إسرائيل في 2011: دولة معزولة.. وحلفاء يتساقطون .. والجيش يستعد
أصدر المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية، الأحد
الماضي، تقريره الاستراتيجي السنوي تحت عنوان «المشهد الإسرائيلي في 2011»،
والذي يرصد أهم المستجدات والتطورات التي شهدتها الساحة الإسرائيلية في
2010، من عدة محاور سياسية وأمنية واقتصادية واجتماعية.
بدأ التقرير برصد أهم ما ميز سياسة الحكومة الإسرائيلية في
العام الماضي، حيث أشار أن سياسات رئيس الوزراء الإسرائيلي «بنيامين
نتنياهو» تشكلت من خلال تقاطع أربعة عوامل مركزية، العامل الأول هو
«التعويل الكامل على القوة العسكرية»، والتي تعد أهم مرتكزات السياسة
الإسرائيلية والتي يعول عليها للدفاع والردع وتحقيق الأهداف السياسية، أما
العامل الثاني فكان «هيمنة السياسة الداخلية على السياسة الخارجية»، وهو ما
يعني «ربط استحقاقات الملف الفلسطيني ليس فقط بالحسابات القومية
الإستراتيجية، بل بالحسابات التكتيكية الائتلافية والفئوية».
العامل الثالث الذي أثر في سياسة الحكومة الإسرائيلية كان
التحول المستمر للمجتمع الإسرائيلي من مجتمع علماني إلى مجتمع متدين، وهو
الأمر الذي سيجعل «ما كان ممكنا سياسيا أكثر صعوبة مع مرور الوقت»، بحسب
التقرير الذي قال إن العامل الرابع هو «غياب رؤية إسرائيلية موحدة لكيفية
حل الصراع»، بسبب «التغيرات الدائمة في تركيبة النخبة الحاكمة» في إسرائيل.
وحدد التقرير عدد من الأحداث المفصلية التي شهدتها إسرائيل في
2010 وبداية 2011، والتي من شأنها أن «تجبر إسرائيل إما على العمل جدياً
على إنهاء الصراع وهو ما يعني تقديم عرض جديد لم تقدمه حتى الآن أو تعميق
عزلتها والانزلاق نحو مستقبل مجهول يحمل ملامح كثيرة من حالة دولة
الأبارتهايد (دولة الفصل العنصري في جنوب إفريقيا) خلال عقد السبعينيات
والثمانينيات»، ومن أهم هذه الأحداث المفصلية «بوادر ظهور الشرق الأوسط
الجديد»، والذي استدل عليه التقرير باندلاع الثورات العربية «وتقف على
رأسها بالطبع الثورة المصرية التي تتعدى أهميتها الإطاحة بنظام حسني مبارك
الذي اعتبر إسرائيليا نظاماً صديقاً ومتعاوناً إلى حدّ بعيد».
وفي هذا السياق توقع التقرير أن العلاقة المصرية –
الإسرائيلية لن تعود كسابق عهدها، وأن يستمع النظام المصري الجديد للشارع
الذي استمد شرعيته منه والذي يطالب «بتغيير اتفاقات مع إسرائيل اعتبرها غير
عادلة كاتفاقية تصدير الغاز».
الدلالة الأخرى على بوادر ظهور الشرق الأوسط الجديد، بحسب
التقرير، كان «أفول الحلف العسكري الإسرائيلي التركي»، في مقابل اتجاه
تركيا نحو سوريا وإيران، وهو ما يعني عملياً «خسارة إسرائيل لأحد أهم
أصدقائها في المنطقة».
من الأحداث المفصلية الأخرى التي شهدتها إسرائيل بحسب التقرير
في عام 2010 كان «تعاظم عزلة إسرائيل الدولية وتزايد عمليات نزع الشرعية
عنها»، بسبب الجمود في عملية السلام، ورفض تجديد تجميد الاستيطان.
كما لفت التقرير إلى توجه إسرائيل نحو اليمين المتطرف أكثر،
وربط ذلك بالقوة المتزايدة التي يتمتع بها «أفيجدور ليبرمان» في السياسة
الإسرائيلية وقال إن الكثيرين من السياسيين في إسرائيل ينظرون إليه على أنه
«رئيس الحكومة الفعلي» لإسرائيل، بعد انشقاق «إيهود باراك» عن حزب العمل.
ورصد التقرير مجموعة من الأدوات من المتوقع أن تستخدمها
إسرائيل في سبيل مواجهة التطورات المتلاحقة في المنطقة، أولها «التهيؤ
عسكريا لسيناريو المواجهة»، وهذا يعني افتراض سيناريو المواجهة بوصفه
إمكانية حقيقية تتطلب «التهيؤ للأخطار الأمنية المحتملة من الاتجاه المصري
ولكن ليس حصراً»، وتابع التقرير: «إسرائيل تفترض الأسوأ وتتهيأ له وهو ما
يمكن لمسه بداية بإضافة 700 مليون دولار لميزانية الأمن والدفاع وذلك في
أعقاب ثورة 25 يناير»، بالإضافة إلى إعلان وزير الدفاع الإسرائيلي «إيهود
باراك» عن «نية إسرائيل التوجه إلى أميركا بطلب زيادة المساعدات العسكرية
إلى 20 مليار دولار، وذلك كي تتمكن إسرائيل من تهيئة نفسها عسكريا للمخاطر
التي قد تنجم عن الثورات العربية».
السيناريو الآخر الذي من الممكن أن تلجأ إليه إسرائيل لمواجهة
التطورات في المنطقة هو «الترويج لفكرة أن إسرائيل حليف مستقر وحيد
لأمريكا في الشرق الأوسط»، وهو ما يعني أن إسرائيل ترى أن «عدم الاستقرار
الإقليمي عاملا ثابتا والتعامل مع الاستقرار بوصفه عاملا متحولا وبالتالي
التهيؤ لأخطار دائمة مستقبلية، ما يعني إبقاء إسرائيل على أهبة الاستعداد
العسكري لمواجهة أي مستجدات تطرأ لأن قوتها العسكرية هي ضمانتها الوحيدة
التي تواجه بها محيطها المتخبط. من المهم أن نشير هنا إلى أنه حتى في حال
وصول رئيس مصري "معتدل" من وجهة نظر إسرائيل إلى السلطة، فان هذا لن يغير
من توجهها هذا».
السيناريو الثالث الذي قد تلجأ إليه إسرائيل هو «السعي إلى
إيجاد تحالفات دولية جديدة»، بعد خسارتها لتحالفها الاستراتيجي مع شاه
إيران في 1979، كما خسرت تحالفها الاستراتيجي مع تركيا في 2010، «ويبدو
أنها أيضاً في طريق خسارة صداقتها مع النظام في مصر»، وتابع التقرير:
«بمعنى آخر انهارت خارطة التحالفات الإسرائيلية في المنطقة، وبدأت إسرائيل
في السعي نحو تأسيس تحالفات جديدة بديلة تعوض خسارتها الإستراتيجية، وبحسب
المعلومات التي نشرتها الصحافة الإسرائيلية فقد بدأت إسرائيل تطوير شراكة
عسكرية واستخباراتية جديدة مع اليونان وبلغاريا ودول أخرى في البلقان
مثل أوكرانيا ومقدونيا».