المخابرات الأمريكية والبريطانية تنشر عملاء سريين فى ليبيا.. والبيت الأبيض: «لا تعليق»
خاضت المعارضة الليبية المسلحة،الخميس، قتالاً للسيطرة على
مدينة البريقة بشرق ليبيا بعد يوم من نجاح القوات الموالية للزعيم معمر
القذافى فى دفعهم للتقهقر إلى الشريط الساحلى تحت نيران الصواريخ، وتراجعت
بعض قوات المعارضة المسلحة حتى بلدة أجدابيا الاستراتيجية ومازالت تحت
سيطرتهم، فيما أكد المتحدث باسم المعارضة قصف القذافى لمدنية مصراتة
بالمدفعية. ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، أن وكالة الاستخبارات
المركزية الأمريكية (سى. آى. إيه) نشرت عملاء سريين فى ليبيا لجمع معلومات
لدعم الضربات الجوية العسكرية وإقامة علاقات مع المعارضين الساعين لإقصاء
الزعيم الليبى معمر القذافى.
ونقلت الصحيفة، عن مسؤولين لم يتم الكشف عن هوياتهم، أمس، أن
عناصر المخابرات الأمريكية ينتشرون «فى مجموعات صغيرة» منذ عدة أسابيع على
الأرض فى ليبيا، لإقامة علاقات مع الثوار وتحديد أهداف العمليات العسكرية.
وكشفت الصحيفة الأمريكية عن أن «عشرات العناصر من القوات
الخاصة البريطانية وعناصر جهاز المخابرات الخارجية (إم. آى. 6) البريطانى
يعملون فى ليبيا» خصوصاً من أجل جمع معلومات حول مواقع القوات الموالية
للقذافى. كما نقلت شبكة «سى. إن. إن» الأمريكية عن مصدر بالمخابرات
الأمريكية تأكيده على تواجد عناصر من (سى. آى. إيه) فى ليبيا لزيادة الفهم
العسكرى والسياسى للوضع هناك. وتحاول الولايات المتحدة وحلفاؤها معرفة
معلومات أكثر عن المعارضين وخططهم من أجل ليبيا، فيما رفض المتحدث باسم
البيت الأبيض، جاى كارنى، فى بيان، أمس، التعليق على الأمر، قائلا إنه «لن
يُعقب على مسائل المخابرات».
وعلى صعيد المعارك بين الثوار والقوات التابعة للقذافى،
استعادت قوات الثوار مدينة البريقة، أمس، بعد هروبها فى اليوم السابق أمام
تقدم القوات الحكومية وسط أنباء عن غارات جوية على جنوب طرابلس استهدفت
موقعاً عسكرياً للقوات الموالية للقذافى. فى الوقت الذى أعلنت فيه القوات
المسلحة الفرنسية وصول مقاتلات إماراتية للقاعدة الجوية فى ساردينيا لدعم
قوات التحالف فى ليبيا.
فى الوقت نفسه، أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاجون»
اجتياز نحو 2000 طلعة جوية فى ليبيا، أمس الأول، فى اليوم 12 للتدخل الدولى
هناك، بينما بدأ حلف شمال الأطلنطى «ناتو» تولى قيادة العمليات العسكرية
فى ليبيا، وإن كانت الولايات المتحدة لا تزال اللاعب العسكرى الرئيسى حيث
تؤدى أدواراً رئيسية فى قيادة الحلف.
وفى السياق ذاته، أفاد خبراء فى الألغام ومنظمات حقوق
الإنسان، بأن قوات القذافى زرعت ألغاما أرضية مضادة للأفراد وأخرى مضادة
للدبابات فى مناطق حول مدينة أجدابيا لمنع تقدم الثوار.
وفيما يتعلق بالجدل الدائرة حول تسليح الثوار فى ليبيا، قال
مسؤولون أمريكيون إن الرئيس باراك أوباما وقع أمراً سرياً يجيز تقديم دعم
حكومى أمريكى سرى لقوات المعارضة الليبية التى تسعى للإطاحة بالزعيم معمر
القذافى، فى الوقت الذى انشق فيه وزير الخارجية الليبى على النظام لصالح
المعارضة. وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا تحدثت عن
إمكانية تسليح المعارضين، فإن 4 مصادر مطلعة فى الحكومة الأمريكية قالت إن
أوباما وقع على الأمر الرئاسى السرى خلال الأسبوعين أو الثلاثة الماضية،
فيما ذكرت محطة «إيه. بى. سى» الأمريكية، أن أوباما وقع مذكرة سرية وافق
فيها على القيام بعمليات سرية من أجل «المساهمة فى الجهد» بليبيا.
وأوضحت أن هذه المذكرة «تتضمن عدداً من الطرق التى يمكن
بموجبها مساعدة المعارضة الليبية وتسمح بتقديم المساعدة اعتبارا من الآن
وتضع إطار النشاطات التى سيتم دعمها فى المستقبل».
ورداً على هذه التقارير، أكد البيت الأبيض أنه لم يتم اتخاذ
قرار بشأن تزويد قوات الثوار الليبيين بالأسلحة، وإن كان ذلك غير مستبعد،
مشيرا إلى أن الرئيس الأمريكى باراك أوباما ينظر فى جميع الخيارات لمساعدة
الشعب الليبى. فيما عارض رئيس لجنة المخابرات فى مجلس النواب الأمريكى،
مايك روجرز، تزويد مقاتلى المعارضة المسلحة الذين يقاتلون الزعيم الليبى
معمر القذافى بالسلاح.
فى السياق ذاته، أكد السفير البريطانى فى الأردن، بيتر ميليت،
أن بلاده ليس لديها أى خطط لتسليح الثوار الليبيين كخيار محتمل فى المرحلة
المقبلة، متفقاً فى ذلك مع تصريحات وزير الدفاع الفرنسى، جيرار لونغى بأن
تسليم الثوار الليبيين أسلحة «ليس مطروحاً» ولا «يتطابق» مع قرار الأمم
المتحدة.
جاء ذلك فى الوقت الذى عارض فيه الأمين العام لحلف «ناتو»،
أندرس راسموسن، فكرة تسليح الثوار الليبيين، قائلا إن الحلف يتدخل عسكرياً
لـ«حماية الشعب الليبى» وليس «تسليحه»، مضيفا أن الحلف يحقق فى تصريحات
ممثل الفاتيكان عن سقوط نحو 40 مدنياً فى الضربات الجوية الغربية على
العاصمة الليبية طرابلس.
وعلى صعيد متصل، استجوب مسؤولون بريطانيون، أمس، وزير
الخارجية الليبى، موسى كوسا الذى وصل بريطانيا قادما من تونس، بعد فراره من
ليبيا عقب إعلانه استقالته من منصبه وترك الرئيس معمر القذافى، حيث يمثل
انشقاق كوسا انقلاباً كبيراً خلال الصراع العسكرى الدبلوماسى والنفسى
الدائر ضد الزعيم الليبى معمر القذافى.
واعتبر وزير الخارجية البريطانى، وليام هيج، أمس، انشقاق كوسا
عن النظام الليبى ولجوءه إلى بريطانيا، سيشجع المقربين من القذافى على
التخلى عنه، إذ إن الزعيم الليبى «سيسأل نفسه من التالى الذى سيتخلى عنى»،
وقال إن نظام القذافى «ينهار من الداخل»، فيما أكد وزير الهجرة الليبى
السابق، على عريشى، الذى استقال فى وقت سابق، بعد أيام من اندلاع
الاحتجاجات دعماً للشعب الليبى، أن أيام نظام الزعيم الليبى «أصبحت معدودة».
وفيما يتعلق بتجميد أرصدة القذافى، أعلن رئيس الوزراء التونسى
الباجى قائد السبسى، أمس الأول، تجميد الأموال الخاصة بالزعيم الليبى معمر
القذافى فى تونس قائلاً إن هذا أقل ما يمكن عمله، بينما جمدت هولندا أرصدة
لنظام العقيد الليبى معمر القذافى بقيمة 3.1 مليار يورو تنفيذاً للعقوبات
التى قررها الاتحاد الأوروبى