بعد تعهد المجلس الأعلى للقوات المسلحة بتسليم السلطة إلى حكم مدني خلال 6 شهور،
حذر العاملين الذين يستغلون الحرية الجديدة في الاحتجاج، مطالبين بزيادة الأجور،
وتحسين الأوضاع، وطالب بتوقف مثل هذه الاحتجاجات.
والمجلس الأعلى
للقوات المسلحة الواقع تحت ضغط من النشطاء للإسراع بوتيرة الإصلاح سلك نهجا هادئا،
منذ توليه المسؤولية بعد سقوط الرئيس المصري حسني مبارك، ولكنه قال، مساء أمس
الجمعة، إن التوترات العمالية تضر بالأمن القومي للبلاد.
وجاء ذلك وسط
احتفالات للملايين في شتى أنحاء مصر، التي أطلقت فيها الألعاب النارية، وشهدت
موسيقى ورقصا، احتفالا بمرور أسبوع على تخلي مبارك (82 عاما) عن الرئاسة، بعد 30
عاما أمضاها في السلطة.
وقال المجلس الأعلى في تصريح أذاعته وسائل الإعلام،
"المجلس الأعلى للقوات المسلحة لن يسمح باستمرار تلك الممارسات غير المشروعة، لما
فيها من خطورة جسيمة على الوطن، وسيتم مجابهتها واتخاذ الإجراءات القانونية حيالها،
لحماية أمن الوطن والمواطنين."
وكتبت صحيفة أخبار اليوم في عنوان "مش وقته"،
مضيفة، "حالة من الشلل أصابت اقتصادنا القومي بسبب الإضرابات والاعتصامات التي ضربت
مصر خلال الأيام الماضية."
ومن المقرر أن تفتح البنوك أبوابها غدا الأحد
ببداية أسبوع العمل في مصر، بعد أن كانت مغلقة الأسبوع الماضي، بسبب الإضرابات
والاعتصامات، ويقول المجلس الأعلى للقوات المسلحة، إن هذه خطوة مهمة تجاه إعادة
الحياة إلى طبيعتها.
وللعاملين شكاوى كثيرة، وما يوحدهم هو شعور جديد
بالقدرة على التعبير في عهد ما بعد مبارك.
ورحب رجال الأعمال بتصريح المجلس
الأعلى، ولكن كانوا يريدونه قبل ذلك.
وقال سامي محمود، عضو مجلس إدارة شركة
النيل للمجمعات الاستهلاكية، "أعتقد أنه قرار متأخر كان يلزمه بيانا شديد اللهجة
لكل الاعتصامات، بالتوقف فورا حينما تنحى الرئيس مبارك."
وصرح وليد عبد
الستار، وهو رجل أعمال في قطاع الطاقة، "بالرغم أن البيان ده كان لازم يطلع من
بدري... أعتقد أن الجيش كان مستني الناس يأخذوا راحتهم في التعبير عن النفس
ويستمتعوا بروح الحرية."
وعزز رسالة العودة إلى العمل الشيخ يوسف القرضاوي،
رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الذي أم المصلين في صلاة الجمعة أمس بميدان
التحرير في وسط القاهرة، قائلا، "أنا أنادي كل من عطل العمل، وأضرب أو اعتصم أن
يؤيد الثورة بالعمل.. اصبر."
والعديد من المصريين حريصون على عودة الحياة
إلى طبيعتها، والبدء في كسب القوت ثانية، وإحياء الاقتصاد الذي تضرر.
ولم
تعد الحياة إلى طبيعتها بعد في مصر، بعد الثورة التي اندلعت في 25 يناير، واستمرت
18 يوما، فالمدارس ما زالت مغلقة والدبابات ما زالت منتشرة في شوارع المدن
الرئيسية، والإضرابات مستمرة في القطاع العام بشتى أنحاء البلاد.
وأشار
تصريح المجلس الأعلى للقوات المسلحة أيضا إلى "قيام بعض العناصر بمنع العاملين
بالدولة من أداء أعمالهم، ما يعيق سير العمل، ويؤدي إلى تعطيل الإنتاج ومضاعفة
الخسائر."
وتابع، أن عناصر أخرى تقوم "بالاستيلاء على أراض والبناء
عليها."
وأضاف المجلس الأعلى في تصريحه شديد اللهجة دون تحديد الإجراءات
التي سيتخذها ضد هذه العناصر، "المجلس الأعلى للقوات المسلحة لن يسمح باستمرار تلك
الممارسات غير المشروعة."
ووقعت الاحتجاجات والاعتصامات والإضرابات في
المؤسسات الحكومية في شتى أنحاء مصر، بما في ذلك البورصة، وشركات المنسوجات،
والصلب، والمنظمات الإعلامية، والبريد، وهيئة السكك الحديدية، ووزارة الثقافة،
ووزارة الصحة.
وفي مؤشر على التوتر الاقتصادي ما زالت البورصة المصرية مغلقة
منذ 27 يناير، وقالت، إنها ستبقى مغلقة إلى حين التأكد من أن البنوك تعمل بشكل
طبيعي.
وقال مسؤولون بمطار القاهرة، إن 9 شركات طيران ألغت رحلاتها من وإلى
القاهرة اليوم السبت، ودفعت الاحتجاجات السفارات الأجنبية إلى إصدار تحذيرات بالسفر
إلى مصر، ما أضر بالسياحة.
وقال المجلس الأعلى للقوات المسلحة في تصريحه،
إنه يتفهم مطالب العاملين، "وتم تكليف الجهات المعنية بالدولة بدراستها، والعمل على
تحقيقها في التوقيتات المناسبة."
ولكن أكد "ضرورة قيام المواطنين الشرفاء
بتحمل مسؤوليتهم تجاه الوطن، والتصدي لأي عناصر غير مسؤولة."
وأضاف،
"استمرار حالة عدم الاستقرار، وما ينجم عنها من تداعيات سوف تؤدي إلى الإضرار
بالأمن القومي للبلاد."
ورحب المحتجون المطالبون بالديمقراطية بتعليق الجيش
الدستور وحل البرلمان وإجراء استفتاء على التعديلات الدستورية، ولكن ما زالوا
يطالبون بالإفراج الفوري عن المعتقلين السياسيين، وإلغاء قانون
الطوارئ.
وقالت مصادر قضائية، إن محكمة في القاهرة وافقت اليوم على تأسيس
حزب سياسي مصري، كان يسعى للحصول على ترخيص منذ 15 عاما.
وتقدم حزب الوسط
بطلب للحصول على ترخيص من السلطات أربع مرات منذ التسعينيات، وبصدور حكم المحكمة
اليوم يصبح أول حزب يحصل على وضع رسمي منذ أن تخلى مبارك عن الرئاسة في 11 فبراير.