إعلاميون: خطاب مبارك كتبه نجله جمال بعد مرور ستين يوماً على خلعه من كرسي الحكم الذي جلس عليه ثلاثة عقود متعاقبة، طل الرئيس السابق حسني مبارك
عبر شاشة قناة العربية - وعلى طريقة الرسائل الصوتية لزعماء طالبان
والقاعدة - ليلقي خطابه الذي دافع فيه عن نفسه مؤكداً أنه وأسرته بريؤون
مما يلاحقهم من اتهامات ، وأنهم يتعرضون لحملة تستهدف النيل من سمعتهم
وتاريخهم، وتمادى الرئيس المخلوع محذراً من يتهمونه بملاحقتهم قانونياً.
ومع
الخطاب الذي أنصتت له آذان 85 مليون مصري، توالت علامات الاستفهام.. من
كتب خطابه ؟ ولماذا اختار هذا الوقت ولماذا قناة العربية تحديداً دون
التلفزيون الرسمي أو القنوات الفضائية المصرية؟ وهل يكون هذا هو الخطاب
الأول في تاريخ مبارك السياسي الذي يكتبه بنفسه، أم ربما استعان بأقلامه
السابقة أو أحد من رؤساء الصحف القومية المُقالين الذين طالما سبحوا بحمده
عشية ونهارا ؟.
من جانبه وصف الكاتب الصحفي جمال فهمي عضو نقابة الصحفيين،
الخطاب بأنه استمرار لسلسلة الخطابات الكاذبة الغبية للرئيس السابق،
قائلاً: "مبارك لم يفهم بعد أن الدنيا تغيرت وأن ملكه المغتصب عبر ثلاثين
عاماً انتهى، وحاشيته تقبع في السجن".
وقال فهمي أن مبارك لايزال
يعتقد أنه بإمكانه ايهام الشعب المصري بأنه زعيم وبطل وله تاريخ مشرف،
متغافلاً عن كم الجرائم التي ارتكبها نظامه في حق الشعب المصري، وتساءل:
"إذا برأ نفسه من فساده المالي، فماذا عن فساده السياسي حيث تخريب الحياة
السياسية في مصر، وفساده الجنائي حيث قتل شهداء مصر بميدان التحرير، وقبلهم
الذين استشهدوا بإهمال العبارات والقطارات والمسرطنات دون أن يحاسب أحدا".
وعن
احتمالية استعانة مبارك في خطابه الذي أثار الرأي العام المصري وتناولته
باهتمام كافة وسائل الإعلام العربية والعالمية، بأحد من كتابه السابقين أو
رؤساء تحرير الصحف القومية المُقالين، قال الكاتب الصحفي جمال فهمي بأسلوبه
السياسي الساخر، :"ربما استعان مبارك بأقلامه السابقة نظراً لما يتضمنه
الخطاب من غباء وكذب"، مضيفاً: "ولكن ما ينفي الشبهة عن هؤلاء الكتاب الذين
نافقوا مبارك طيلة حكمه هو ما فيهم من نذالة وعدم وفاء، ولذا ربما اكتفي
مبارك بالاستعانة بأفراد أسرته.. وربما يكون جمال .
وشن جمال فهمه
هجومه على الرئيس المخلوع، قائلاً: "مبارك الحاكم الوحيد لمصر الذي حكم من
قصر امتلكه شخصياً، ثمنه ربما لن يقل عن ثلاثة مليارات جنيه، في حين أن عبد
الناصر والسادات ماتا ولم يتركا مليماً واحداً أو عقاراً يمتلكاه"،
مضيفاً: "ولم يقترف أحد من أبناء الرؤساء السابقين ما اقترفه ولديه جمال
وعلاء، من فساد سياسي ومالي".
وحول تأثير هذا الخطاب على الرأي العام
المصري، قال فهمي ذو الأيديولوجية الناصرية: "دائماً خطابات مبارك تؤثر في
الشارع المصري بعكس ما يريد"، موضحاً أن تأثير الخطاب جاء سلبياً وأن كم
النكات التي خرج بها المصريون سريعاً عقب الحطاب كان أفضل رد على ما جاء من
استخفاف بالعقول وكذب وتدليس.
وعن اختياره لقناة العربية تحديداً،
قال جمال فهمي: "علينا أن نبحث عن المستفيد من إجهاض الثورة المصرية وعدم
استراد مصر لدورها القيادي بالمنطقة، لنعرف لما اختار العربية تحديداً"،
موضحاً أن مصر التقدم والديمقراطية تهدد عرش السعودية المتخلف وعرش إسرائيل
المتغطرس، وأضاف: "السعودية تلعب ومن خلفها إسرائيل".
وفي السياق
ذاته يقول الإعلامي حسين عبد الغني، المدير السابق لمكتب قناة الجزيرة في
القاهرة، أن العربية قناة صديقة بالنسبة لنظام الرئيس السابق، باعتبار
السعودية أكثر الدول العربية تأييداً لمبارك حتى باتت قناة العربية المنبر
الذي يستخدمه في مواجهة السياسات التي تعارض مصر، سواء قطر أو سورية أو
إيران أو حماس .
وأضاف عبد الغني أنه من الطبيعي أن يظهر مبارك على
العربية دون غيرها، مشيراً إلى أنها القناة الوحيدة التي ظهر عليها رموز
النظام السابق وفي مقدمتهم جمال مبارك وأحمد عز.
وأردف عبد الغني أن
قناة العربية لم تتعرض لأي مضايقات أو مصاعب في عهد نظام مبارك، وقال: "منذ
اللحظة الأولى لعملي مديرا لمكتب الجزيرة في القاهرة وحتى غادرته،
والعربية تعامل معاملة تفضيلية مقارنة بـ"الجزيرة" أو أي قنوات إخبارية
أخرى، بل كانت تختص بحضور اجتماعات لا يحضرها إلا التلفزيون المصري".
وحول
عدم قيام التلفزيون المصري بإذاعة الكلمة، أرجع عبد الغني الأمر إلى رفض
المجلس الأعلى للقوات المسلحة تجنباً لاستفزاز الرأي العام المصري، مؤكداً:
"لا أعتقد أن تليفزيون القاهرة يستطيع مواجهة الرأي العام في مصر بإذاعة
هذه الكلمة".