في اليمن.. أكثر من 50 مليون قطعة سلاح في أيدي المواطنين
في ظل تفاقم الأزمة السياسية بين السلطة والمعارضة وتصاعد التظاهرات
الاحتجاجية في مختلف المدن اليمنية والمنادية بالتغيير، رافعة شعار" الشعب
يريد إسقاط النظام "، تتزايد مخاوف اليمنيين من أن يتكرر سيناريو تونس ومصر
وليبيا، بل ويتجاوزه في بلد كاليمن تتنازعه العصبيات والولاءات القبلية
وتقل فيه مظاهر الوعي والحياة المدنية.
قلق اليمنيين انعكس واقعياً في صورة إقبال لافت على شراء الأسلحة التي كان
سوقها قد شهد ركوداً في الفترة الماضية بعد ما شنت وزارة الداخلية حملة
لسحب السلاح من المواطنين وإعادة تنظيم عملية حمله وحيازته.
وذكر تاجر سلاح لـ"العربية نت" أن هناك إقبالاً كبيراً على شراء الأسلحة
الشخصية الخفيفة؛ الكلاشينكوف، والمسدس، خصوصاً بعد تصاعد أعمال العنف
والمصادمات بين المتظاهرين المعارضين للرئيس صالح والعناصر التابعة للحزب
الحاكم. وأضاف أن عملية البيع والشراء للأسلحة تجري بصورة واضحة كما هو
عليه الحال في أسواق السلاح في أرحب القريبة من صنعاء، وسوق الطلح بصعدة،
وسوق الشرق في ذمار، وأيضاً تتم أحياناً بصورة سرية عبر أشخاص ووسطاء
منتفعين في العاصمة والمدن التي توجد فيها رقابة شديدة وحملات تفتيش من قبل
الأجهزة الأمنية.
محمد تاجر سلاح في منطقة أرحب القريبة من صنعاء يقول إن هذا الإقبال قد
ضاعف من أسعار الكلاشينكوف الذي وصل إلى 290 ألف ريال (1450دولاراً
أمريكياً) للنوع الروسي، بعد أن كان سعره في الأوقات الطبيعية لا يتجاوز
220 ألف ريال (1100دولار أمريكي)، في حين ارتفع سعر المسدس الروسي من 120
ألف ريال (600دولار أمريكي) إلى 170 ألف ريال (850 دولاراً أمريكياً).
ويفسر الباحث كامل الشرعبي بروز الظاهرة مجدداً بالقول: في مجتمع قبلي
ترتفع فيه نسبة الأمية وتنخفض نسبة الوعي، وفي بلد يمتلك مواطنوه نحو 50
مليون قطعة سلاح، مضيفاً أن "شعار الشعب يريد إسقاط النظام" يتفق نظرياً مع
ما ردده التونسيون والمصريون، ولكنه على أرض الواقع هناك شعور سائد بأن
تكلفته في اليمن ستكون باهظة.
وأضاف لـ"العربية.نت": اليمن ليست كما تونس ومصر، عندما زاد ضغط الشارع
اضطر الرؤساء إلى التنحي وتسليم السلطة إلى الجيش الذي هو محايد.. في اليمن
هناك جيش، وهناك أحزاب وحياة ديمقراطية، لكن عندما تشتد الأمور وتتقاطع
المصالح والمواقف يكون داعي القبيلة أقوى، وتعود الانتماءات القبلية
والعشائرية والجهوية للبروز كعامل حاسم بين الفرقاء.
وكانت السلطات اليمنية قد ضبطت 246 ألف قطعة سلاح مخالفة في عموم محافظات البلاد خلال العام الماضي 2010.
عملية الاتجار بالسلاح
ويرى متخصصون
أن هناك مستفيدين من عملية الاتجار بالسلاح والمفرقعات، ويقولون إن
المهربين الذين ينشطون في هذا المجال هم أول المستفيدين من استمرار بيع
وشراء السلاح في البلاد، وقد ضبطت سلطات الأمن خلال السنوات القليلة
الماضية عدداً من الأشخاص كانوا يقومون بتهريب الأسلحة من منافذ برية
وبحرية، خاصة من دول القرن الإفريقي، وإحالتهم إلى التحقيق.
وتعتبر المناطق القبلية (شمال وشرق البلاد) أكثر المناطق ارتفاعاً في نسبة
امتلاك مواطنيها للسلاح، وتشير إحصائيات غير رسمية إلى أن معظم، إن لم يكن
كل المواطنين، في هذه المناطق مسلحون، وتقدر ذات الإحصائيات عدد قطع السلاح
التي يمتلكها هؤلاء بثلاث قطع من النوع الخفيف للفرد العادي، وتبلغ نسبتهم
من إجمالي عدد المسلحين 57%، فيما بقية النسبة تذهب إلى المشايخ وكبار
رجالات القبيلة، حيث يمتلك الواحد من هؤلاء بين 10 و20 قطعة سلاح، خفيف
ومتوسط.
ولاتزال الأجهزة الأمنية حتى الآن تتعامل مع قضية التفتيش عن الأسلحة بحذر
لما لذلك من حساسية شديدة للكثير من الأطراف في ظل قصور قانوني كبير يعيق
تخويل الأجهزة الأمنية صلاحيات كبيرة لاتخاذ الإجراءات الحازمة ضد
المخالفين لحملات التفتيش عن الأسلحة أو حظر حمل الأسلحة في المدن، حيث
لازالت أجهزة الأمن تعمل في حملتها للتفتيش عن الأسلحة وفق قانون قديم يعطي
صلاحيات للحاصلين على ترخيص حمل الأسلحة بالتجول بها في المدن بسند
قانوني.
وسعت الداخلية اليمنية بكل ثقلها لاستصدار قانون جديد لتنظيم عملية حمل الأسلحة وحيازتها غير أنه واجهها الكثير من المعوقات.
ولازال مشروع هذا القانون حبيس الأدراج في مجلس النواب منذ أكثر من 10
سنوات. ووفقاً لمصادر متطابقة فإن هناك أطرافاً في البرلمان سعت خلال
الفترة الماضية لإبعاد مشروع هذا القانون عن النور، لأنه قد يتعارض مع
مصالحها القبلية.