مصر.. مرشحو الرئاسة سقطوا في الاستفتاء!!
ربما تكون من المفارقات السياسية في التعديلات
الدستورية الأخيرة في مصر التي تم إقرارها بعد موافقة الأغلبية "77.2%"
عليها، أنها جاءت على عكس مواقف كافة المرشحين للانتخابات الرئاسية القادمة
في مصر، الذين رفضوا جميعهم التعديلات الدستورية مطالبين بدستور جديد بعد
ثورة 25 يناير.
فأبرز المرشحين الذين أعربوا حتى اليوم عن
نيتهم لخوض منافسات الانتخابات الرئاسية المقبلة وهم عمرو موسى الأمين
العام لجامعة الدول العربية، وأيمن نور مؤسس حزب الغد، ومحمد البرادعي
الرئيس السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، والمستشار هشام البسطويسي
نائب رئيس محكمة النقض، وحمدين صباحي مؤسس حزب الكرامة المصرية، أعربوا عن
رفضهم لتلك التعديلات التي قالوا عنها إنها لا تحقق طموحات الشعب، في الوقت
الذي وافق فيه الأغلبية على تلك التعديلات التي تم الاستفتاء عليها السبت
الماضي 19-3-2011
فمن جانبه، أشار أيمن نور إلى أن تلك
التعديلات الدستورية "تتضمن صياغات لنظام سياسي يمنح صلاحيات مطلقة لرئيس
الجمهورية، كما أن إجراء الانتخابات التشريعية وفقا للدستور القائم سوف
تفرز برلمانا مشابها للبرلمانات السابقة"، مطالبا الشعب المصري "برفض
التعديلات الدستورية" ، وهو ما لم يتحقق.
وقال نور " إنه
بعد ظهور نتيجة الاستفتاء على التعديلات الدستورية بــ"نعم" ستبدأ المعارك
على الانتخابات البرلمانية وتليها الانتخابات الرئاسية ومرحلة الضغط لبناء
رأى عام قوى"، مشيرا إلى "أن البلد مقدمة على الدخول على كارثة اقتصادية،
وهى نتيجة تراكمات 30 عاماً مضت ترتب عليها أخطاء مالية وإدارية وعجز فى
الموازنة العامة للدولة".
أما محمد البرادعي، الرئيس
السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، أشار إلى "رفضه لتلك التعديلات
الدستورية"، قائلا " إن "معجزة" الثورة المصرية يجب تعزيزها من خلال رفض
التعديلات الدستورية"، معتبرا أن " التعديلات الدستورية لا تحمل سوى
"تفاصيل بلا اهمية".
وأشار البرادعي إلى أن هذه "التعديلات
الدستورية لا تتطرق الى السلطات الاستنسابية للرئيس، ولا الى الانحرافات
في قواعد تشكيل البرلمان، كما لا تتطرق إلى ضرورة أن يكون هناك جمعية
تأسيسية مستقلة حيث يكون الجميع ممثل".
وقال " إن التصويت
بنعم سينتج عنه انتخابات في ظل دستور سلطوي ومشوه، وإن استمرار العمل بـ
"دستور مبارك" يعتبر إهانة للثورة المصرية".
وعلى خطى
سابقيه، قال عمرو موسى، الأمين العام لجامعة الدول العربية، "إنه كمواطن
مصري يرفض التعديلات الدستورية" مشيرا إلى أنه "من منطلق معاصرته لثلاث حقب
سياسية متتالية، وخلفيته الدبلوماسية التي تساعده على استشراف المستقبل
بمختلف احتمالاته و تتابعاته، فإنه يرى أن التعديلات الدستورية لا ترقى إلى
طموحات الشعب المصري الحالم بعهد جديد يرسى فيه دعائم الديمقراطية".
وأضاف موسى "إن رفض التعديلات الدستورية فإن المرحلة المقبلة ستكون ذات مكاسب سياسية راسخة".
واوضح
" أن الموافقة على التعديلات الدستورية يمكن أن تضاعف من فرص شبكات
المصالح التي اقيمت في النظام السابق في الفوز بعضوية عدد كبير من مقاعد
البرلمان، كما أن بقاء الدستور القديم يمنح الرئيس القادم للبلاد صلاحيات
واسعة، وهو ما يتعارض مع آمال الشعب في الديمقراطية الحرية وعدم تكرار
الاوضاع السابقة علي الثورة".
وأبدى حمدين صباحي، مؤسس حزب
الكرامة المصري، "رفضه التام للتعديلات الدستورية المقرر"، مطالبا "بدستور
جديد يحترم ارادة الشعب المصري".
وقال صباحي " سوف نحترم
نتيجة الاستفتاء، سواء بنعم أو لا، وسوف ندعو جميع القوى السياسية لفعل
الأمر نفسه، إيمانا منا بأهمية احترام الرأى الذى ستقوله الأغلبية العظمى
من المصريين فى الاستفتاء الحالى على التعديلات الدستورية".
وأعلن
هشام البسطويسي، رئيس محكمة النقض عن "رفضه للتعديلات الدستورية"، موضحا "
أنه لا يجوز التعديل علي دستور ساقط أو ميت وان هذا الدستور سقط بالثورة
مع رحيل مبارك وحل مجلسي الشعب فكان نتيجة طبيعية لسقوط الدستور".
ولكن
بعد موافقة الأغلبية على تلك التعديلات، قال البسطويسي " إن علينا احترام
قرار الاغلبية التي قالت نعم ونأمل أن يستجيب مجلسا الشعب والشورى لدعوة
ومطالب الشعب".
قد تكون مثل هذه المفارقة السياسية بين
الأغلبية الشعبية في مصر، والمرشحين للانتخابات الرئاسية في مصر ، جرس
إنذار للمجموعة الأخيرة لكي تحاول أن تواكب تأثيرات التطورات السياسية
الأخيرة التي لحقت بالشعب المصري، ودراستها بشكل عميق، وأن تسعى لفهم
تطلعات ومواقف الشريحة العريضة من الناخبين المصريين البسطاء الذين فضلوا
الدفع بعجلة العملية السياسية سريعا بحثا عن الاستقرار، إذا أرادوا أن يكون
لهم وجود على الساحة السياسية وخاصة في ظل السباق الرئاسي القادم.