» من النوم. واستطردت، غيربستادت، موضحة أن المرء يمكنه الاستفادة من تناول عنب أحمر بالقشرة الخاصة به لتعزيز مستويات الميلاتونين لديه قليلا.
* أطعمة مهدئة
* والآن، ماذا عن تناول كوب من الحليب الدافئ أو تناول ساق ديك رومي تزخر بمادة تريبتوفان، التي تساعد في التحفيز على النوم؟
ترى غيربستادت أن بعض أنواع الأطعمة بإمكانها من الناحية النظرية محاكاة تأثير مواد مخدرة قوية وخطيرة، مثل «بنزوديازبين» الذي بمقدوره تعزيز عمل حامض «غاما أمينوبيوتيريك» الذي يفرزه المخ في الجهاز العصبي المركزي.
وشرح غريندنر أن حامض «غاما أمينوبيوتيريك» يعمل على تعزيز قدرة المرء على النوم عبر تقليل التوتر والظروف الأخرى التي تنهك المخ.
ويحتوي اللبن على مادة شبيهة ببنزوديازبين، يمكنها خلق تأثير مخدر أسطوري، لكن غريندنر أخبرني قائلا: «لم أتوصل إلى الكثير من الدراسات التي توصلت لوجود أنواع أطعمة بها كمية كافية من حامض (غاما أمينوبيوتيريك) لخلق تأثير يساعد على النوم».
وأشار إلى أن اللبن والمشروبات والأطعمة الأخرى، التي تثير شعورا بالاسترخاء في الجسم تساعد «ليس من خلال تحفيز الشعور بالرغبة في النوم، وإنما عبر جعل الجسم أكثر استرخاء». وأما فيما يتعلق بالأطعمة المشهورة بالمساعدة على الاسترخاء، «فإن منها ما يحفز بالفعل على الشعور بالاسترخاء، لكن بصراحة معظم هذه الأدلة مجرد تأثيرات بالإيحاء، وليس حقيقة». وبالنسبة لتريبتوفان، فإنه مادة تعزز الشعور بالرغبة في النوم. وأشار غريندنر وغيربستادت إلى أن لحم الديك الرومي لا يضم كميات كافية من هذه المادة لتحفيز الشعور بالنوم.
وأعرب غريندنر عن اعتقاده بأن «الشعور بالإرهاق أو الرغبة في النوم، الذي يتملك المرء بعد تناوله وجبة ضخمة، ربما له صلة أكبر بكمية الطعام التي تم تناولها، خاصة الكربوهيدرات، عن نوعية الطعام ذاتها». وقد كشفت دراسات أن التأثيرات المسكنة للتريبتوفان كي تظهر، فهي بحاجة إلى ما يتراوح بين غرام واحد و15 غراما من هذه المادة. «ويحتاج المرء لتناول رطل كامل (453 غراما تقريبا) من اللحم. وتوجد المادة بكميات متكافئة تقريبا في لحوم الديك الرومي والدجاج والأبقار، للحصول على غرام واحد فقط من تريبتوفان».
في الواقع، يتوجب علي الاعتراف بالصدمة من تكشف كل هذه الخرافات المرتبطة بالطعام. ربما علينا ألا نعتمد بعد اليوم على الطعام لضمان قسط وافر من النوم.