سبحان مغير الأحوال.. حبيب العادلي وزير الداخلية الأسبق أحد وزراء الكعب العالي
في حكومة نظيف، وقف بالأمس داخل قفص الاتهام ليرد علي المستشار المحمدي قنصوة
الذي نادي عليه مرتين ليعرف إذا كان متواجدًا داخل القفص من عدمه، فيرد عليه
»أيوه حاضر.. أيوه موجود«.
بالأمس القريب، لم يكن يجرؤ أحد أن يتخيل سيناريو يضع فيه شخص العادلي،
فالاقتراب منه كان كالسير علي شريط القطار.. كان العادلي رمزا لانقلاب الهرم
السياسي المصري من طغيان للسلطة التنفيذية علي السلطة التشريعية.. المؤكد أن
الدكتور أحمد فتحي سرور رئيس مجلس الشعب يتحمل خطايا ذلك، بل أنه ساعد في طغيان
العادلي، حينما تعامل معه من منطلق وزير الكعب العالي داخل الحكومة، فلم يكن
يستطيع الاقتراب من وزارته من قريب أو بعيد.
أبرز ملامح هذا النفوذ مشاركة المؤسسة التشريعية في ذبح أحد النواب الشرفاء من
المستقلين وهو النائب سعد عبود، حينما قدم أوراقًا تفيد بتربح عدد من القيادات
الأمنية من موسم الحج.. فما كان من العادلي، إلا أن أعطي تعليماته لرجاله الذين
حضروا الجلسة للرد علي الاستجواب بدلا عنه إلا أن يؤدبوه، ليكون عبرة أمام زملائه
من النواب الآخرين.. وهو ما حدث وتم اعداد الخطة بالكامل بمباركة الدكتور فتحي
سرور ونواب الحزب الوطني لتخرج الداخلية وعلي رأسها المتهم حبيب العادلي الآن »في
قضية غسيل الأموال« منتصرا في مشهد يعبر عن الفساد الذي عشش داخل قبة
البرلمان.. ويتم حرمان النائب سعد عبود من حضور الجلسات حتي نهاية دورة برلمان
2008.
ربما هذا المشهد لم يكن الأول والأخير.. فجميع الاستجوابات التي كانت تقدم ضد
وزارة الداخلية كان يتم التعامل معها بنظام سري جدًا، فتقوم الأمانة العامة بمجلس
الشعب بإخطار الجهات المعنية بوزارة الداخلية، فقط للمعرفة، ثم يتم ايداعها في
أدراج المجلس. أبرز الاستجوابات التي كانت تقدم كانت كلها تدور حول التعذيب داخل
أقسام الشرطة أو انحرافات بعض من رجال الشرطة، هكذا تحول مجلس الشعب إلي قسم تابع
لوزارة الداخلية.
الغريب أن الدكتور فتحي سرور كان يقول دائما خلال الجلسات إنه ينبغي علي الوزراء
الحضور.. ويجب احترام المجلس للرد علي الاستجوابات المقدمة من النواب.. إلا أن
هذا الكلام لم يكن ينطبق علي قلة من الوزراء علي رأسهم »حبيب العادلي«، لدرجة
استفزت أحد النواب الذي ذهب عقب الجلسة إلي سرور قائلا »يا ريس كلامك النهاردة
كان جميل قوي.. بس أنا نفسي أشوف كعب جزمة وزير الداخلية«.. فما كان من رئيس
مجلس الشعب إلا أن ضحك طويلا ثم قال للنائب »بلاش تحلم لأحسن تصحي من النوم علي
كابوس«.
حقيقة الأمر أن غياب الدور الرقابي لمجلس الشعب كان السبب الحقيقي في فساد
منظومة وزارة الداخلية وطغيان جهاز أمن الدولة، فالعشرات من الاستجوابات والمئات
من طلبات الاحاطة والبيانات العاجلة التي قدمها النواب إلي مجلس الشعب ضد فساد
العادلي وأعوانه، ظل الحديث عنها أمرًا صعب المنال، حتي من مناقشة التقارير
المعدة مما كان يسمي بالمجلس القومي لحقوق الإنسان ظلت توصياته بلا أنياب، دلالة
ذلك مضابط اجتماعات لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشعب والتي كان يحضرها عدد من
القيادات الأمنية وأعضاء المجلس القومي لحقوق الإنسان.. حيث خلت من أية اعتراف من
وزارة الداخلية ضد الجرائم البشعة التي كانت ترتكب ضد المعتقلين أو خلال مناقشة
قضية »خالد سعيد«. قضية هذا الشاب السكندري لم تكن الأولي من نوعها، فهناك
الكثير منها ولكن باختلاف شكل الجريمة تم مناقشته داخل اللجنة البرلمانية، التي
كانت ترفع تقريرها إلي رئيس المجلس، الذي يقوم بالتصديق عليه. هذه التقارير
وغيرها كانت كفيلة لسحب الثقة من حبيب العادلي داخل مجلس الشعب، ومحاكمته محاكمة
جماهيرية لولا حماية الدكتور فتحي سرور لهذا الرجل.