واجه الإعلان الدستورى الذى أعلنه المجلس العسكرى انتقادات حادة من بعض السياسيين والخبراء، خاصة ما يتعلق بنقل نصوص شبه كاملة وصلاحيات دستور 1971، خلافا لانتقادات استمرار مجلس الشورى رغم اتفاق القوى الوطنية على عدم صلاحيته فى الفترة الحالية، ووصفوا الإعلان الدستورى وتوقيته بأنه طريقة للالتفاف على مطالب القوى السياسية لإنشاء مجلس رئاسى فى المحلة الانتقالية.
فيما اعتبر د.حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية أن الإعلان الدستورى الجديد يثير الكثير من المشاكل و"البلبلة" حول المجلس العسكرى، حيث إنه ينقسم إلى جزأين جزء تم الاستفتاء عليه وجزء أقره المجلس العسكرى وحده واصفا إياه بـ"إحياء جزئى لدستور 1971".
وأضاف نافعة أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة تعامل مع الإعلان الدستورى الجديد بشكل حذر وتقليدى ولم يغير من جوهر النظام السياسى شيئا، واستنكر حسن نافعة عدم تحديد المجلس لمدة زمنية يسلم بها السلطة وأكدها ضمنيا بحيث تكون بعد الانتخابات البرلمانية.
انتقد نافعة أبقاء المجلس العسكرى على نسبة الـ50% للعمال والفلاحين، مشيرا إلى أنها كانت فكرة لها مبررها فى عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، ولكنها لا تتفق تماما مع المرحلة المقبلة وما تشهده من اعتراف بالحريات مطالبا بضرورة إلغائها، كما رأى أن مجلس الشورى ليس له أى محل من الإعراب الآن، منتقدا وجوده بنفس أدواره السابقة.
قال عصام سلطان المحامى، إن الإعلان الدستورى مناسب لطبيعة المرحلة والظروف التى تمر بها مصر حاليا، مشيرا إلى أنه كان أمل أن يتم إلغاء مجلس الشورى والنظر فى نسبة 50% عمال وفلاحين إلا أن هذه القضايا يمكن بحثها فى البرلمان القادم.
انتقد الدكتور عمرو الشوبكى، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إعلان المجلس العسكرى لدستور جديد بعد الاستفتاء على التعديلات الدستورية، واصفا إياها بـ"بالصيغة المرتبكة" وغير المفهومة، كما رأى الشوبكى أن المجلس العسكرى كان حريصا على عدم إثارة الجدل فى الكثير من المواد لذلك أبقى عليها كالاستمرار على نسبة الـ50% للعمال والفلاحين وأيضا الإبقاء على عدم تعديل المادة الثانية من الدستور، معتبرا إلى أن هذا الإعلان الدستورى مناسب للمرحلة الانتقالية التى يسلم بها المجلس العسكرى بعد ذلك السلطة للرئيس الجديد.
بينما رأى المستشار محمود الخضيرى أنه كان لابد من إلغاء مادة نسبة الـ50% للعمال والفلاحين، لأنها أضعفت دور مجلس الشعب مشيرا إلى أنه كان لابد من أن يتصف جميع أعضائه بالوعى التام للدور التشريعى لمجلس الشعب.
أكد عصام شيحة عضو الهيئة العليا لحزب الوفد أن الانطباع الأول حول الإعلان الدستورى يشير إلى أنه تضمن مواد يجب أن تكون موجودة فى أى إعلان دستورى، لكن الغريب أنه لم يحدد طبيعة الدولة المصرية، على الرغم من أن هناك اتفاقا عاما بين جميع القوى الوطنية، ومن بينها الإخوان المسلمون على أن مصر دولة مدنية ديمقراطية تعنى بالمواطنة.
وأشار شيحة إلى أن أغلب المواد التى وردت فى الإعلان الدستورى منقولة بالنص من دستور 1971، على الرغم من أن هناك تحفظات على بعض هذه المواد، وقال: "تم نقل جميع سلطات الرئيس التى كانت موجودة فى الدستور المعطل إلى المجلس العسكرى الأعلى"، موضحا أن الإعلان الدستورى لم يتضمن جدولا زمنيا يوضح تواريخ إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية.
وأضاف: "هناك اتفاق عام على أن مجلس الشورى بمثابة زائدة دودية فى المنظومة التشريعية المصرية، والغريب أن الإعلان الدستورى لم يبرر أسباب بقاء هذا المجلس، وأسباب تقليص صلاحياته التى كانت أضيفت إليه فى التعديلات الدستورية عام 2007"، واعترض شيحة على الطريقة التى نص عليها الإعلان الدستورى بشأن تشكيل الجمعية التأسيسية التى ستضع الدستور الجديد للبلاد، مطالبا بانتخاب الجمعية التأسيسية مباشرة من الشعب بدلا من اختيارها من قبل أعضاء مجلسى الشعب والشورى، نظرا لأن الطريقة الأخيرة تضع مستقبل البلاد فى يد القوى السياسية التى ستحصل على الأغلبية فى الانتخابات المقبلة.
فيما انتقد إبراهيم نوار القائم بأعمال الأمين العام لحزب الجبهة الديمقراطية موقف الحكومة من إعلان الدستور قبل انتهاء الحوار الوطنى الذى غاب عنه أحزاب المعارضة، مؤكدا أن الإعلان الدستورى بمثابة دستور مؤقت للبلاد وهو ما يعنى إلغاء دستور 71، بعد أن تضمن الإعلان 62 مادة من بينهم 9 مواد التى تم الاستفتاء عليها.
وأوضح نوار أن الإعلان الدستورى رغم تقليص سلطات رئيس الجمهورية، إلا أنها لم تمنح القوى المدنية حكم البلاد، مؤكدا أن الهدف من الإعلان الدستورى هو الالتفاف على مطلب القوى السياسية لإنشاء مجلس رئاسى خلال المرحلة الانتقالية على أن يتم تشكيله من 3 من القوى السياسية، بالإضافة إلى عضو من المجلس العسكرى، مشيرا إلى أن إعطاء الإعلان الدستورى المجلس العسكرى حق سلطة البلاد لحين إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وهو الأمر الذى سيعطى المجلس العسكرى مدة أطول لحكم البلاد، خاصة وإن حدث أى تعطيل أو تأخير فى عملية الانتخابات.