علي امتداد البصر يظهر قطار الثورة قريبا من الوصول الي محطة الرياضة.. الآن فقط وبعد مرور شهرين علي إقصاء النظام السياسي الفاسد، تبدو تباشير اقصاء النظام الكروي الفاسد عقب انتفاضة مفاجئة للاندية التي كانت علي مدار سنوات تسير في ركب اتحاد الكرة وتقبل بالفتات الذي توزعه الجبلاية وتشتري به الذمم وتتحكم من خلاله في إدارة الجمعية العمومية وتصيب الجهات الرسمية المسئولة بالشلل باستخدام فزاعة »الفيفا«.
وقالت صحيفة الأخبار أن انتفاضة الاندية في الوجهين القبلي والبحري أكدت أن أيام الجبلاية معدودة، ولم يعد رموز المعارضة القدامي وحدهم في المواجهة، حيث انضمت أسماء أخري كانت محسوبة علي الاتحاد..
وبعد أيام قليلة من اجتماع أندية الصعيد بساحة معبد الكرنك.. تجمع ممثلو ٣٥ ناديا في نادي المنصورة بدعوة من رئيسه اللواء ابراهيم مجاهد، ولم يتوقف الاجتماع عند عادة الكلام المرسل والاستغراق في الاتهامات، بل حرص منظم الاجتماع علي اعداد وثيقة بالدعوة لعقد جمعية عمومية طارئة لسحب الثقة من مجلس ادارة الاتحاد برئاسة سمير زاهر وقع عليها 40 ناديا تضاف الي اكثر من 20 ناديا في الاجتماع الاول بالصعيد بما يتيح حشد عدد قانوني ينفذ سيناريو عقد الجمعية العمومية الاستثنائية لسحب الثقة التي تتطلب موافقة ثلثي عدد اعضاء الجمعية الحاضرين البالغ 151 ناديا.. مقابل ان الدعوة للانعقاد نفسه تتطلب حضور ثلث العدد.
ورغم التشويش الذي احدثه البيان المشترك للمهندس حسن صقر رئيس المجلس القومي للرياضة وسمير زاهر رئيس اتحاد الكرة والذي رصد اعانات فورية للاندية لمواجهة متطلبات المرحلة الحالية الحرجة في اطار دعم قرار عودة الدوري.. فإن المجلس القومي حرص علي توضيح الصورة والتأكيد انه لا يتحالف مع الاتحاد وانما جاء تحركه في اطار وطني ومسئولية ادارية في دعم الاندية وأن الشيكات المصرفية سوف تصدر منه أي من خزينة الدولة.
وعلمت أن المجلس القومي لا يكتفي بهذا التوضيح فقط، بل هو في سبيله لاحتضان انتفاضة الاندية وتلبية مطالبها وتحقيق مساعيها في التخلص من ادارة الجبلاية وهي نفس المساعي التي حاولت الجهة الادارية انجازها حسب القوانين واللوائح وبعيدا عن مخاطر التدخل الحكومي المباشر الذي لا يقبله »الفيفا«.. وحدث ذلك في اكثر من محاولة تستند الي وجود مخالفات واهدار للمال العام وآخرها تحويل مذكرة الرقابة الادارية الي النائب العام بعد ان فشلت محاولة سابقة كانت واضحة ومحددة التفاصيل لثبوت اهدار ٢٢ مليون جنيه لدي مؤسسات وأفراد لم يتحرك الاتحاد لتحصيلها لأسباب غامضة تحيط بها الشكوك.. الا أن الفساد العام في الدولة وعلاقة مسئولي الاتحاد برموز سياسية كبيرة حال دون تحقيق أهداف المجلس القومي.
ومن اسرار المواجهة المستمرة بين الاتحاد والمجلس القومي اقتناع الاخير قبل الثورة بسيناريو رآه الوحيد المضمون وهو استقطاب الجمعية العمومية وفصلها عن تبعية الجبلاية واستخدام نفس سلاح مسئولي الاتحاد المحترفين في احتكار ارادة الجمعية وهو سلاح الاغراءات المالية التي اعتبرها المجلس قانونية في اطار سياسة الدعم وليست رشوة او شراء مواقف.. والاختلاف الوحيد هو استخدام ما هو شرعي في تحقيق اهداف اضافية تساعد في تطهير الإدارة الكروية.
وعندما اندلعت الثورة.. يلتزم المجلس القومي الصمت حاليا تجاه المواجهة التي بدأت بين الاتحاد وجمعيته العمومية.. إلا انه صمت خادع حيث يتحرك المجلس فعليا الآن ليكون الضامن لنجاح ثورة الرياضيين والقيام بدور حيوي دون الظهور في طليعة المشهد وتجري اتصالات حاليا مع رموز المعارضة للتنسيق ليصبح اتحاد الكرة لأول مرة تحت مفصلة ثورة حقيقية في الطريق.. وتنتظر الجهة الادارية الوقت المناسب لتتصدر المشهد.
وفي المقابل يمارس اتحاد الكرة حاليا ما تمارسه الثورة المضادة، لكن الفارق الوحيد ان ثورته المضادة وقائية لإحباط ثورة إصلاح بدت الآن امام مسئولي الجبلاية قريبة ولا ينفع معها فزاعة الفيفا.. وهم الي جانب الاهتمام البالغ بعودة الدوري لانقاذ أنفسهم من فضيحة الافلاس رغم دخول الخزينة ٢٢ مليون جنيه منذ أقل من ٣ أشهر لا يعرف أحد أين ذهبت حتي يتعرض الاتحاد للإفلاس.. فإنهم يسابقون الزمن ويحشدون كل مهاراتهم الاحترافية في اختراق واحتواء الجمعية العمومية لمنع الانعقاد الاستثنائي اولا ثم منع سحب الثقة اذا فشلت جهود منع الانعقاد.
ومن مفارقات هذا الصراع الدائر حاليا بضراوة داخل الغرف المغلقة.. ان المهندس ايهاب صالح وجد نفسه في موقف حرج للغاية.. حيث لم يتجاوز وجوده في موقعه الجديد كمدير تنفيذي للاتحاد شهرا واحدا وكان قبل ذلك مهندس المعارضة ثم اصبح بعد ذلك مهندس الجبلاية.. ولن تكون مفاجأة أن يعود لصفوف رفاقه القدامي لان شخصيته تميل الي الواقعية وطبعه يغلب تطبعه.. وخلال أيام قليلة سوف تدخل كل الاطراف ارض معركة بقاء حاسمة.