مصر..مبادرات لـ"فض الاشتباك" بين نعم ولا لتعديل الدستور
في محاولات
لإخراج قطاع كبير من الشعب المصري من مطحنة ذهنية وعصبية لم يعشها من قبل
بخصوص رأيه في مستقبل دستور بلاده، طرح عدد من المفكرين والسياسيين مبادرات
تسعى لتقليل فجوة الخلاف بين من يقول نعم ومن يقول لا للتعديلات الدستورية
المقرر الاستفتاء عليها السبت 19-3-2011، وتبعث برسائل إطمئنان للجميع،
منها أن يكون التصويت على إعلان دستوري وليس على تعديلات، وأن تتفق القوى
السياسية المشاركة في الثورة على خوض الانتخابات البرلمانية المقبلة على
أساس قائمة موحدة للثوار، وليس بالنظام الفردي أو نظام قائمة تخص حزب بعينه
أو جماعة بعينها فقط.
وينقسم
الشارع المصري الآن ما بين قول نعم ولا للتعديلات التي تضم 10 مواد تتعلق
بشروط ترشح رئيس الجمهورية، وآلية وضع الدستور الجديد، وتنظيم العمل بقانون
الطوارئ، ففيما تتلخص مبررات من يختارون (لا) في رفض مبدأ ترقيع الدستور
من الأساس وأن الثورة تستلزم وضع دستور جديد، أو خشيتهم من أن يكون التصويت
بنعم يعني دب الحياة مجددا في دستور 1971 المعيب، أو لضيقهم من مواد
بعينها مثل إسناد أمر اختيار اللجنة التأسيسية للدستور الجديد لمجلس الشعب
والرئيس دون استشارة الشعب، أو أن الانتخابات البرلمانية لو تمت خلال 6
أشهر ستحرم قوى سياسية جديدة أو كانت مقيدة في السابق من الوقت اللازم لنشر
نفسها في الشارع.
فيما
تتخلص مبررات من يقول (نعم) للتعديلات في أن قول (لا) قد يعني إسناد أمر
البلاد برمته للقوات المسلحة التي مع طول مدة بقاءها في الحكم قد "تشتهي"
السلطة ولا تغادرها، أو أنه لا يوجد من يتفق عليه الشعب الآن ليتولى
مسئولية تشكيل لجنة تأسيسية لوضع دستور جديد يليق بمطالب الثورة.
ولتهدئة
مخاوف هذا وذاك اقترح فقهاء دستوريون ونشطاء، أن يتم اعتبار هذه التعديلات
الدستورية بمثابة "إعلان دستوري"؛ بما يعني أن التصويت عليها بنعم لا يعني
إحياء دستور 1971 بما فيها من مواد تعطي صلاحيات مطلقة للرئيس، وينظم هذا
الإعلان العمل الدستوري في البلاد لحين عمل انتخابات تفرز برلمان قادر على
اقتراح دستور يلبي رغبات قطاع تكبير من الشعب.
ويبقى
الخلاف بين فريق (نعم) و(لا) في أن الفريق الأول يرى إلغاء الاستفتاء على
التعديلات الدستورية وأن يتولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة الإعلان عن
هذا الإعلان الدستوري، ومن هؤلاء شباب ائتلاف ثورة 25 يناير والمستشارة
تهاني الجبالي، فيما يرى مراقبون من داخل فريق (نعم) أن يجري الاستفتاء في
موعده على أن يصدر مرسوم رسمي بأن التصويت لن يكون على تعديلات من دستور
1971 بل على إعلان دستوري منفصل، بإقراره تصدر شهادة وفاة يقينية لدستور
1971.
اقتراح
آخر طرحه خبراء للحد من مخاوف المصريين من أن قول (نعم) سيعني إجراء
انتخابات تشريعية في غضون الأشهر الستة القادمة؛ ما يعني أنها ستفرز
برلمانا لا يعبر عن الشعب؛ لأنهم يتوقعون أن الأغلبية فيه قد تكون لفلول
الحزب الوطني المتمتع بقدرة مالية عالية وصلات وثيقة مع العشائر والعائلات
في المناطق الريفية وغيرها، ولجماعة الإخوان المسلمين المعروف عنها قدرتها
التنظيمية العالية، والخوف الأكبر من هذا إذا حدث أن هؤلاء هم من تسند
إليهم التعديلات، دون حاجتهم لاستشارة الشعب، مهمة تشكيل اللجنة التأسيسية
المنوط بها وضع الدستور الجديد.
والاقتراح
الذي قد يهدئ هذه المخاوف يحمل شقين: الأول هو تأجيل الانتخابات التشريعية
ثلاثة أشهر أخرى لتجري في بعد 9 أشهر وليس بعد 6 أشهر لاتاحة الفرصة
للأحزاب لكسب أرضية شعبية، والثاني هو أن تتدخل جميع الأحزاب والقوى
السياسية التي شاركت في ثورة 25 يناير الانتخابات موحدة وليست متفرقة، وذلك
بقائمة موحدة للثوار تضم ليبراليين وإخوان ويسارين وحزب الوسط وحزب الوفد
وحزب الجبهة وغيرهم من قوى شاركت في الثورة، ما يعني التصويت سيكون لهذه
القوى مجتمعة، بما يضمن تواجد أكبر لكافة القوى السياسية، وفي نفس الوقت
إقصاء واضح لفلول الحزب الوطني من القائمة المتوقع أن تحظى بشعبية كبيرة.
ومن
مؤيدي فكرة دخول الثوار بقائمة موحدة في جميع الدوائر باسم قائمة الثورة
ضياء رشوان، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، الذي
دعا شباب الثورة لإعداد قائمة موحدة باسم قائمة الثورة يتم بها خوض
الانتخابات في جميع الدوائر لقطع الطريق أمام فلول الحزب الوطني الحاكم
سابقا.
وسبق
أن صدرت من أعضاء بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي يدير شئون البلاد
في المرحلة الحالية، تصريحات إعلامية تتحدث عن مساعي لتأجيل الانتخابات
البرلمانية لتتم بعد 9 أشهر وليس 6 أشهر، ولكن قطاع كبير من الثوار والقوى
السياسية يريدون من المجلس الأعلى إصدار مراسيم رسمية واضحة تؤكد أن هذه
المساعي قرارات يمكن الاحتكام إليها لاحقا.
وسيكون
على المصريين التصويت بـ «نعم» أو «لا» على تعديلات لتسع مواد من الدستور
(75 و76 و77 و88 و93 و139 و148 و79 و189) وهي تعديلات تزيل القيود المفروضة
على الترشح لرئاسة الجمهورية وتمنع بقاء الرئيس في السلطة لأكثر من
ولايتين متتاليتين مدة كل منهما اربع سنوات، كما تلغي هذه التعديلات المادة
139 التي تتيح لرئيس الجمهورية إحالة المدنيين الى القضاء العسكري.
ومن
أبرز القوى السياسية الموافقة على التعديلات جماعة الإخوان والحزب الوطني
وحزب الوسط وحزب السلام الديمقراطي ومن الرافضين ائتلاف ثورة 25 يناير
وأحزاب الوفد والناصري.