مغتربون مصريون يتصلون بأرقام عشوائية للتهنئة بنجاح الثورة أحداث كثيرة تابعناها، العديد من البيانات الرسمية، إشاعات، حقائق،
تكهنات بعضها صحيح بعضها خاطىء، ساعات وساعات من نشرات الاخبار حول الوضع
فى مصر، أيام طويلة مرات علينا دهوراً حتى حدث ما حدث ونال شعب مصر ما
طالب به.
"تنحى الرئيس السابق محمد حسنى مبارك"
أو تخليه عن الحكم كما قال نائبه السيد "عمر سليمان".. حينها إنطلق مئات
الآلاف من أبناء القاهرة نحو المكان الأشهر "ميدان التحرير" ليذيعوا
البيان مرات عديدة ليصدق من عجز عن التصديق، والاغانى الوطنية التى تشعل
من فرحة هؤلاء الشباب.
الوضع لم يختلف كثيراً فى بقية المحافظات
ايضاً، فكل محافظة بها مكان رئيسى ذهب اليه سكانها للإحتفال، ليلتها عاد
الشباب منازلهم قرابة الفجر.. ولكن ماذا عن المغتربين فى الخارج، الذين
قضوا ليلتهم بين القنوات التليفزيونية المختلفة يحاولون معايشة الحدث
والإحتفال مع اخوانهم المصريون بما يحدث.
دون اى تعارف، ودون اى
محاولة لإطالة الحديث قام البعض بالبحث عن هاتفه المحمول والاتجاه لجهاز
الكمبيوتر الخاص به والبحث عن أرقام تليفونات برقم عشوائى على الشبكة، ثم
الإتصال بها للتهنئة.
أحدهم كان من "قطر" مصرى متزوج من مصرية وله
إبنة صغيرة، بدأ حديثه بالإعتذار عن الإزعاج ثم التعريف بنفسه قائلاً إنه
مصرى يعمل بدولة قطر العربية، لا يستطيع القدوم لمصر الآن حتى "يقبل"
أيادى وأقدام ثوار مصر الآحرار الذين ناموا ليالى الشتاء فى الشارع.
تحدث
وصوته ينذر بالبكاء عن شعوره بالفخر لكونه مصرى، والآسف انه لم يكن هنا
ليساعد الشباب فى ثورتهم ضد الفساد والظلم كما يقول، ولكنه سيعود بعد ان
اصبحت بلده "بلده" بحق وليست تابعة لشلة الخونة السابقين.. ثم انهى حديثه
برجاء المباركة للجميع، وان هذا هو رقمه الخاص وفى حالة احتاج اى شخص بأى
حال لمساعدة او معونة مالية منه ما عليه فقط سوى الاتصال فالمال لا قيمة
له فى حب مصر كما يرى.
شاب مصرى آخر له نفس الظروف ولكن مع الإختلاف
فى مكان العمل، فهو يعمل بتونس الشقيق الثورى، بدأ حديثه اول ما بدأ فقال
"مصر حره.. والشعب الحر أسقط النظام".
ثم شرع فى التعريف بنفسه وانه
مصرى يعمل مهندس بتونس، وانه وقت الثورة التونسية طالما تمنى ان يحيا بمصر
فى ظروف مشابهه، وان يرفض المصريون نظامهم المستبد كما يقول والذى كان
السبب فى "طفشان" الآلاف من شباب البلد للخارج.
ثم يضيف ان ما حدث
فى مصر فاق كل التوقعات، وبعيداً عن التحليلات السياسية والامور المنطقية
لا يزال ذلك الشاب المصرى غير قادر على إستيعاب ما حدث، كما قال بنبرة
مليئة بالصدق "نفسى امشى فى ميدان التحرير ساعة، وأصلى على أرواح الشهدا
وأموت بعدها".
ثم انهى حديثه انه حتى وان عايش الثورة التونسية الا
ان ثورة شباب بلده لابد وان لها مذاق اخر بالنسبة له، وان اكثر ما يحز
بنفسه انه لم يشارك الشباب كفاحهم "النظيف" ضد نظام طال الصمت على اخطائه.