ملايين المصريين يتذوقون لأول مرة طعم التصويت الحر
عندما يحرم مواطن في أي
مكان من ممارسة حقه الطبيعي في الانتخاب والتصويت الحر، أو عندما يكون
متيقنا أن صوته الانتخابي لن يكون له قيمة في ظل عمليات انتخابية مزورة
لإرادة الشعوب، فمن الطبيعي في كلتا الحالتين أن يعزف عن ممارسة هذا الحق..
وحين
عاد هذا الحق اليوم السبت 19-3-2011 إلى المواطن المصري فإنه بادر إلى
ممارسة حقه وإلى تذوق طعم التصويت الحر بعيدا عن أي ضغوط أو تدخلات من
السلطة التنفيذية، ووسط إشراف قضائي ومراقبة حقوقية وإعلامية واسعة!.
فقد
شهدت مراكز الاقتراع اليوم السبت إقبالا كثيفا فاق التوقعات من ملايين
المصريين للمشاركة في استفتاء على تعديلات دستورية تمهد الطريق -في حال
الموافقة عليها- أمام انتخابات برلمانية ورئاسية خلال 6 أشهر.
وامتدت
طوابير المصريين أمام مراكز الاقتراع في أول استفتاء بعد سقوط الرئيس
السابق حسني مبارك، وشكا بعض المقترعين من اضطرارهم للوقوف مدة طويلة قبل
دخولهم اللجنة بسبب الأعداد الكبير التي توافدت للإدلاء بأصواتها.
وقال
مراقبون إن الإقبال على التصويت فاق المتوقع في أول استفتاء في التاريخ
الحديث لا تعرف نتائجه مسبقا بسبب الإقبال الكبير من الناخبين وشفافية
واضحة في إجراءات الاقتراع.
ورجحت
توقعات المراقبين ومؤشرات أولية ظهر السبت أن تسجل نسبة الإقبال على هذا
الاستفتاء سابقة من حيث ارتفاع نسبة المشاركين، وأن تتجاوز نسب المشاركة في
أي استفتاء سابق تحت حكم الرئيس مبارك، كان لا يتعدى عادة وبأي حال نسبة
ال15% بالمائة، بحسب مصادر مستقلة.
ويعزو
مراقبون كثافة الإقبال إلى شعور المصريين بأهمية أصواتهم بعد سقوط النظام
الذي واجه اتهامات متعددة بتزوير نتائج الانتخابات والاستفتاءات.
وتهدف
التعديلات الدستورية إلى فتح الطريق لانتخابات تشريعية تليها انتخابات
رئاسية بما يسمح للجيش بتسليم السلطة لحكومة مدنية منتخبة.
ومن
بين التعديلات أن تكون مدة الرئاسة أربع سنوات لا تتكرر إلا مرة واحدة
لشاغل المنصب في حين كانت المدة ست سنوات قابلة للتكرار مدى الحياة في
الدستور الذي قرر المجلس الأعلى للقوات المسلحة تعطيله بعد نقل سلطات رئيس
الدولة إليه في الحادي عشر من شباط فبراير.
وهناك انقسام في الرأي بين من يقولون إن الحاجة قائمة لدستور جديد وآخرين يقولون إن التعديلات كافية في الوقت الحالي.
وبدأ
الاقتراع في الساعة الثامنة صباحا بالتوقيت المحلي (السادسة بتوقيت
جرينتش) ومن المتوقع أن تعلن النتيجة مساء الأحد أو صباح الإثنين بحسب
تصريح أدلى به مسئول في اللجنة القضائية المشرفة على الاستفتاء لرويترز.
(نعم / لا)..حرة
وتضمنت بطاقة الاقتراع النص الكامل للتعديلات مذيلة بعلامتين للاقتراع في واحدة منهما بنعم أو لا.
وخرج ناخبون من لجان كثيرة وقد ظهر الحبر الذي لا يزول لفترة من الوقت على أصابعهم.
وسجلت
شكاوي محدودة الحجم من بعض الشوائب في عملية التصويت لا تقلل من إجمالي
أجواء التصويت الحر، بعيدا عن أي شكل من أشكال تدخل للسلطة التنفيذية كما
جرت العادة في عهد مبارك.
فقد شكا بعض
المقترعين من بعض التجاوزات التي حدثت تحت وطأة الزحام، فقد قال ناخب في
محافظة المنيا جنوبي القاهرة إن المشرفين على الاقتراع في اللجنة التي صوت
بها لم يطلبوا منه غمس إصبعه في الحبر الفسفوري الذي يضمن عدم تكرار
الإدلاء بالصوت.
كما تجمهر ناخبون أمام
لجان في مدينة المحلة الكبرى بدلتا النيل وقرى قريبة منها غاضبين بسبب وقف
التصويت في تلك اللجان لغياب الإشراف القضائي بحسب شهود عيان.
وقال
شاهد في مدينة الإسكندرية الساحلية إن الاقتراع في بعض اللجان تأخر نحو
نصف ساعة عن الموعد. وقال شاهد في القاهرة إن الاقتراع في بعض اللجان لم
يكن سريا.
ومن أبرز مؤيدي التعديلات
جماعة الإخوان المسلمين بينما يرفضها نشطاء وبعض المسيحيين يقولون إن وضع
دستور جديد في ظل برلمان يغلب عليه أعضاء في الجماعة وأعضاء في الحزب
الوطني الذي كان يحكم البلاد إلى أن تنحى مبارك لا يضمن أن تكون مصر دولة
مدنية.
ومن أبرز معارضي التعديلات
طامحان للرئاسة هما الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى الذي شغل
منصب وزير الخارجية لسنوات في عهد مبارك والمدير العام السابق للوكالة
الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي الذي يقول إن التعديلات "إهانة للثورة
ولا تحقق أهدافها".
ويرى المجلس
الأعلى للقوات المسلحة الذي يريد تسليم السلطة للمدنيين بأسرع ما يمكن أن
التعديلات هي أفضل وسيلة للتقدم إلى الأمام إن لم تكن الوسيلة المثلى لكنه
دعا الناخبين للاحتشاد والإدلاء بالأصوات كل برغبته.
ويشارك نحو 37 ألف رجل من القوات المسلحة في تأمين الاستفتاء يشاركهم رجال شرطة قال الشهود إنهم يقفون بعيدا عن اللجان.
وإذا
رفض الناخبون الاستفتاء فسيتعين على المجلس الأعلى للقوات المسلحة مد
الفترة الانتقالية من أجل وضع دستور جديد قبل الانتخابات التشريعية
والرئاسية التي ربما يتعين أن ترجأ إلى ديسمبر كانون الأول بينما يعتزم
المجلس الأعلى للقوات المسلحة إجراء الانتخابات التشريعية في سبتمبر أيلول
وبعدها الانتخابات الرئاسية.
وخارج
لجان مراكز الاقتراع يوزع نشطاء بيانات على ناخبين تطالب بالاقتراع برفض
التعديلات بينما ينشط آخرون في توزيع بيانات تطالب بتأييد الاستفتاء.