انتقد أعضاء فى مجلس النواب الأمريكى سياسة إدارة الرئيس باراك أوباما «المتذبذبة» تجاه مصر، فى الوقت الذى عبروا فيه عن قلقهم من سيطرة جماعة الإخوان المسلمين على السلطة، وطالبوا بإعادة التفكير فى المساعدات الأمريكية لمصر التى تشهد احتجاجات متواصلة تطالب برحيل الرئيس حسنى مبارك (82 عاما) عن الحكم.
وقالت النائبة الجمهورية ورئيسة لجنة العلاقات الخارجية اليانا روز ليتنن خلال جلسة استماع للجنة أمس الأول حول مصر إن واشنطن فشلت فى توقع الاحتجاجات، وفى استخدام النفوذ والمساعدات الأمريكية لدعم قوى الديمقراطية، وبدلا من ذلك ركزت على الشخصيات التى من الممكن أن توفر الاستقرار القصير المدى.
من جهته، شدد العضو الديمقراطى هاوارد برمان على أن المساعدات الأمريكية لمصر ينبغى أن تستمر «ما دام الجيش يلعب دورا بناء فى تحقيق انتقال إلى الديمقراطية». بينما قال النائب الديمقراطى جارى أكرمان إنه يجب قطع المساعدات، منتقدا الموقف الأمريكى المتقلب من الأزمة، قائلا: «بعد أن ضغطنا على مبارك للتنحى وبعد أن عبرنا عن استيائنا من التعرض للصحفيين والمتظاهرين، فإننا نتذبذب ونتقلب فى سياستنا الآن، فهل تريد الإدارة العودة إلى الاستقرار.. ولكن فى صورة تغيير!».
وردا على أسئلة النواب، وجه مدير معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى روبرت ساتلوف انتقادات لاذعة لموقف إدارة أوباما بشأن مسألة تخلى مبارك عن السلطة، موضحا أن «مبارك قال ثمانية أشهر (حتى نهاية ولايته الخامسة فى سبتمبر)، اوباما قال الآن. كل يوم يمر هو انتصار لمبارك».
فيما أشاد المسئول السابق فى عهدى رونالد ريجان وجورج بوش الابن، اليوت ابرامز بسياسة بوش قائلا إن «الرئيس بوش كان محقا عندما اقر مشروعا للحرية للشرق الأوسط»، مشددا على أن «المساعدة الأمريكية لمصر يجب ألا تتوقف كما اقترح بعض النواب، بل المطلوب استخدامها فى تعزيز الديموقراطية».
وفى مواجهة هذه الانتقادات، أكدت واشنطن أنه يتعين على الحكومة المصرية القيام بالمزيد تلبية لمطالب المحتجين فى الشوارع، فى تصعيد واضح للهجتها إزاء واحدة من أهم حلفائها فى منطقة الشرق الأوسط. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض روبرت جيبس إن واشنطن تنتظر خطوات «حقيقية وملموسة» لتسريع انتقال السلطة، مضيفا أنه «ليس من الغريب أن يرى المرء ما يحدث فى شوارع القاهرة بالنظر إلى تقاعس الحكومة (المصرية) عن اتخاذ خطوات للوفاء بمطالبهم».
من جهته، نفى مسئول التخطيط السياسى فى وزارة الخارجية جيك سليفان أن تكون بلاده تدعم نائب الرئيس عمر سليمان كخليفة للرئيس مبارك، قائلا: «لم ندعم شخص سليمان أبدا. بل دعمنا العملية الانتقالية بقيادة سليمان».
فى غضون ذلك، وبعد أن ساد اعتقاد بأن مشروع قرار مجلس الشيوخ بالضغط على مصر لتبنى إصلاحات سياسية قد لفظ أنفاسه الأخيرة، صرح العضو الجمهورى جون ماكين بأن هناك مشاورات مع رئيس لجنة العلاقات الخارجية الديمقراطى جون كيرى لإعادة تقديم مشروع القرار بعد إدخال تعديلات جوهرية عليه، خاصة بعد مشاهدة العالم لأسلوب تعامل الحكومة المصرية مع المظاهرات السلمية الداعية إلى ديمقراطية حقيقية.
ويدعو هذا المشروع الحكومة المصرية إلى إصلاح حقيقى سريع. وقال ماكين: «أواصل الاستماع إلى كثيرين يؤكدون أن المصريين قد وظفوا أقوى لوبى فى واشنطن للمقاتلة من أجلهم.. لا يعرف حجم تأثير تمرير مثل هذا المشروع على سلوك الإدارة، إلا أنه من الأهمية أن يتم تمريره فى هذا التوقيت».
وكان مشروع القرار الأصلى ينادى بعدة نقاط أساسية أهمها: إجراء انتخابات حرة، والسماح لمراقبين دوليين ومحليين بالإشراف على الانتخابات، وأن تتوقف أجهزة الأمن عن استخدام العنف، وإنهاء الاعتقالات غير القانونية والتعذيب وكل أنواع الانتهاكات ضد الإعلام والنقابات والنشطاء المدافعين عن حقوق الإنسان، إضافة إلى إلغاء جميع التشريعات التى تحظر حرية التجمع وحرية تشكيل جمعيات وحرية التعبير عن الرأى قبل انتخابات 2010.
إلى ذلك، تحدث خبراء خلال جلسة استماع مجلس النواب عن «خطر الإسلام المتشدد فى مصر». وقال ساتلوف إن «جماعة «الإخوان المسلمين تأسست لأسلمة المجتمع والحكم بحسب الشريعة» الإسلامية، مضيفا «انهم لم يتخلوا عن أهدافهم»، مضيفا أن «مسألة تسلل القاعدة إلى مصر أمر يثير القلق».
وفى علامة جديدة على القلق الإسرائيلى، اجتمع وزير الدفاع الإسرائيلى إيهود باراك فى واشنطن مع نظيره الأمريكى روبرت جيتس ووزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون ومستشار الأمن القومى الأمريكى توماس دونيلون، حيث تناولوا الوضع فى مصر. وجاء فى بيان أصدره البيت الأبيض أن المسئولين الأمريكيين أكدوا التزام واشنطن الراسخ بأمن إسرائيل واستمرار الدعم العسكرى الأمريكى لإسرائيل والتعاون الأمنى بين البلدين.