بعد جدل مصرى قطرى استمر شهراً، حسمت مصر اليوم الأحد، منصب الأمين العام لجامعة الدول العربية، فى إطار توافق بين الدوحة والقاهرة ،استبدلت بموجبه مصر مرشحها الدكتور مصطفى الفقى بوزير الخارجية الحالى الدكتور نبيل العربى، واستتبعه سحب قطر لمرشحها عبد الرحمن العطية .
التوافق المصرى ـ القطرى جاء بعد مشاورات استمرت لعدة أيام، أبدى خلالها المسئولون القطريون اعتراضهم على ترشيح الفقى، مبديين استعدادهم لسحب العطية حال ترشيح مصر لمرشح آخر، وهو ما تم اليوم بترشيح العربى الذى اجتمع قبل ساعة من اجتماع وزراء الخارجية العرب مع رئيس الوزراء القطرى ووزير الخارجية حمد بن جاسم، ليخرج الاثنان معا من مقر وزارة الخارجية إلى جامعة الدول العربية ليبلغا نظراءهما العرب بقرار التوافق فى الاجتماع التشاورى الذى عقد فى مكتب الأمين العام للجامعة عمرو موسى الذى تنتهى فترته اليوم .
الدكتور مصطفى الفقى من جانبه، أكد أن قرار مصر بسحب ترشيحه للأمانة العامة لجامعة الدول العربية جاء بعد أن أبدت قطر اعتراضها الرسمى على شخصه، وقال إنه تم التوافق بين مصر وقطر على أن تعيد القاهرة شخصية مصرية أخرى على أن تسحب قطر مرشحها، وهو ما تم بترشيح العربى، وأشار الفقى فى تصريح خاص لـ"اليوم السابع" إلى أنه ليس حزينا على قرار سحب ترشيحه، لأنه يؤمن بأهمية أن يظل المنصب فى مصر أيا كان المرشح، وقال إنه كان يعلم بقرار سحب ترشيحه منذ عدة أيام فى ظل علمه بالاعتراض القطرى عليه، لافتا إلى أن المشير محمد حسين طنطاوى رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة استقبله اليوم.
عمرو موسى الأمين العام السابق للجامعة العربية أعلن فى جلسة مفتوحة تولى العربى المنصب بعد سحب قطر لمرشحها، والوصول إلى التوافق العربى عليه، وقال موسى مازحا "الأن وزير الخارجية أميناً عاماً للجامعة العربية والأمين العام وزيراً للخارجية"، وحيا الحكومة المصرية على استجابتها للدعوات العربية بتغيير المرشح، لافتاً إلى أن كل مرشحى مصر كانوا على مر تاريخها من الدبلوماسيين الأكفاء، معرباً عن تمنيه لنبيل العربى التوفيق، وودع الحضور قائلا "هذه المرة الأخيرة التى نلتقى فيها بصفتى الأمين العام، والآن لابد أن أقول السلام عليكم".
وقال العربى، فى أول تصريح له بصفته الأمين العام لجامعة الدول العربية، "أعبر عن سعادتى لهذه الثقة من العرب فى اختيارى أمين عام الجامعة، وبهذه المناسبة يشرفنى أن أتقدم بالشكر لقطر على تقدمها بقبول الأمين العام بالتوافق"، وأضاف قائلا "أتولى هذه المهمة الصعبة فى وقت تمر فيه الأمة العربية بظروف أصعب"، مشيداً بأداء عمرو موسى فى الـ10 سنوات الماضية فى الجامعة، مؤكداً أنه نقل الجامعة العربية نقلة نوعية كبيرة، واستطاع أن يرفع من شأنها.
وقال العربى "الجامعة ليست فقط القمة والمجلس، وإنما تقوم على كل من يعملون بها، وأتعهد أن أسعى وأخطو خطوات، كالتى قام بها موسى، وأن أقوم بواجبى كما قام هو، وإن على الأمين العام أن يسير فى هذا الإطار، وأن يقترح ويوصى ويضع تصوره دائما للقضايا، فالعمل العربى المشترك يمر بأزمات كبيرة، وعلينا جميعا أن نبحث عن حلول تحقق ما تطالب به الشعوب فى العالم العربى".
وكشف حمد بن جاسم رئيس وزراء قطر عن أن هذا الاتفاق تم بين القاهرة والدوحة خلال زيارة أمير قطر الشيح حمد بن خليفة للقاهرة الأسبوع الماضى، وقال جاسم "أحيى الدكتور نبيل العربى، وأثنى على اختيار مصر له، وقطر تقدمت لهذا المنصب ولكن عندما زار الأمير القاهرة كان هناك اتفاق تقديراً لمصر وللثورة بالتنازل عن المنصب، لأن الأمين المصرى هو قطرى والقطرى هو مصرى، وعليه نحيى الدكتور، ونتمنى له عملا موفقا، وهو الاختيار الصحيح للمنصب، ويعينك على عملك وعلينا لمصلحة الأمة العربية".
وقالت مصادر دبلوماسية إن مصر لم تعلن عن الأمر سوى فى الجامعة فور بداية الاجتماع المغلق بتقديم مذكرة رسمية للمجلس قدمها العربى تؤكد سحبها الفقى، لافتاً إلى أن قطر كانت أول من علق على تقديم مصر المذكرة مرحبة بالاختيار الأمثل، وأعلنت على الفور سحبها لمرشحها دكتور عبد الرحمن العطية.
وأبدت الدول العربية مجتمعة ترحيبها بالترشيح المصرى الجديد، خاصة السودان الذى كان قد أبلغ القيادة المصرية عن اعتراضه الرسمى على الفقى كمرشح للجامعة العربية، وأكد أنه سيمنح صوته لمرشح قطر.
وأكد المصدر أن الخبر كان مفاجأة بالنسبة للدول العربية التى لم تعلم عن الأمر شيئا حتى اللحظات الأخيرة، خاصة وأن المشاورات تمت فى إطار مغلق بين مصر وقطر.
وقال وزير الدولة للشئون الخارجية السعودى نزار بن عبيد "أشكر قطر ومصر على سموهما فوق كل خلاف، وما حدث اليوم ينم عن أن القوة العربية بخير والعمل العربى بخير، وأهنئ نبيل العربى، ومن دواعى سرورنا أن يكون هو الأمين للجامعة ونشعر بالفخر والاعتزاز".
كما علق وزير خارجية اليمن أبو بكر القربى قائلا "يأتى الاجتماع لنرى فيه ضوءاً فى نهاية النفق، ونعتقد أن التوافق اليوم يدخلنا مرحلة نأمل أن نتجاوز فيها الخلافات، لنلبى رغبات التغيير والإصلاح لما تريد شعوبنا، وليس لما يفرض عليها".
وقال يوسف أحمد مندوب سوريا لدى الجامعة العربية "باسم سوريا أعبر عن إعجاب كبير لمعالى الأخ الأمين العام نبيل العربى، لقد كانت لأيامه القليلة فى وزارة الخارجية نجاحات كبيرة وتغيرات كبيرة أعادت مصر إلى حضن الأمة العربية، وإن كانت "الخارجية" خسرته فنحن كسبناه، لأن الجامعة ستفتح آفاقاً كبيرة للعمل العربى المشترك".
وأضاف قائلاً حول ترك موسى المنصب "أما موسى فهو تجربة دبلوماسية فى حد ذاتها، وأنا وزملائى عايشناه خلال الأمانة، واستفدنا من تجربته ومن خبرته، وكان لنا معه وقفات، فموسى خسارة للعمل العربى المشترك".