ماذا حدث في "موقعة الجمل2" بميدان التحرير 9 مارس؟
وسط تخبط إعلامي في تغطية ما حدث، اضطر
مئات المعتصمين في ميدان التحرير المطالبين بإسقاط بقايا نظام الرئيس
المخلوع حسني مبارك إلى إخلاء الميدان، مساء الأربعاء 9-3-2011، بعد قيام
عشرات البلطجية المحملين بالأسلحة البيضاء والطوب بمهاجمتهم بتهمة أنهم
يثيرون الفوضى ويهددون الأمن، فيما لم يتم التعرض بأي شكل من الأشكال
للمعتصمين في ميدان مصطفى محمود المؤيدين للنظام السابق، والمطالبين بترشيح
رئيس الوزراء السابق أحمد شفيق رئيسا للبلاد.
وتفاوتت
وسائل الإعلام في تغطيتها للأسلوب الذي تم به إخلاء ميدان التحرير بالقوة،
ففيما اتهمت بعض هذه الوسائل المعتصمين بأنهم كلهم مجموعة بلطجية وعاطلين
عن العمل قام الجيش بمساعدة بعض الشباب بـ"تنظيف" الميدان منهم، قالت وسائل
إعلامية أخرى نقلا عن شهود عيان إن المعتصمين المتبقيين من مئات آلاف
المعتصمين الذين احتشدوا لنحو 18 يوما للعمل على إسقاط نظام مبارك فوجئوا
بهجوم واسع من بلطجية مسلحين لإجبارهم على مغادرته رغم أنهم ملتزمين
بالتظاهر السلمي، ولا يشكلون أي عائق أمام حركة المرور.
وسبق
أن زارت شبكة "أون إسلام" الميدان عدة مرات في الأيام الماضية، وأجرت
لقاءات بالعديد من المعتصمين، الذين كان معظمهم من الصحفيين وذوي الشهداء
والنشاط السياسيين وفنانين وأطباء متطوعين لرعاية المعتصمين وغيرهم من شباب
الثورة الذين يضايقهم "تباطؤ" السلطات في القبض على بقية فلول النظام
"الذين يعيثون" في مصر فسادا بإثارة الفتن الطائفية ونشر أعمال العنف
والبلطجة التي تروع المواطنين، وكذلك يشكون من "تباطؤ" السلطات في القبض
على المسئولين عن قتل مئات الشهداء وإصابة الآلاف.
وفيما
يخص أحداث الأربعاء التي أطلق عليها البعض اسم "موقعة الجمل 2"، لتشابه
أحداثها مع "موقعة الجمل 1" التي وقعت أيضا يوم الأربعاء ولكن في 2 فبراير
الماضي، في ميدان التحرير اتصلت "أون إسلام" بعدد من المعتصمين، منهم
الفنان هشام عبد الله والدكتورة راندة الذين وافونا بما يلي:
في
مساء الثلاثاء دخل عدد من البلطجية بقنابل مولتوف وسيوف وأسلحة بيضاء على
المعتصمين الذين اشتبكوا معهم في معركة قصيرة انتهت إلى هروب البلطجية خارج
الميدان.
وفي حوالي الساعة 3 عصر يوم
الأربعاء عاود البلطجية المحملين بالأسلحة البيضاء والطوب الهجوم على
المعتصمين، غيرهم أنهم في هذه المرة أتوا من عدة مداخل من مداخل الميدان
بأعداد كبيرة، وانقضوا على المعتصمين الذين اشتبكوا معهم؛ ما أدى لإصابة
عدد غير محدد.
وبحسب هشام وراندة فإن
الجيش تدخل في وقت لاحق، وبدأ يضرب في الجميع لمحاولة تصفية الموقف وإخلاء
الميدان، وقبض على العشرات من الجانبين، غير أنهم لاحظوا أنه بدأ في
الإفراج عمن يتأكد أنهم من المعتصمين فعلا، في حين احتفظ- حتى مساء ذلك
اليوم- بمن تأكد أنهم من البلطجية.
ولفت
الفنان هشام عبد الله الذي كان يذهب للاعتصام مصطحبا بعض أبنائه كما قال
لنا إلى أن بعض المؤجرين من فلول النظام السابق كانوا مندسين منذ عدة أيام
بين المعتصمين: "دخل على المعتصمين منذ أيام بعض الأشخاص بادعاء أنهم
يريدون الاعتصام، وبقوا معنا حتى ظننا أنهم منا، ولكن فوجئنا أنهم فور بدء
هجوم البلطجية على المعتصمين، كانوا هم أول من بدأ يضرب فينا، وكأنه كان من
بيننا بلطجية".
وتوالت تعليقات الناس
على هذه المعركة الجديدة بين المعتصمين والبلطجية على موقع "فيس بوك"،
بعضهم كان يتحامل على المعتصمين متهماً إياهم بعدم المسئولية، وبأنهم أشخاص
لا ينتمون لثورة 25 يناير، فيما انبرى آخرون للدفاع عنهم، والتأكيد على
أنهم من صناع الثورة، خاصة أولئك الذين يقولون إنهم يعرفون هذه الشخصيات،
وأن معظمهم كانوا من معتصمي الثورة الأوائل.
ومن
أبرز التعليقات على ما حدث الأربعاء، تعليق لتامر البنا الذي وصفه بأنه
"موقعة الجمل فعلا 2"، غير أن منى السيد أبدت أسفها إلى أن موقعة "الجمل
1" وجدت من يدافع عنها من الجماهير والمفكرين، غير أن هذه الموقعة لم تلقَ
نفس الدعم، خاصة مع غياب تواصل الإعلام والناس مع المعتصمين.
اعتصام مصطفى محمود
وفي
مقابل الهجوم الإعلامي على معتصمي التحرير من ناحية، والذي انتهى بهجوم
مسلح من البلطجية فإن مئات المعتصمين في ميدان مصطفى محمود المؤيدن لنظام
الرئيس المخلوع حسني مبارك لم يتعرضوا لانتقاد إعلامي يذكر، كما لم ترد أي
أنباء عن تعرضهم لهجمات من مواطنين أو بلطيجة، رغم أنهم مثل معتصمي
التحرير، يحتلون جزءا من الميدان وينصبون العديد من الخيام التي يبيتون
فيها.
ويرفع معتصمو مصطفى محمود صورا
لحسني مبارك وابنه جمال ورئيس الوزراء السابق أحمد شفيق، ولافتات مكتوب
عليها عبارات تبين مطالبهم، منها: "الشعب يريد أحمد شفيق، والشرطة والشعب
إيد واحدة"، و"مصر مش التحرير.. مصر أكبر بكتير، والشعب يريد إخلاء
الميدان".
وكما رفعوا شعار "من، أمان،
استقرار"؛ احتجاجاً على ما وصفوه برضوخ القوات المسلحة لمطالب متظاهري
ميدان التحرير والاستجابة لهم، منذ تنحي مبارك وحتى قبول استقالة الفريق
أحمد شفيق من منصب رئاسة الوزراء.
وعبر
المحتجون عن رفضهم لبعض مطالب المعتصمين بالتحرير، ومنها تعيين الدكتور
عصام شرف رئيسا للوزراء، واصفين شرف بأنه رئيس وزراء ميدان التحرير.
وتردت أنباء في بعض وسائل الإعلام بأن المعتصمين على تواصل مع أحمد شفيق
وفي
بيان وزعه الذي وزعه مسئول مجموعة "أنا آسف يا ريس" على موقع "فيس بوك"
والمنظم الرئيسي للاعتصام، أيد معتصمو ميدان مصطفى محمود التعديلات
الدستورية الأخيرة، مؤكدين أن مصر ليست في حاجة لتنفيذ مطلب معتصمي التحرير
بوضع دستور جديد، وطالبوا معتصمي التحرير بالرجوع لمنازلهم.
وقف
بعض شباب مصطفى محمود، على سور الحديقة فى محاولة منهم لإقناع الناس بوجهة
نظرهم أو حقهم فى التعبير عن رأيهم كما يفعل معتصمو ميدان التحرير، إلا أن
البعض قابلهم بالسب ورفع أحد المارة مطواة فى وجه أحد المتحدثين باسم
معتصمى مصطفى محمود إثر مشادة كلامية بينهما.
وأكد
محمد عبداللطيف، أحد منظمى اعتصام مصطفى محمود، أن الهدف الرئيسى من
التواجد فى هذا الميدان هو "هو توصيل رسالة للجيش المصرى مفادها أن ميدان
التحرير ليس الشعب كله، وأن التصرف بناء على رغبة متظاهرى التحرير ليس
تصرفاً ديمقراطياً".
كما يطالب معتصمو
ميدان مصطفى محمود الفريق أحمد شفيق بترشيح نفسه لمنصب رئيس الجمهورية،
والمهندس عصام شرف، رئيس الوزراء، بالاعتذار إلى الشعب المصرى، بعدما صرح
بشكل علنى بأنه يستمد شرعيته من ميدان التحرير، واصفين هذا التصريح بأنه
"هضم لحقوق باقي المصريين".
وقال
المخرج أحمد عبدالمنعم، أحد المعتصمين: "لن نترك ميدان مصطفى محمود، حتى
يترك الآخرون التحرير، وتلبية جميع مطالبنا"، لافتا إلى أنهم يتلقون دعماً
معنوياً كبيراً من أشخاص جدد ينضمون إليهم يوماً بعد الآخر، أو من خلال
شخصيات عامة، ومنهم مرتضى منصور المحامى.
ويدعم
اعتصام ميدان مصطفى محمود كذلك عشرات من الصفحات على "فيس بوك" تحمل أسماء
مثل "أنا آسف يا ريس"، "أنا آسف يا أحمد شفيق"، "أنا آسف يا شرطة"، التي
ترى أنه رد على اعتصام التحرير ودعوة للاستقرار، في حين قوبل بانتقادات
وسخرية شديدة من صفحات أخرى، خاصة مع غياب اللوم الإعلامي الموجه لهم
والمركز على اعتصام ميدان التحرير.