شهدت جلسة محاكمة وزير الداخلية الأسبق وقيادات الداخلية المتهمين بقتل الثوار، اليوم كواليس مختلفة، بداية من وصول المتهمين بسيارة الترحيلات التى حضرت وسط أسطول من السيارات للتمويه الأمنى، حتى دخلت إلى المحكمة، انتهاء بقرار القاضى عادل عبد السلام جمعة، رئيس محكمة جنايات القاهرة، بتأجيل محاكمة المتهمين لجلسة 21 مايو المقبل للاطلاع وفض أحراز القضية.
جلسة اليوم كانت مختلفة عن سابقها من حيث المتهمين، إذ وقف فى قفص الاتهام كل من اللواء "حبيب العادلى"، وزير الداخلية الأسبق، واللواء أحمد رمزى، مساعد الوزير لقطاع الأمن المركزى السابق، واللواء عدلى فايد، مساعد الوزير لمصلحة الأمن العام السابق، واللواء حسن عبد الرحمن، رئيس جهاز مباحث أمن الدولة السابق، واللواء إسماعيل الشاعر، مدير أمن القاهرة السابق، واللواء أسامة المراسى، مدير أمن الجيزة السابق،
واللواء عمر الفرماوى، مدير أمن 6 أكتوبر السابق، مرتدين الزى الأبيض عدا "المراسى" و"الفرماوى" المفرج عنهما بالأساس، فى عدة تهم منها قتل الثوار.
وفى البداية وقعت مشادات كلامية بين الإعلاميين والمحامين كطرف أول، وبين رجال الأمن "جيش وشرطة" كطرف آخر، وتطورت المشادة لتتحول إلى مظاهرة طالب فيها الطرف الأول بالسماح له وتمكينه من دخول المحكمة لحضور الجلسة، إلا أن تزاحم المواطنين والأهالى ووقوفهم مع الصحفيين والمحامين أحدث حالة توتر بين كل الأطراف، ليلجأ بعدها الأمن إلى حيلة كى يمكن رجال الإعلام من دخول المحكمة عن طريق، اصطحابهم إلى أحد الأدوار العلوية ودخول "قفص" داخل قاعة، والنزول على سلالم المتهمين ومن ثم الوصول إلى قفص الاتهام، حيث سيمثل العادلى وباقى المتهمين والعبور خارجة إلى قاعة المحكمة.
ليبدأ ماراثون جديد داخل القاعة منذ لحظة نطق الحاجب بكلمة "محكمة"، وظهور قيادات الداخلية داخل قفص الاتهام، وجلوس المستشار عادل عبد السلام جمعة، وعضوى اليمين والشمال
وممثل النيابة العامة، لتهدأ القاعة بعد أن عمها الضجيج
والضوضاء، وتلت النيابة أمر إحالة المتهمين إلى الجنايات وجاء فيه اتهامات للأسماء السابق ذكرها تمثلت فى، قتل المتظاهرين سلميا عمداً مع سبق الإصرار والترصد، بأن اتفق المتهمون مع بعض الضباط وأفراد الأمن على إطلاق النار صوب المواطنين أثناء تظاهرهم سلمياً اعتراضاً على الأوضاع الاقتصادية المتردية فى البلاد، مطالبين بتغيير نظام الحكم.
كما وجهت إليهم تهمة تكدير الأمن العام عن طريق ترويع المواطنين بقتل بعضهم، والتسبب فى انهيار البلاد اقتصاديا نتيجة الانفلات الأمنى، الذى شهدته البلاد عقب انسحاب رجال الشرطة، وتهريب السجناء لإشاعة الفوضى، وطالب ممثل النيابة العامة توقيع أقصى عقوبة على المتهمين بالنسبة للتهم الموجهة إليهم.
وبعد ذلك قام المستشار عادل عبد السلام جمعة، بسؤال المتهمين جميعاً سؤالاً واحداً، وهو "ما أقوالك فيما هو منسوب إليك" فكانت إجابتهم جميعا "محصلش"، ليبدأ مسلسل الفوضى داخل المحكمة بين المدعين بالحق المدنى ودفاع المتهمين تارة، وبينهم وبين بعضهم تارة أخرى.
ثم أخذ المدعون بالحق المدنى ودفاع المجنى عليهم بتقديم الطلبات إلى المحكمة، حيث قدم حسن أبو العينين محام بالنقض ومدعى بالحق المدنى عن 33 شهيداً وأسرهم، بإدخال متهمين جدد وهم محمد حسنى مبارك، بصفته رئيس الدولة وقت قتل الثوار، ونجله جمال، بصفته أمين السياسات بالحزب الوطنى الحاكم، وأحمد عز، بصفته أمين التنظيم بالحزب الوطنى المنحل وقت ارتكاب الواقعة، وذلك وفقاً للمادة 11 من قانون الإجراءات الجنائية.
وطالب الدكتور محمود عثمان المحامى، المدعى بالحق المدنى عن شعب مصر، بتعويض مدنى مؤقت قيمته 50 ألف وواحد جنيه، مطالباً بتوقيع عقوبة الإعدام على المتهمين الذى وصفهم أمام هيئة المحكمة بالسفاحين الذين أرادو أن يحولوا مصر من جمهورية إلى ملكية عن طريق توريث جمال مبارك، نجل الرئيس حكم البلاد، مؤكداً أن مكان المحاكمة غير ملائم لطبيعة الحدث وأنه يجب نقله إلى قاعة المؤتمرات بمدينة نصر، حتى تستطيع أسر الشهداء أن تشاهد من سفك دماء ذويهم.
أما إبراهيم بسيونى، أحد المدعين بالحق المدنى، فطالب بتعويض مليار جنيه على أن يتم توزيع نصفه لحساب شهداء الثورة،
والنصف الآخر لصالح القوات المسلحة التى وصفها بحامى ثورة المصريين الأحرار.
وأجمع المحامون على ضرورة نقل مكان المحاكمة إلى مكان يتسع ويتحمل حضور المحامين جميعاً المدعين فى القضية، بالإضافة إلى حضور أسر الشهداء، ونقل المحاكمة عبر وسائل الإعلام المسموعة والمكتوبة والمرئية والسماح بالتصوير، وعقب ذلك رفعت الجلسة لينطلق السب من أفواه بعض الحاضرين موجهاً إلى قفص الاتهام، حيث يمثل المتهمون الذى تم نقلهم خارج القفص، وحاول أحد المحامين تقديم مقالة للكاتب "حسن نافعة" بإحدى الصحف تشكك فى نزاهة القاضى، وهو ما رفضه قائلا "ماليش دعوة باللى مكتوب فى الصحافة".
وفى أحد المشاهد التى صاحبت رفع الجلسة صعد رجل عجوز فوق المقاعد وأخذ فى الدعاء على المتهمين وهيئة المحكمة، ليردد معظم الحاضرين من الإعلاميين والمحامين والمواطنين كلمة "باطل"، ثم أخرج حقيبة بها أقمشة ملطخة بالدماء يقول إنها دماء نجليه اللذين قضيا نحبهما شهداء أثناء الثورة برصاص الداخلية.
وانتهت الكواليس داخل قاعة المحكمة بخروج القضاة والنطق بقرار التأجيل لجلسة 21 مايو المقبل للاطلاع وفض الأحراز، ليقع اشتباك بين أحد الصحفيين ورجال الأمن داخل القاعة لقيامهم بسلب هاتفه المحمول بالقوة منه أثناء قيامه بالاتصال بعمله كى يبلغهم بقرار التأجيل، ليدخل الصحفيون جميعاً فى حالة من المشاحنة مع الجيش، الذى تولى أمر الهاتف حتى هددوا بالاعتصام داخل المحكمة، وتم الحصول على الهاتف بعد مفاوضات وانصرف الجميع.