الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله( صلى الله عليه وسلم) وبعد :
درج المسلمون على الإحتفال بميلاد النبي صلى الله عليه وسلم في كل عام في شهر ربيع الأول منه ، وهذا الإحتفال يتخذ صورا شتى منها ماهو بدعة ومنها ماهو معصية ومنها ما قد يؤدي الى الشرك بالله .
وهذه امور يطول الكلام فيها ، والمقصود هنا بيان حكم أصل الإحتفال هل هو مشروع أم ممنوع ؟ والجواب في نقاط :
الأولى: النبي محمد صلى الله عليه وسلم هو اعظم العباد واحبهم الى الله تعالى ،بل هو خليل الرحمن كما اخبر بذلك صلى الله عليه وسلم ، وهذا محل اجماع بين المسلمين.
الثانية: محبة النبي محمد صلى الله عليه وسلم فرض لازم لايتم ايمان عبد بدونها ، كما اقسم على ذلك الصادق المصدوق في قوله( فوالذي نفسي بيده لايؤمن احدكم حتى اكون احب اليه من ولده ووالده والناس اجمعين) رواه الشيخان .
الثالثة: اوضح دليل على محبة النبي صلى الله عليه وسلم هو اتباعه والعمل بشريعته والإستقامة على طاعته والذب عن سنته ، وليس ما يفعله المحتفلون اليوم من اعمال لا سند لها ولا برهان من شريعة محمد صلى الله عليه ، قال تعالى: (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم ) الآية ، قال ابن كثير: قال الحسن البصري وغيره من السلف: زعم قوم انهم يحبون الله فابتلاهم الله بهذه الآية .
الرابعة: لايقبل الله عبادة من احد قط الا بدليل من الوحي او اجماع اهل العلم ، وكل عبادة سوى هذا فهي باطلة مردودة مهما رآها صاحبها حسنة ، والدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم من عمل عملاً ليس عليه امرنا فهو رد ) رواه الشيخان . و رد معناه مردود وباطل .
الخامسة: لم يحتفل النبي صلى الله عليه وسلم بميلاده و لا الخلفاء الراشدون و لا احد من اصحابه الكرام وهم اشد الناس حبًا له ، و لا التابعون ولا الأئمة الأربعة ، وهم افقه الناس بعد الصحابة ، وهذا دليل واضح وبرهان قاطع في ان الإحتفال غير مشروع قطعاً بل هو محدث و بدعة ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( اما بعد فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدى هدى محمد وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة ) رواه مسلم ،وذكر الإمام الشاطبي المالكي في الإعتصام عن ابن الماجشون قال : سمعت مالكاً يقول : ( من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم ان محمداً خان الرسالة ، لأن الله يقول : (اليوم اكملت لكم دينكم) ، فما لم يكن يومئذ ديناً فلايكون اليوم ديناً ) .
السادسة: من اقوال اهل العلم في هذا : قال الإمام اب حفص تاج الدين الفاكهاني المالكي _ رحمه الله _ اما بعد ، فقدتكرر سؤال جماعة من المباركين عن الإجتماع الذي يعمله بعض الناس في شهر ربيع الأول ويسمونه المولد ، هل له اصل في الدين ؟ وقصدوا الجواب عن ذلك مبيناً و الايضاح عنه معينا ، فقلت وبالله التوفيق : لا اعلم لهذا المولد اصلا في كتاب ولا سنة ، ولاينقل فعله عن احد من علماء الأمة ، الذين هم القدوة في الدين ، المتمسكون بآثار المتقدمين ، بل هو بدعة احدثها البطالون ، وشهوة نفس اغتنى بها الأكالون ) قاله في رسالة اسمه المورد في عمل المولد.
وقال ابو شامة في الباعث على انكار البدع: لايجوز الإحتفال بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم ولا غيره ، لأن ذلك من البدع المحدثة في الدين لأن الرسول لم يفعله ولا خلفاؤه الراشدون ولاغيرهم من الصحابة رضوان الله على الجميع ، ولا التابعون لهم بإحسان في القرون المفضلة وهم اعلم الناس بالسنة واكمل حباً لرسول الله ومتابعة لشرعه ممن بعدهم . وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : اتخاذ موسم غير المواسم الشرعية كبعض ليالي ربيع الأول التي يقال انها ليلة المولد ، فإنها من البدع التي لم يستحبها السلف ولم يفعلوها ، والله سبحانه وتعالى اعلم . قاله في الفتاوى الكبرى له . والله الموفق .