أصيب البابا شنودة الثالث، بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية بصدمة كبيرة
لحظة سماعه نبأ تنحي الرئيس حسني مبارك عن السلطة مساء الجمعة، حتى أنه انخرط في
نوبة بكاء حزنا على رحيل الرئيس الذي كان له الفضل في إعادته إلى الكرسي البابوي،
بعد وصوله إلى الحكم وحافظ على علاقة قوية معه على مدار 30 عاما هي الفترة التي
أمضاها بمنصبه.
وروى أسقف بارز بالمجمع المقدس كان متواجدا إلى جوار البابا شنودة حينما استقبل
بيان نائب الرئيس السابق عمر سليمان بحالة من عدم التصديق والصدمة، حيث أصيب بنوبة
هيستيرية من البكاء المرير مرددًا: "مش ممكن إزاي ده حصل، أنا لا أصدق ما يحدث، إنه
كابوس بشع"، على حد ما نقل عنه.
وأضاف أن البابا شنودة استشار مقربين منه حول ما يمكن أن يفعله بعد أن هاجم
الثورة والثوار، وأبدى ولاءه التام لنظام الرئيس مبارك، فنصحوه بأن يعمل على تدارك
هذا الأمر عبر الإدء بتصريحات تؤكد وقوفه إلى جانب التغيير، وحتي لا يخسر ولاء
الأقباط له خاصة وأن حديثه عن تأييد الرئيس خلّف رفضًا عارمًا في الأوساط القبطية
وتظاهر الآلاف من الأقباط في ميدان التحرير بالمخالفة لتعليماته.
ومن المقرر أن يعلّق البابا شنودة على ذلك خلال حديثه في عظة الأربعاء، حيث
سيبرر موقفه المثير للجدل بأنه لم يصله صورة مكتملة عما يحدث وكان يود أن يخرج
الرئيس مبارك بطريقة "أرقى" من تلك التي خرج بها من الحكم.
كما سيقوم بالإشادة بـ "الثورة البيضاء" والتضحيات التي قام بها الشباب، حتى لا
يخسر الشباب الأقباط الذين التفوا حول الأنبا موسى أسقف الشباب، ودفعهم للمشاركة
الإيجابية في التظاهرات منذ بدايتها.
وأضافت المصادر إن البابا سيعمل على تحسين "صورته" أمام الرأي العام خلال الفترة
المقبلة، عبر التظاهر بأنه لم يكن ضد الثورة، وإنما ضد إشاعة الفوضى وحالة عدم
الاستقرار في محاولة لتبرير موقفه.
ويقول مراقبون إن الهدف من تغيير موقف البابا هو ضمان مشاركة الأقباط في الحكومة
المقبلة حتى لا يخسر النظام الجديد بعد أن راهن على استمرار مبارك.
وفي هذا السياق، كتب الأنبا موسي أسقف الشباب أمس مقالاً حيا فيه ثوار التحرير
تحت عنوان "مصر وُلدت من جديد"، أكد فيه أن مصر عادت شبابًا بسواعد شبابها الذين
اختزنوا مع الغضب النبيل على مظاهر الفساد، والإثراء غير المشروع، والاستبداد
السياسي، وانفراد "شلة" بالحكم، وقمع، وتعذيب.. إلخ. كان هذا كله كبركان ثائر، يقبع
فى أعماق شبابنا ينتظر لحظة الانفجار، ولذا فقد اجتمع المسلمون مع المسيحيين،
والأغنياء مع الفقراء، والمتعلمون مع البسطاء، والشباب مع الأطفال والكبار، كل
"عائلة" مصر اجتمعت على قلب رجل واحد، يطلبون الخلاص، ويتطلعون إلى الحرية، وقد بدا
هذا المخزون واضحًا، في ثورة بيضاء، انتصر فيها الدم على السيف، حين قدم شبابنا
حوالي ٣٥٠ من شهداء الوطن، وآلاف المصابين، وقد اتضح هذا المخزون الحضاري فى أمور
كثيرة منها (الارتفاع من الشخصي إلى الموضوعي، ومن الطائفي إلى الوطني، ومن الفئوي
إلى عموم الشعب، التظاهر السلمي، حيث تظاهروا فاتحين صدورهم للطلقات المطاطية،
والقنابل المسيلة للدموع، فسقط منهم قتلى ومصابون".
وأشاد بالتلاحم بين المسلمين والأقباط لسد الفراغ الذي خلفه انسحاب الأمن، مشيرا
إلى "اللجان الشعبية، التي حلت محل جهاز الأمن، فحرست البيوت والأفراد، فرأينا
إخوتنا المسلمين يحرسون الكنائس، فلم يحدث أدنى اعتداء على أي كنيسة فى أنحاء
القطر، وطنية الجيش المصري، الذي تعامل مع الشباب والشعب بأسلوب حضاري رائع، وصبر
عجيب، وحميمية بالغة، روح الحوار، وها نحن نرى حوارًا وطنيًا شاملاً، فى قاعات
الدولة، ومقار الأحزاب، وميدان التحرير، وميادين المحافظات، وشاشات التليفزيون،
طوال اليوم، وكل يوم، لا يفكرون فى شيء إلا فى مصر، مصر المستقبل، المطالب الشرعية:
فلم يطلب الشباب سوى:
أ- الحرية السياسية: التي تتطلب دستوراً جديداً، يكفل حرية تكوين الأحزاب،
والانتخابات الحرة النزيهة، بغية الوصول إلى دولة مدنية حديثة، وجمهورية
برلمانية.
ب- التنمية الاقتصادية: من خلال مكافحة البطالة والفساد، وإيجاد فرص عمل للشباب،
تتناسب مع طموحاتهم المشروعة، من أجل حياة كريمة.
ج- العدالة الاجتماعية: فهناك الآن فرق شاسع بين طبقات ثرية للغاية، وملايين
يسكنون العشوائيات.. ونحن نتمنى لو أن كل ملياردير مصري بنى مجموعة مساكن بسيطة
لهؤلاء، وللشباب الراغب فى الزواج، حتى ولو بإيجار بسيط.
وسبق أن كتب الأنبا موسي مقالا يوم 10 – 2 – 2011، بعنوان "تسونامي" الشباب
المصري حيا فيه الثورة وهو ما سبب حرجًا بالغًا للبابا شنودة الذي يزعم دائما أن
الأقباط يؤيدون مبارك علي طول الخط