مقتل بن لادن: ترحيب ودعوات دولية للحذر الامني وطالبان باكستان تهدد بالثأر
مازال مقتل يثير تداعيات وردود فعل
تتجاوب أصداؤها في مختلف أنحاء العالم، اذ تواصلت تصريحات القادة
والمسؤولين الدوليين المرحبة بمقتل بن لادن على يد القوة الخاصة الامريكية،
في الوقت الذي هددت حركة طالبان باكستان فيه بشن هجمات على باكستان
والولايات المتحدة انتقاما لمقتل أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة.
وتسابقت وكالات الأنباء في محاولات محمومة للكشف
عن مزيد من تفاصيل العملية التي وصفها مراقبون عسكريون بأنها كانت "غاية في
الجرأة" من جانب وحدة تضم افرادا من فريق نخبة متخصص في مكافحة الإرهاب
ويتبع البحرية الأمريكية.
ودعت منظمة الشرطة الدولية "الانتربول" إلى إلتزام مزيد من الحذر وأكدت
أن مقتل بن لادن لا يعني استئصال شأفة تنظيم القاعدة أو التنظيمات التابعة
له.
وحسما لما أثير من شكوك حول التأكد من هوية الشخص
الذي قتل في العملية أعلن مسؤول أمريكي اليوم إن النتائج الأولية لتحليلات
الحامض النووي تظهر "تطابقا كبيرا بدرجة من الوثوق تصل إلى 99.9 في المائة"
في أن أن الشخص الذي قتل في باكستان هو أسامة بن لادن.
مهمة خاصة
وكان الرئيس الامريكي باراك اوباما قد أعلن في كلمة متلفزة بثت ليلة الاحد ان بن لادن
قد قتل في عملية عسكرية نفذتها وحدة كوماندوز أمريكية خاصة الليلة الماضية .
وقال الرئيس الامريكي أنه امر بتنفيذ مهمة عسكرية
ضد مجمع سكني في بلدة إيبت آباد خارج اسلام آباد اسفرت عن مقتل بن لادن،
وان العملية نفذت من قبل عناصر من القوات الخاصة الامريكية ، ولم تسفر عن
وقوع خسائر بين القوات الأمريكية المهاجمة.
واكد الرئيس اوباما انه أحيط علما في أغسطس آب
الماضي بالمكان الذي يوجود فيه بن لادن في باكستان، وأن جهودا استخباراتية
بذلت بأكبر قدر من السرية منذ ذلك الوقت للتأكد من تلك المعلومة .
وقال إن العملية، التي تم فيها تبادل لاطلاق النار، لم تسفر عن سقوط خسائر في صفوف المدنيين.
واكد ان "العدل قد تحقق هذه الليلة" بمقتل زعيم تنظيم القاعدة.
وقد تجمعت حشود من الامريكيين خارج البيت الابيض حال ذيوع الخبر.
وقال مسؤولون امريكيون في وقت لاحق إن المعركة
التي اسفرت عن مقتل بن لادن استغرقت 40 دقيقة، قتل فيها ايضا احد ابناء
زعيم تنظيم القاعدة وامرأة يقول الامريكيون ان اعوان بن لادن استخدموها
كدرع بشري .
واضاف هؤلاء المسؤولون ان طائرتي هليكوبتر من طراز
"بلاك هوك" حملتا نحو عشرين من أفراد وحدة التنفيذ ، وقد تعطلت إحداهما
مما دفع القوة إلى تدميرها والعودة في الطائرة الأخرى.
وعبر البيت الابيض في وقت لاحق عن اعتقاده ان السيدة التي قتلت جراء العملية كانت احدى زوجات بن لادن.
وقال جون برينان، مستشار الرئيس الامريكي الاقدم
لشؤون مكافحة الارهاب، إن جثة القتيلة كانت في وضع يشير الى انها استخدمت
كدرع بشرية، الا انه اضاف انه من غير المعلوم ما اذا كانت هي التي كانت
تحاول حماية احد من اطلاق النار او انها اجبرت على ذلك.
ولكن ناصر خان ، وهو أحد سكان بلدة أيبت أباد التي يوجد بها مقر بن لادن قال إن الطائرتين تعرضتا لنيران أرضية كثيفة.
حالة انذار قصوى
وقال مسؤول أمريكي إن حجم وتصميم المجمع الذي كان
بن لادن يقيم فيه قد أدهشت الأمريكيين ، فهو محاط بأسوار يتراوح ارتفاعها
بين أربعة وستة أمتار، وتزيد مساحته ثماني مرات عن مساحة البيوت المجاورة
له في المدينة وتقدر قيمته بنحو مليون دولار، ولكنه غير مزود بتوصيلات هاتف
أو إنترنت.
ويقع المجمع على بعد خطوات من مقر الأكاديمية
العسكرية الباكستانية، وهي أرقى مدرسة عسكرية في باكستان وتضارع أكاديمية
"ويست بوينت" الأمريكية أو "ساندهيرست" البريطانية.
وقال مسؤول أمريكي آخر إن المعلومات التي أسفرت عن
قتل بن لادن ظلت سرية حتى عن أقرب الدول الحليفة للولايات المتحدة ، ولم
يعرف بتلك المعلومات سوى مجموعة تعد على الأصابع داخل الإدارة الأمريكية.
كما أعلن مسوؤلون أمريكيون أن جثة بن لادن قد
عوملت حسب الشريعة الإسلامية من حيث التعجيل بدفنها ، وأنها تم إلقاؤها في
البحر حتى لا يتحول قبره إلى مزار.
وقد وضعت الحكومة الامريكية سفاراتها في الخارج في حالة انذار قصوى، وحذرت رعاياها من احتمال قيام تنظيم القاعدة بعمليات انتقامية.
يذكر ان الولايات المتحدة ما لبثت تطارد بن لادن
منذ هجمات سبتمبر عام 2001، الا انها لم تتمكن الى الآن من القبض عليه
وقتله. ويعتقد ان بن لادن كان يختبئ في منطقة الحدود الباكستانية الافغانية
الوعرة.
ويعتبر مقتل بن لادن انجازا كبيرا للرئيس اوباما
وادارته، حيث تمكنوا من تحقيق الهدف الذي وضعه سلفه جورج بوش الابن نصب
عينيه بعد هجمات سبتمبر.
وسيثير مقتل بن لادن اسئلة حول مستقبل التنظيم الذي كان يقوده، كما
سيكون له تأثيرات كبيرة على الامن الامريكي والسياسة الخارجية الامريكية
بعد عشر سنوات من اندلاع "الحرب على الارهاب."
كما سيثير مقتله مخاوف من امكانية ان يقوم مؤيدوه واتباعه بالانتقام من الولايات المتحدة والغرب بشكل عام.
ردود فعل
ووصف الرئيس الامريكي السابق جورج بوش في رسالة وجهها الى خلفه الرئيس اوباما مقتل بن لادن بأنه "انجاز تاريخي."
وقال بوش في رسالته إن "الحرب على الارهاب
ستتواصل، ولكن امريكا وجهت هذه الليلة رسالة لا لبس فيها مفادها ان العدالة
ستتحقق مهما طال الزمن."
يذكر ان بوش كان رئيسا عندما وقعت هجمات سبتمبر 2001 التي يحمل بن لادن وتنظيمه مسؤوليتها.
أما سلف بوش، الرئيس الاسبق بيل كلينتون، فقال في
تصريح اصدره بالمناسبة إن "هذه لحظة ذات اهمية خاصة ليس فقط بالنسبة لاسر
ضحايا الحادي عشر من سبتمبر والهجمات الاخرى التي نفذها تنظيم القاعدة،
ولكن ايضا بالنسبة لكل شعوب العالم التي تريد بناء مستقبل مشترك يسوده
السلام والحرية والتعاون".
وفي لندن، وصف رئيس الحكومة البريطانية ديفيد
كاميرون موت بن لادن بأنه "مصدر ارتياح كبير." وحذر ويليام هيج وزير
الخارجية البريطانية من أن مقتل بن لادنه لا يعني انقضاء خطر الإرهاب ، كما
أعلن انه أمر السفارات البريطانية في جميع أنحاء العالم بمراجعة إجراءاتها
الأمنية .
وقال كاميرون في تصريح اصدره يوم الاثنين: "كان اسامة بن لادن مسؤولا عن
اسوأ الفظائع الارهابية التي شهدها العالم، من هجمات سبتمبر وغيرها التي
اسفرت عن مقتل الآلاف كان بينهم العديد من البريطانيين. لذا فإن العثور
عليه وقتله ومنعه من مواصلة حملته لنشر الارهاب على نطاق العالم لهو نجاح
كبير."
ومضى للقول: "إن نبأ مقتل اسامة بن لادن سيجلب الارتياح لجميع شعوب العالم."
وفي اسرائيل، امتدح رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو
الولايات المتحدة في تصريح ادلى به الاثنين لقتلها بن لادن، معتبرا هذا
العمل "نصرا مؤزرا" لواشنطن وحليفاتها.
وقال نتنياهو: "إن هذا نصر مؤزر للعدالة والحرية
والقيم التي تشترك بها كل الدول الديمقراطية التي تحارب جنبا الى جنب
بتصميم اكيد ضد الارهاب" على حد قول رئيس الحكومة الاسرائيلية.
وفي باريس رحبت الحكومة الفرنسية بنبأ مقتل أسامة
بن لادن وقالت إنه يمثل حجر الزاوية في الحرب على الإرهاب ، كما أشادت
فرنسا بما قالت إنه مثابرة أمريكية في مطاردة بن لادن .
وقالت رئيسة الحكومة الاسترالية جوليا جيلارد إن بلادها ستواصل عملياتها العسكرية في افغانستان رغم مقتل بن لادن.
وقالت جيلارد للصحفيين: "بالرغم من ان تنظيم
القاعدة قد اصيب بضربة مؤلمة اليوم، فانه لم ينته بعد. علينا مواصلة الحرب
على الارهاب وسنواصل مهمتنا في افغانستان."
يذكر ان لاستراليا 1500 جنديا في افغانستان.
اما وزير الداخلية الهندي، فقال إن قتل بن لادن
قرب العاصمة الباكستانية اسلام آباد يعتبر دليلا اضافيا بأن الارهابيين
يجدون مأوى امينا لهم في باكستان.
وقال الوزير تشيدامبارام "علمنا ببالغ القلق ان
قتل بن لادن جرى في مدينة ابوت آباد في العمق الباكستاني، مما يؤكد مخاوفنا
من ان الارهابيين من مختلف التنظيمات يجدون لهم مأوى آمنا في باكستان".
وتوجه رئيس الحكومة الكينية بالشكر الى الحكومتين
الامريكية والباكستانية لتعاونهما على قتل بن لادن، الذي وصفه بالتطور
الايجابي بالنسبة لكينيا.
وقالت السلطة الفلسطينية، الاثنين، في رام الله إن قتل بن لادن من قبل القوات الأمريكية "أمر جيد ويخدم قضية السلام".
وقال الناطق باسم السلطة الفلسطينية، غسان الخطيب
"التخلص من بن لادن جيد بالنسبة إلى قضية السلام على نطاق العالم لكن ما
يهم هو التغلب على الخطاب والأساليب (الأساليب العنيفة) الذان أوجدهما
وشجعهما بن لادن وآخرون في العالم".
ولكن إسماعيل هنية رئيس الحكومة الفلسطينية
المقالة في قطاع غزة أدان قتل بن لادن وقال إن العالم الإسلامي "خسر مسلما
حقيقيا ومقاتلا عربيا".