يتدفق آلاف من العمال المصريين على تونس من ليبيا، حيث تعهد الزعيم الليبي معمر القذافي بسحق ثورة تضيق الخناق من حوله.وقضى
آلاف من المصريين الفقراء سنوات يعملون في الحقول أو في مواقع البناء في
ليبيا لإعالة أسرهم في بلادهم. حلم البعض بتوفير مال كاف لشراء منزل أو
تعليم أولادهم في الجامعة إذ إن ليبيا بالنسبة للعمال المصريين دولة ثرية
منتجة للنفط يمكن أن توفر وظائف ولم يكن لحكم القذافي لبلاده بقبضة من حديد
مكان في المعادلة.
والآن تقطعت بهم السبل في بلدة حدودية غير
مدركين للانتفاضات التي تجتاح العالم العربي والتي تستأثر باهتمام العالم
ويتشككون في أن مصر الجديدة بوسعها مساعدتهم.
وقال محمد سيد (27
عاما) وهو عامل مهاجر من صعيد مصر "أمثالنا لا يفكرون كثيرا في الثورات. كل
ما يقلقنا أن نتمكن من ارسال نقود كافية لأهالينا كل شهر".
"كل ما أعرفه أن من الأفضل أن توفر لنا الثورة وظائف حين نعود لديارنا".
وقال
الاتحاد الدولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر، وهو أكبر وكالة إغاثة من
الكوارث في العالم، أمس السبت، إن نحو 25 ألف شخص عبروا الحدود من ليبيا
لتونس هربا من أعمال العنف.
وأضحت الحياة في ليبيا غير محتملة للمصريين.
ويقول
العمال المهاجرون إن بلطجية من أنصار الحكومة يحملون مناجل وهراوات
هاجموهم بعد كلمة نجل معمر القذافي التي حمل فيها أجانب مسؤولية الثورة.
ويخشى
كثيرون مغادرة منازلهم، وفجأة أضحت النظرة للمصريين على أنهم من مثيري
المشاكل؛ لأن الأحداث في بلدهم شجعت الليبيين على محاولة الإطاحة بالقذافي.
وقال
يوسف سعيد وهو يحمل شطيرة قدمها له متطوع تونسي عمل لساعات طويلة لاستقبال
سيل من المصريين يعبرون الحدود "هؤلاء البلطجية هاجمونا وقالوا إن
المصريين سبب كل المشاكل. نعتونا بالكلاب المصريين".
وتلاشى خطر التعرض لهجوم، ولكن أضحى العمال المصريون الذين كانوا ينعمون بعمل ثابت ومستقر يواجهون حالة من عدم اليقين.
وقال أحمد محمد المزارع الذي يعول أسرة كبيرة من 11 فردا "ماذا سوف أفعل في مصر؟ لا أدري كيف سأعول أسرتي. ماذا ستفعل لي الثورة؟"
ووقف
وغيره من المصريين إلى جوار حقائب ضخمة حملوها على ظهورهم عبر الحدود
واستخدم آخرون حبالا لوضع متاعهم على الشحنات. وتبرز ثورات الغضب التي
تتفجر من آن لآخر حالة اليأس.
وصرخ رجل وسط نظرات حشد غاضب "سمعت أن
وزراء مصر أمروا بإرسال 39 طائرة لنقلنا وأن سفينة ستصل إلى هنا. أين كل
هذا؟ ماذا ستفعل لنا الحكومة الجديدة".